17 نوفمبر، 2024 8:22 م
Search
Close this search box.

“السُبَيْس” يعبّد الطريق الى مجلس النواب العراقي

“السُبَيْس” يعبّد الطريق الى مجلس النواب العراقي

الكل فاسدون, لانهم عن السلطة والجاه والمال يبحثون , هكذا حال اغلب – او كل – من رشحوا انفسهم لعضوية مجلس النواب العراقي . من قبل كان شراء الاصوات بالمفرد – الشخصي او الاسري – من خلال بطانية او مدفأة نفطية يدفع بها الفقراء برد الشتاء عن انفسهم ويدفعون – من خلالها ايضا – فاسدا الى كرسي السلطة . او من خلال سلّة غذائية تسد رمق جوعهم وتشبع شره السياسي من المال العام . او من خلال وعد بتعيين ينقذ اسرة من عوز وفقر مدقع ويبلغ طالب سلطة ضالته , او من خلال حتى  ” كارت” اتصال . اما الاغنياء من المقاولين والتجار فشراؤهم وذممهم امرٌ يسير جدا قد يكون بصفقة من صفقات الفساد التي يتداولها السياسيون او من خلال  وعد بها او بمنصب او مقاولة ما في قادم الايام . وهم بالتالي شركاء بالفساد مع السياسيين بالاصل .
ولكن الغريب هذه الايام ان الرشى في الانتخابات تجاوزت ثلاثة خطوط (الزمان والانسان ونوع الرشوة) فالزمان مبكر اي قبل بدء الدعاية الانتخابية بعشرات الايام , والانسان ما عاد فردا او اسرة كما كان من قبل بل, سكان  قرية او حيّ كامل او اي تجمع سكاني لم تصله الخدمات , اما الرشوة فلم تعد كما كانت من قبل ايضا  وكما ذكرنا بل, تحولت الى مشروع يغري جماعة كبيرة , واذا لم يكسبها كلها لصالح الراشي فهو يكسب اغلبها اما صوتا انتخابيا في الصندوق او صوتا دعائيا في الشارع قبل انطلاق الدعاية الانتخابية واثنائها .  والرشوة كما شاهدتها هذه الايام هي, مادة “السبيس” التي شرعت تغطي الطرق الريفية على وجه الخصوص وخاصة في المناطق النائية التي لم تصلها الخدمات . لم يعد السبيس يعبّد الطرق للناس كي تسير عليها بل اصبح يعبّد الطريق الى مجلس النواب , واذا كان البعض يرى في تعبيد الطرق بالسبيس هو كرم وجود ومصداقية لمن يريد الوصول الى احد كراسي السلطة , فان هذا السبيس هو رشوة جماعية (لعن الله بها الراشي والمرتشي) واذا ظن البعض ان تعبيد الطرق بالسبيس هو عمل لوجه الله , ليسأل نفسه هذا البعض اين كان وجه الله قبل الترشح للبرلمان !؟ واذا كان البعض يرى انها تبادل منفعة . فاقول ان البائع لصوته بائع لوطنه ولمستقبله ولشرفه , فصوت الناخب شرفه ومستقبله وبلده , واذا كانت حفنة سبيس قد اعمت العيون, فاظن ان جني ثمارها من قبل الساعي الى الكرسي سوف يفطر قلب المواطن حسرة والما وندما , وليكف المواطن بعد هذا عن الاحتجاج على اعضاء مجلس النواب بسبب فسادهم وتقصيرهم في عملهم ونهبهم للمال العام واستغلالهم السلطة لمصالحهم الشخصية لان السبيس واخواته من البطانيات والمدافئ وغيرها  هو بيع للوطن , اي ان السبيس اصبح مقابل الوطن “بكل ما فيه”  .

أحدث المقالات