بعض المجتمعات تستلطف إستلاب إرادتها , والسعي لتحقيق الإرادات المفروضة عليها , فتدخل في دائرة مفرغة من التداعيات المتلاحقة , اللازمة لتحقيق أهداف الإرادات المفروضة عليها.
وعندما تكون الإرادات المفروضة فاعلة ومؤيدة من قبل القوى والأحزاب في ذلك المجتمع , ستلغي أية قدرة على تحقيق المصالح الوطنية , فيتحول المجتمع إلى وعاء يغلي ما فيه ويتقاتل ويتبعثر , ويسعى لتفجير الوعاء وتحطيمه بالكامل.
ذلك أن المسلمات التأريخية والصراعية تؤكد أن الإرادة المفروضة مهما أذعنت , فأنها غاشمة وظالمة ومدمرة للكيان الوطني , وللمجتمع الذي وفر لها منافذ التحكم بمصيره.
ولا يمكن للإرادات الخارجية أن تفرض من غير إرادات داخلية مروّضة ومتفاعلة معها ومتأثرة بها , بل ومستسلمة لمناهجها ومؤمنة بأهدافها وتطلعاتها اللازمة لتحقيق غاياتها وتوجهاتها.
وفي هذا الخضم تغيب الإرادة الوطنية والألفة والمعاني الإنسانية ,بأواصرها ومفرداتها المشتركة المتصاهرة المندمجة , المؤكدة على تحقيق البناء الوطني العزيز.
ومنذ بداية القرن الحادي والعشرين , إنطلقت سياسات فرض الإرادات , وتصارعها في غير أوطانها ومواضعها , فتحولت العديد من المجتمعات إلى سوح منازلات ملتهبة هوجاء , وهي مصادرة الإرادة ممنوعة الخيارات , وما عندها سوى أن تنفذ , وتدور في ناعور الويلات المطلوب , لتأدية فروض وطقوس سلب الإرادة.
وهذا يعني أنها مقهورة ومهزومة ومندحرة ومنهمكة بتدمير ذاتها وموضوعها , حتى لتجدها بلا قدرة على توفير أبسط متطلبات العيش الكريم لأبنائها أجمعين , بل تعمل على التخلص منهم وإبعادهم وتهجيرهم , وزجهم في السجون والمعتقلات من أجل عيون الإرادة المفروضة.
وتلك معضلة ومأساة مروعة تعيشها المجتمعات , التي فقدت إرادتها وما عادت تعنيها مصالحها , وهي تسعى نحو مزيد من الإتلاف الحضاري؟
فهل ستستعيد تلك المجتمعات إرادتها , وترتقي إلى حيث صيرورتها المثلى اللازمة للبناء الوطني القويم.