إشتكت هيئة النزاهة من إن ” استجابة رؤساء الأحزاب لطلب كشف الذمم المالية متدنية جداً”،ويأتي اجراء الهيئة تزامناً مع التحضيرات لانتخابات مجالس المحافظات وضمن اطار قانون الهيئة الذي “أوجب على رؤساء الجمعيات والاتحادات والنقابات والمنظمات ومؤسّسي ورؤساء الأحزاب السياسيّة الكشف عن ذممهم المالية، ومشروعية مصادر التمويل “.
مازلنا في بداية الطريق كما يقال ولدينا رؤساء أحزاب مشاركة في الانتخابات ” يحتقرون ” اجراءات هيئة النزاهة في الكشف عن ذممهم المالية ، رغم ان هذا القانون لايهش ولايبش منذ عقدين من الزمان ، وهو الشامل ، ليس لرؤساء الاحزاب والمنظمات بل من قمة الهرم الرسمي متمثلاً برئيس الجمهورية نزولاً حتى المدير العام ، وما لمسنا لاكشفاً ولا محاسبة ،من القمة الى القاعدة ،رغم كل مظاهر الاثراء وتضخم الاموال مباشرة أو عبر التلاعبات القانونية المتاحة التي تسهل اكتناز الاموال عن طريق فلسفة الفساد المالي التي انتجت لنا طبقة ” الثيران السمان” ، متجاوزين مرحلة الانفتاح المصرية بعهد انور السادات التي انتجت ” القطط السمان ” !!
هؤلاء الرؤساء الذين سيخوضون الانتخابات المحلية باسم احزابهم وكتلهم وتحالفاتهم ، هم انفسهم سيقدمون لنا مرشحيهم لقيادة المحافظات ، فأي مجالس محافظات ننتظرها المولودة من رحم احزاب وكتل لايقدم قادتها ذممهم المالية ومصادر تمويلهم الى الهيئة المكلفة بتطبيق القانون ، الذي من اهدافه حصر الفساد لمعرفة امكانات هذه الاحزاب قبل تسنم مناصبهم وبعدها !!
النزاهة النيابية نفسها تقول إن “عدم كشف الذمم المالية للمسؤولين في الأحزاب السياسية أو الحكومة والبرلمان يؤثر على جهود مكافحة الفساد” . ومنطقياً فان ” الاستجابة المتدنية ” في كشف الذمم المالية ، يعني عملياً عرقلة جهود مكافحة الفساد على تواضعها ، ويعني عمليا ، وهو ماسنشهده قريباً، اننا سنكون أمام جمهرة من المسؤولين الجدد أو القدامى ، لافرق، مرشحة من قبل قيادات تعرقل مكافحة الفساد ، باعتراف نائبة في البرلمان قالت بوضوح ان “الجميع يدرك أنه يتم تهريب الأموال إلى خارج العراق وأن هناك غسيل وتسجيل أموال بأسماء أبناء تحت السن القانونية، أو الزوجات، أو الأقرباء، أو المعارف وغيرها، فالسراق لديهم طرق كثيرة لإخفاء هذه الأموال، كما أن طرقهم غير تقليدية في السرقة والإخفاء، لذا فإن كشف الذمة المالية إجراء قانوني بلا جدوى، فالسارق لا يخشى شيئا اليوم، ومن يكشف ذمته المالية لا يعني أنه نزيه”.
قدرت هيئة النزاهة إن حجم الأموال المهربة منذ 2003، بنحو 350 مليار دولار، أي ما يعادل 32 بالمئة من إيرادات العراق خلال هذه الأعوام”!!
اقنعتنا المسيرة “المظفرة” لكشف الذمم المالية منذ انطلاقتها مع المسيرة ” المباركة ” للعملية السياسية ، انها مسيرة روتينية لاتجيد السباق مع ارانب لاتعرف النوم ولا الراحة ، فيما تسير عمليات الكشف على الطريقة الضفدعية شكلا ومضموناً ، أو كما يصف الاعشى مشي حبيبته :
غَرّاءُ فَرعاءُ مَصقولٌ عَوارِضُها
تَمشي الهُوَينا كَما يَمشي الوَجي الوَحِلُ
يتستر جماعة ” المتدنية ” بقاعدة الخصوصية الفردية ، متجاهلين ان هذه القاعدة ، لاتتطابق مع مواقعهم العامة رسمياً وشعبياً ، وهذه الخصوصية التي يدّعونها لامحل لها في منع كشف ذممهم المالية ،فبموجب المادة (3) من قانون هيئة النزاهة العامة رقم 30 لسنة 2011 يلزمهم الكشف ،ومن يخالف تلك المادة يكون قد ارتكب فعلا جرمه القانون ويخضع للمساءلة القانونية!!
فمن سيحاسب شريحة ” المتدنية جداً ” ؟ !!