أتاحت لنا فرضية الديمقراطية الحديثة بعد عام 2003 ولله الحمد أن نتعرف على مصطلح ما كنا نتجرأ للحديث عنه أو الانشغال بمعرفة ارقامه وماهيتها بيد أننا درسنا في التاريخ الحديث أهمية العراق كونه يطفو على بحر نفط وأن حكومات العراق بمختلف ايدولوجياتها وأعرافها كانت قد اعتمدت في اقتصادها وفي مختلف الازمان على الاقتصاد الريعي لتوفير حاجيات البلد سواء اكانت تقتضي مراحل السلطة فيها للحروب لتخصص من تلك الموازنات جزءا كبير لشراء السلاح بحجج الدفاع عن الأمة بأكملها ! أو الحديث فيما بعد عن ديمقراطية ستقحم العراق بحروب تحرير داخلية ! ستفرض أيضا وقعا جديدًا يسمح للسلطات في البلاد ان تحدد ماتريد من تلك الموازنات بفرضية التحرير !
بين الحقبتين تلك نظرية توارثناها ترديدا (نفط الشعب للشعب) وفق شعارات لا اكثر ! او دستور جديد اعاد لنا ذات الفكرة الأولى مع مراعاة بقاء ذات المضمون المبهم ! الذي يتحدث بكل الاحوال عن عنصر المفاجئة والذي سيلحقنا بدوره في حروب القادم وتخصيصات موازنات العراق للتحرير المرتقب كل حين !!!
نصف قرن بين قوسي معادلة العراق دكتاتورية تليها ديمقراطية ومن البديهي جدا ان لا يعرف الشعب العراقي مصير موازناته الكبرى ابان فترة الحكم الأولى ومن كان يتجرأ للسؤال طالما كانت الحجة جاهزة ومعنونة باتجاه (الخيانة العظمى) للسؤال حتى ؟ وطالما ان العراق في تلك الفترة كان المدافع الوحيد عن بوابة الأمة العربية بحسب وصف الحزب الحاكم حينها ! خمسة وثلاثون عاما بالتمام والكمال انقضت وحتى اللحظة لم نعرف أين تلك الموازنات ذهبت وكيف تحولت الى سلاح سيملئ أرض العراق بعد التحرير الأمريكي وتشكيل العراق الديمقراطي الفيديرالي الحديث !
ولربما الحالة من الاساس الأول وان اختلفت وتناقضت بفكرة الحكم نحو تطلعات الشعب لقادم افضل هي الأخرى لم تكن الأفضل وبكل الاحوال وفق نظرية الدستور الجديد التي اكدت أحقية الشعب العراقي بنفطه ! لكنها واقعا ووقعا لم تختلف عن الموازنات المبهمة الأخرى طوال التي سبقتها من الأعوام مع مراعاة شكلية الديمقراطية من حيث الفكرة ليس الا بالسماح للشعب للاستماع عن لغة الأرقام !!!
فمنذ عام 2005 وحكومات الاربع اعوام في العراق تتهم بعضها بهدر المال العام ! موازنات انفجارية يتحدث عن نواب البرلمان وحقيقة واحدة تقر ان الموازنة خاوية في فترة حكم السلطة اللاحقة في البلاد !!!
بلد نفطي واقتصاد ريعي وشعب شتته الحروب وارقام موازنات تتحدث عن غد افضل لا اكثر ! تلك هي الحالة الواضحة من الحديث المبهم طوال الخمسين عام … مابين تأميم للنفط أو هدر للمال العام او مابين دكتاتورية حروب خارجية او ديمقراطية خلافات داخلية . لا شيء يختلف عن الحالتين سوى التسميات …. أقرت موازنة الثلاث سنوات للأعوام 2023 و2024و 2025 بعد فصل ومشاهد تحدثت عن قبول وعن خلافات صادق الجميع على الموازنة العراقية ومازال عنصر المباغتة قادم طالما ان المكنون في جوهره يخضع لمفهوم المفاجئة في بلد قدر له أن يطفو على بحر من البترول ونسبة البطالة والفقر فيه تفوق حجم البترول وحجم الخلافات فيه تحترق كلما ذكر البترول ! وتقر حكوماته بأحقية ملكية الشعب لعائداته النفطية على الأقل من باب الانصاف لتريد ذات الشعارات لا اكثر !!