18 ديسمبر، 2024 10:00 م

لماذا لم يرتفع سعر صرف الدولار لأكثر من 1500 دينار ؟!

لماذا لم يرتفع سعر صرف الدولار لأكثر من 1500 دينار ؟!

تقول نظريات الاقتصاد أن السعر يتحدد في الأسواق بضوء تفاعل وآليات العرض والطلب فالسعر يتحدد استنادا لهذين العاملين ولتأثيرات مجموعة من المتغيرات الرئيسية والفرعية التي ليست هي مقصدنا اليوم ، فالقصد إن نظرية العرض والطلب لم نجدها حاضرة فيما يخص أسعار صرف الدولار منذ بداية العام الحالي ، والدليل إن سعر الصرف السائد يقترب من حافات ال1500 دينار ولكنه لم يبلغه في ( السراء والضراء ) أي رغم تباين العرض والطلب ، وكما هو معلوم فان حكومة ألكاظمي جعلت أسعار الصرف 1470 دينار للمواطن بدلا من 1200 دينار بمسوغ زيادة إيرادات الدولة ومواجهة العجز الحكومي والابتعاد عن إلافلاس بسبب انخفاض أسعار النفط ، وحينها ظلت أسعار الصرف تراوح مكانها فتزداد بعدد محدود من ( النمر ) ثم تعاود مستوياتها دون ارتفاع ملحوظ ، وبعد انتهاء ولاية الحكومة ومجيء حكومة السيد محمد شياع السوداني ارتفعت أسعار الصرف لمستويات غير مسبوقة تجاوزت أحيانا 1700 دينار بسبب القيود الأمريكية على التحويلات ، ولأسباب مختلفة ولكي تهدأ الأسواق فقد تم الاتفاق بين الحكومة والبنك المركزي لتعديل أسعار الصرف إلى 1320 دينار منذ 7 شباط من العام الحالي ، وصحيح إن ارتفاع أسعار السلع توقف عن ارتفاعها غير المسبوق إلا أنها لم تشهد انخفاضا ملحوظا لان أسعار الصرف لم تتغير و تراوحت بين 1450 – 1490 دينار رغم ما اتخذته الحكومة والبنك المركزي من إجراءات ، فالأجراء الأول كان تخفيض أسعار الصرف ثم تغيير محافظ البنك العراقي وأعقبه نقل نائب المحافظ لهيئة الأوراق المالية ، كما تم اتخاذ حزمة من الإجراءات لتوفير الدولار للأسواق أبرزها تسهيل حصول المسافرين على الدولار بالسعر الرسمي بمعدل 7000 دولار شهريا تم تخفيضه إلى 2000 دولار ثم عدل فيما بعد إلى 3000 دولار ، كما تم تشجيع وتسهيل التعامل مع المنصة الالكترونية في تحويل الدولار لمختلف الأغراض لتكون متاحة للصناعيين والتجار ولمختلف الأغراض بما لا يتقاطع مع شروط الفدرالي الأمريكي ، وتم ضخ كميات غير مسبوقة من الدولار من نافذة بيع الدولار في البنك المركزي لتبلغ مليار ونصف دولار أسبوعيا وبمعدل يزيد عن 250 مليون دولار يوميا للتحويلات والبيع النقدي للمصارف والشركات .
ورغم حزم الإجراءات التي أعلنها البنك المركزي والجهود ( الجبارة ) التي بذلتها الأجهزة الرقابية والأمنية في السيطرة على أسعار الصرف لإعادتها لمستوياتها الرسمية في ما يسمى السوق الموازي ، إلا إن الأسعار تلامس ال1500 ثم تعاود الانخفاض لما لايقل عن 1450 إلا في بعض اللحظات وهي لم تبلغ 1320 دينار في تلك الأسواق قط ، وتلك الأمور جعلت المواطن يسال بشكل واضح كل يوم ما هي القوة التي تتفوق على كل الإجراءات والمساعي وتبقي أسعار الصرف لما هي عليه ؟! ، وسؤال المواطن ليس من بطر او لمجرد