تعتبر المحاصصة الحزبية في توزيع الحقائب الوزارية في حكومات الدول ذات الانظمة الديمقراطية، واحدة من الاساليب السياسية التي تنتهجها الحكومات الفائزة بالانتخابات العامة ذات الاغلبية البسيطة أو التي لا تستطيع تمرير التصويت على كابينتها والحصول على ثقة البرلمان بها، بالنسبة المطلوبة لنيلها والاعتراف بها دستوريا. وتتقاسم الاحزاب الفائزة بالانتخابات مقاعد الوزارات فيما بينها في معظم دول العالم، وتتشكل الحكومة بالتصويت على جميع كابينتها دفعة واحدة او منفردة، إلا أن بقية مناصب الدرجات الخاصة او وكلاء الوزارات والمدراء العاميين، لاتدخل ضمن تلك المحاصصة، ويبقى أختيار الشخصيات المؤهلة لهذه الدرجات العليا في الدولة منوطة بالكفاءة والخبرة والدرجة العلمية والشهادة العليا والنزاهة ، ليكون الرجل المناسب في المكان المناسب ويستحق منصبه بجدارة.
ولهذا فأن النظام المعمول به في اغلب دول العالم عدة اسباب تدفع الحكومات الى عدم اقحام المناصب العليا بالمحاصصة الحزبية، لكي لا تكون المحاصصة سلبية مما يسبب عرقلة في أداء المؤسسات الحكومية لوظيفتها في تنفيذ السياسات أو البرامج الحكومية على ارض الواقع بدون مشاكل أو ازمات فتخسر ثقة الشارع ويطاح بها من قبل المعارضة. ولعل الدرجات الخاصة تكاد تكون الشريان الرئيسي الذي تعتمد عليه جميع وزارات الدولة في تنفيذ برامجها على شكل خدمات أو سياسات تنموية تعطي زخما في تقدم عجلة الاقتصاد والحياة السياسية والاجتماعية نحو الافضل، الامر الذي يجعل عرقلة تحقيق هذا التقدم في حال تم اختيار الوزير من شخصيات الحزب الحاكم، وهو منصب سياسي قد يسند إلى سياسي معين ليس من اختصاصه العلمي ولا في تجربته العملية اي خبرة أو خلفية مهنية بعمل الوزارة، ويتوازى ذلك الاختيار بنفس المعايير التي تطبق على اختيار شخصيات حزبية للمناصب العليا فتصبح بذلك مؤسسات الدولة عرضة للانهيار، مما يسبب في تعطيل مصالح عامة الناس وتأخر مشاريع التنمية وتتأخر البلدان بسبب المحاصصة السلبية.
والمحاصصة السلبية تغبن حقوق بعض الاقليات التي تتوفر فيها بعض الكفاءات المهنية والتي يمكن الاستفادة من خبراتها في مجالات علمية تحتاجها معظم الوزارات لتطوير اداءها، خصوصا والحال ان تلك الاقليات ستتوزع اصواتها في الانتخابات بين الاحزاب المختلفة، أو لا تضمن الحصول على مقاعد تنافس بقية الاحزاب التي تمثل الاغلبية. المحاصصة السلبية ايضا ستكون عائقا في تقدم وازدهار البلدان في حالة أعتمادها كمبدأ يؤطر للعلاقة بين المؤسسات الرسمية للدولة وبين المواطن، حيث الانتماء الحزبي الضيق سيكون المؤشر على تقديم الخدمة العامة وليس الانتماء الوطني الذي يعتمد على روح المواطنة او العدالة أو احترام القانون، لأن التزاحم في المصالح سيؤثر كفة الانتماءات الضيقة ويحتم ترجيح كفة تقديم مصالح الحزب على مصلحة المواطنة، وبهذا سيهمل التعامل بالجانب الوطني ويعطل الشعور بالانتماء للوطن كأساس يسلم به من قبل الافراد والمؤسسات بالتعامل اليومي مما يسبب انهيارا في القيم الاجتماعية والوطنية وتتعدد مظاهر الخيانة والفساد في المجتمع. لهذه الاسباب وغيرها تولي بعض الدول بعض الاهتمام في تغيير بعض التشريعات وتجري تغييرات جوهرية على قوانينها وأعرافها السياسية لتضع حدا، ان لم تمنع تماما استغلال المحاصصة السلبية كليا في منظومتها السياسية وتؤطر لها نظريا وعمليا. والمحاصصة كآلية سياسية تعمل على تفكيك الولاءات الوطنية واحلالها بولاءات اضيق تنحصر بالاخلاص لشخص رئيس الحزب أو التيار السياسي والعمل على ارضاءه ، اما الولاء للوطن والمواطن فيضرب به عرض الحائط.