18 ديسمبر، 2024 9:47 م

احصائيات.. وعلاج

احصائيات.. وعلاج

مع زحمة الضخ الإعلامي، وكثرة الأحداث وتشعبها، تمر بنا وعلى استحياء او غفلة او مكر حتى، تلك الإحصائيات المخيفة التي تكاد تهزه المجتمع بأسره هزاً!

آلاف حالات الطلاق في شهر واحد، عشرات يلقى عليهم القبض متلبسين تعاطياً أو تجارة للمخدرات، حوادث قتل مرعبة يرتكبها بعض المرضى والمجرمين بحق ذويهم من أب وأم وزوجة وأبناء.. بل وأطفال… يا للمصيبة العظمى!!

صورة مأساوية لا تكاد تجد اهتماماً يناسبها، فإذا كان هناك عذر للبعض بسبب الاكتواء بنيران تموز، ومحاولة علاج مرض الكهرباء المزمن وغيرها من مشاكلنا اليومية، فان العذر لن يكون مقبولاً لمجتمع بأكمله يسير نحو الهاوية دون أن نشعر، ولإدارة أثقلتها هموم البلد ولهم الحق في ذلك، ولكنها قد تجد نفسها تحاول تذليل الصعوبات لشعب يكاد يتلاشى ويذوب هوية وانتماءً وسلوكاً.

ولا أريد هنا الخوض في تحليل تلك الظواهر، وبيان أسبابها، فذلك حديث يطول، وقد أفاض فيه المختصين إلى حد كبير، ولكن الأهم هو الشروع بالمعالجة التالية لحالة الاهتمام بالموضوع وبالقدر الذي يستشعر خطورته.

وهنا أجد ان هناك محورين مهمين لا بد من الوقوف عندها:

الأول: تفعيل حالة الوقاية قبل الوقوع في المحذور ومن ثم تغدو تكلفة العلاج كبيرة جداً على المستوى المادي والبشري على حدٍ سواء.

الثاني: فسح المجال لعلماء الاجتماع والنفس ليقولوا كلمتهم وبشكل يجعلهم شركاء في المسؤولية وتنفيذ خطوات العلاج.

نعم لا ينكر ان هناك مبادرات مهمة للغاية في المحورين، ولكنها ما تزال دون المستوى المطلوب، فبعض الجهود الوقائية فردية، وتعبر عن مدى همة واهتمام أصحابها، في حين أننا ندعو هنا لتكون سياسة رسمية ومنهج تتبناه الدولة بأجهزتها كافة، وتضع له الخطط والبرامج والمشاريع التوعوية وتوظف كافة المؤسسات التربوية والمجتمعية والدينية في ذلك.

ومن الوقاية كذلك الصرامة في تنفيذ القانون، وترسيخ العدالة، وردع كل من يفكر بالإساءة، لإيقاف طوفان الانحدار.

كما ان لدينا آلاف المختصين بالدراسات الاجتماعية والنفسية وهم متوفرين اليوم وبكثرة، ولكن عملهم لم يؤطر بالشكل الذي يزيد من فاعليته، ويخرجه من زاوية التنظير إلى وصف العلاج وتقديمه لمن يحتاج.

هذا النداء أوجهه لكل صاحب سلطة وقرار، أن يبادروا لدراسة هذه الاحصائيات بدقة والوقوف عند تداعياتها المستقبلية على المجتمع العراقي، والشروع دون تردد او تأخير في امتلاك وصفة العلاج والبدء به ومتابعته حتى تحقيق الشفاء التام وليس ذلك بمستحيل للشعوب الحيّة الفاعلة.. التي تريد البقاء والنجاة.