سؤال وإنما بحرقة شديدة كون المستفيدون من ارتفاع أسعار الصرف لا يزالون ثلة من المجهولين الذين يتم وصفهم بمجموعة من الأوصاف والنعوت ولكن لم يتم الكشف عنهم ومقاضاتهم عن عدم استقرار أسعار الصرف رغم ما تمتلكه الدولة من أجهزة وأدوات ، وأسعار الصرف التي تختلف كثيرا عن الأسعار الرسمية تسبب ضررا لكل المواطنين لان اغلب احتياجات الناس يتم توفيرها بالاستيراد ، وأسعار السلع والخدمات السائدة في الأسواق تتأثر بالدولار رغم ما تصدره الدولة من قرارات للحد من الدولرة في الأسواق ، وينطبق ذلك على كل أسعار السلع والخدمات المستوردة والمحلية فهي وان استقرت إلا إنها لم تنخفض شيئا ملحوظا منذ تخفيض أسعار الصرف ، والفرق بين ما يزيد عن 1320 لم يستفيد منه المواطن ويذهب لجيوب من يسمونه تارة مافيات وتارة أخرى فاسدين وفي مرات يسمونهم متلاعبين ، ومهما اختلفت تسمياتها فإنهم ( يجنون ) ملايين الدولارات ومليارات الدنانير من التباين بأسعار الصرف بين الرسمي – الموازي ، وليس المواطن هو المتضرر الوحيد من هذا الفرق بل إن الدولة تخسر المليارات من تغيير أسعار الصرف وذهابه لمنفعة ( المتلاعبين ) ، فلو كانت أسعار الصرف بما يوازي السائد في الأسواق لذهبت تلك الأموال في إيرادات الموازنة الاتحادية بدلا أن تذهب لأفراد وجماعات لا يعرف كيف سيتصرفون بهذا الكم الهائل من الأموال !! .
والبعض يسال إذا كانت الإجراءات التي تتخذها الدولة ممثلة بالبنك والمركزي والحكومة ومن يساندها من الجهات الرسمية لم تتمكن من إعادة أسعار الصرف لمستوياتها الرسمية منذ شباط الماضي ولحد اليوم ، فما هو سر القوة الخفية تحافظ على أسعار الصرف لكي لتكون قريبة من ال1500 ولا تتعداه؟ ولماذا لا تقفز أسعار الصرف إلى 1600 دينار او أكثر في بعض الأيام كأيام العطل والمناسبات التي يزيد فيها سحب المواطنين والتجار على الدولار ( الطلب ) وتوقفت مبيعات البنك المركزي ( العرض ) ، وأين نظريات العرض والطلب من هذه القضية التي تحير الأذهان ؟! ، ولأن القضية فيها غرابة أكثر من حدود المعتاد وفيها العديد من الأسئلة وعلامات الاستفهام التي لا نمتلك إجابات عنها او القدرة على فك طلاسمها ، فإننا نكتفي بهذا القدر لعلنا نجد إجابات ممن يعنيهم الأمر عن السر الذي يجعل أسعار الصرف بعيدة عن مستوياتها الرسمية ولكنها لا تقترب من الخط الأحمر ، والخط الأحمر ربما هو الخوف من المواطن وغضبه كونه المتضرر من ارتفاع أسعار الصرف في حال تتعدى حدود أل 1500 دينار ، ونقول خط احمر لان المواطن تعود الأسعار الحالية للمواد في الأسواق من أيام حكومة ألكاظمي وباتت شبه مستقرة ، ومن يمتلك القدرة في السيطرة على أسواق الدولار قد حسب حسابات دقيقة لكي يبقي أسعار الصرف لما هي عليه كي لا تنفلت أسعار سلع الناس ، فعندما يتعدى السعر 1500 سيكون الفرق واضحا وربما تسبب اضطراب واحتجاج يرقى لمختلف الاحتمالات بمعنى أنهم يدركون ما يفعلون ، وذلك مجرد ظن رغم إن بعض الظن إثم !! .