قديماً قيل ” ان الحقيقة في الحرب هي المظلوم الاكبر” وها هي الحقيقة ان بحثت عنها فلن تجدها الا وحيدة ضعيفة تجلس القرفصاء في الصف الاخير، قليل من يتفقدها كثير من يتجاهلها ومن صادفته سيشيح بوجهه عنها او ربما سيبصق عليها… وما دام العراق يعيش حرباً هي الابشع بصفحات ووجوه متعددة لعل اقذرها الوجه الاعلامي بمعاونة التنامي المذهل للادوات والتقنيات وغياب المحددات والضوابط وتدفق التمويل وموت الضمير مقابل ضعف السياسات والاجراءات في كبح جماح هذا الوباء الخطير او التقليل من هيجانه على الاقل، حماية للعقل والوجدان وصوناً للذوق والكياسة ودفاعاً عن مصالح شعب تكاد تختلط عليه الاوراق وتتداخل امامه الخنادق ما لم يرمم ذاكرته وينقي ذاته ويعيد ترتيب اوراقه ليسمي الاشياء بأسمائها وينبذ كل متّقول مدّع، موتور مسعور، كان حتى الامس القريب جزءاً من المنظومة الصدامية المقيتة واليوم يتباكى على مصالح الشعب العراقي (المستباحة).. يمارس طقوسه اليومية زعيقاً ونهيقاً ونباحاً عبر فضائيات العهر والبغي والالتفاف على الحقائق وتحريفها… فبذا تكاد تطمس الحقيقة او تتوارى…ومن اجل الحقيقة وحدها وبعد ان تكاد الزوبعة المثارة ان تهدأ ونعني بها ازمة الطائرة اللبنانية التي عادت لمطار بيروت بعد فترة لا تزيد على الــ 20 دقيقة من اقلاعها.. فلربما الان قد انجلت الامور ولو نسبياً وبأمكان المراقب الموضوعي حينئذ ان يتبين الاشياء فيحسن قراءتها… ولنتساءل اذن… الا يحق لمهدي العامري وهو مواطن عراقي قبل ان يكون ابناً لوزير وبدافع الاحساس بالظلم الذي وقع عليه ان يعبر عن مظلوميته ولو بأتصال بمسؤول في سلطة الطيران العراقي يوضح له تفاصيل ما جرى له بعد ان فوجيء بأصرار قائد الطائرة اللبنانية على منعه من الصعود رغم استيفائه لكافة الاجراءات الخاصة باي مسافر؟؟ ومن قال ان هذا الاتصال هو امتياز يتفرد به مهدي العامري دون غيره؟.. اليس بمقدور الجميع وبحكم التطور الكبير في عالم الاتصالات وتنامي دائرة العلاقات ان يوصل صوته وبأسرع ما يمكن من الوقت الى ابعد نقطة في هذا العالم..؟؟ من قال ان مهدي العامري طلب باتصاله ان تعاد الطائرة ولا يسمح لها بالهبوط في ارض مطار بغداد الدولي؟ ولم يقتصر اتصاله على التعبير عن شكواه عما حصل معه؟ ألم يوضح السيد وزير النقل في مؤتمره الصحفي بتاريخ 9/3/2014 وبشكل لا لبس فيه ” ان هناك تعليمات مشددة سبق وان اصدرها لسلطة الطيران المدني العراقية تحصر صلاحية اعطاء الاوامر باعادة اية طائرة ومنع هبوطها في المطارات العراقية بشخصه فقط دون اي مسؤول اخر في الوزارة بما فيهم وكيلا الوزارة الفني والاداري ومدير عام سلطة الطيران المدني”..؟؟ وذلك حسب اعتقادنا بسبب خطورة وحساسية هكذا امر وما يمكن ان يترتب عليه وبناء على حساسية الوضع العراقي والاقليمي وتحديداً ما يثار هنا وهناك حول الدعم العسكري الايراني لسوريا… واستناداً لذلك لنفرض جدلاً ان هناك (امراً) قد صدر من مهدي العامري للمسؤول في سلطة الطيران المدني بعدم السماح للطائرة اللبنانية في الهبوط.. ترى اي عاقل يمكن ان يصدق ان موظفاً محترفاً معروفاً بمهنيته العالية ويعتبر في حينها المسؤول الاول عن سلطة الطيران المدني العراقي يتجاهل امر وزير لصالح (أمر) آخر وان كان هذا (الأمر) من ابن الوزير؟؟ اليس بوسعنا التساؤل… لربما ان كل الذي حصل لايتعدى ابلاغاً لمدير محطة الشركة اللبنانية للطيران لتوضيح ما جرى مع مواطنين عراقيين في مطار بيروت وان تلك الشركة هي التي اتخذت هكذا قرار حفاظاً على سمعتها ومصالحها وهي الأقدر على تحديد ذلك ولنتساءل ايضا ماالذي دفع شركة الشرق الاوسط للطيران ان تبدأ بتحقيق هي الاخرى حول ملابسات الازمة..؟؟ الا يعبر ذلك عن شعور ما؟؟… فلننتصر لعقولنا وضمائرنا اذن من اجل الا تبقى الحقيقة وحيدة ضعيفة تجلس القرفصاء في الصف الاخير…