استغرب البعض من جلوس رئيس جمهوريتنا والسيدة الاولى في الصف الثاني للمدعوين الاجانب في احتفالية زفاف ولي العهد الأردني، واعتبروها تقليلاً من مكانة العراق ، وانا استغرب من هذا الاستغراب ، فقد كان على المستغربين ان يسألوا :
ماذا ابقت هذه الطبقة السياسية من مكانة وسمعة العراق ؟
عن ماذا نتحدث ؟ عن سمعة العراق في مستويات الفساد المالي ، الذي يتسابق العراق عليه ليكون على رأس قائمة الدول الفاسدة والنهب المنظم للمال العام ؟
عن تحوله الى ممر ومستهلك للمخدرات المافيوية التي تذكرنا بمافيات كولومبا وزعاماتها المطلوبة عالمياً ؟
عن بلاد مباحة ومستباحة بالسلاح المنفلت ومنظماته ، حتى السياسية منها ، السلاح الذي يواجه القوى الامنية التابعة للدولة الرسمية دون رادع حقيقي ؟
عن سيادة البلاد المنتهكة بالقوات الاجنبية والقصف الذي لايحترم لاوجود دولة ولا حكومة ؟
عن مسرح السفيرة الاميركية التي تغني فيه في اوقات فراغها الاغنية البغدادية ” بويتنه ونلعب بي ..شلهه غرض بينه الناس ؟
عن مستوى التعليم لدينا الذي لم تعد أي دولة حتى من الصديقات والاصدقاء يعترفون بشهاداته ؟
عن الـ 80% من ابناء البلد الذين رفضوا وسيرفضون المشاركة في الانتخابات لفقدانهم الثقة بطبقة سياسية قادرة على حل الازمات وتحسين الاوضاع ؟
عن نسبة الناس الذين يعيشون تحت خط الفقر التي تجاوزت الـ 45% في واحد من اغنى بلدان العالم ؟
عن جواز السفر العراقي الذي لايمكن للعراقي ان يسافر بواسطته الا بالحصول على فيزا بشق الانفس ، حتى من دول الجوار ، ويحتل جواز سفر العراق حالياً المرتبة 106 وفقاً لمؤشر جايد لترتيب جوازات السفر ويصنف كثالث أدنى جواز سفر مرتبة في العالم؟
عن الصناعة التي تحولت الى مجرد ذكرى ؟
عن الزراعة التي يستجدي منتجاتها من دول الجوار والاقليم والعالم ؟
عن الصحة التي تدهورت حتى فقدت ثقة المواطن فيها فيأن مراجعة مؤسسات الدولة الصحية الا تحت ضغط ضعف الحال ؟
أي أسئلة نطرح عن مكانة العراق بسبب سياسيين يتزاحمون على كراسي الصف الاول في الفعاليات المحلية ويرضون حتى بالكرسي الاخير في أي فعالية خارجية !!
أي اسئلة نطرحها تقودنا الى حقيقة ، ان هذه الطبقة السياسية الرئة والجاهلة والفاقدة لحس احترام النفس والبلاد قد مرّغت مكانة وسمعة العراق بالتراب ، بل بالوحل ومستعدة ان تذهب بتدني مكانة العراق الى ابعد الحدود !!
أيها المستغربون لاتستغربوا ..فالواقع هو ما تتعامل به الدول الاخرى منها حتى وان اردنا رضاهم ببيع نفطنا لهم بعشرة دولارات حتى يقولوا ان حكوماتنا رشيدة وتسير في الطريق الصحيح وان ديمقراطيتنا ناجزة وان شعبنا يرقص على ايقاعات اغنية ” الجو بديع والدنيه ربيع ” !
هكذا هم ..يشترون المدائح من الخارج ويبيعوننا الأوهام ويرضون بالصفوف الخلفية في بازارات السياسة والاحتفالات ..
لكن العراق اكبر ..وللتأريخ صولات !