سيأتي وقت يكون فيه هذا الحاضر ذكرى ، وسيتحدث الناس عن عصر عظيم وعن أبطال مجهولين صنعوا التاريخ ، و ليكن معلوما أنهم ما كانوا أبطالا، انهم بشر لهم أسماء و قسمات و تطلعات و امال، وأن عذبات أصغر هؤلاء شأنا ما كانت اقل من عذابات من خلدن أسماهم ٠
( يوليوس فوتشك )
لقد عانت البشرية معانات كلفتها الكثير من الخسائر البشرية بالدرجة الأولى و كذلك المالية و الاقتصادية و الاحتلالات لبلدنا، من خلال الحروب التي اندلعت في القرن العشرين الأولى ادت بسقوط الدولة العثمانية التي سيطرت على الكثير من البلدان ، و كان الدين الاسلامي ، الذي سارت رافعة رايته حتى فاتحة في استمرار البلدان الأوربية ذات التوجيهات الدينية ، اليهودية والمسحية ، و انتهت الحرب العالمية الأولى ، إلى سقوط الدولة العثمانية في المشرق والمغرب ، و هيمنت دول استعمارية جديدة على الكثير من البلدان سيطرة فرنسا و انكلترا على بلدان الشرق الأوسط ، و في أفريقيا غزا الاستعمار البلجيكي دولة الكونغو و غزت البرتغال دولة انغولا وغينيا بيساو و موزنبيق ، كما هو معروف ان الاستعمار لهذا البلدان جاء من أجل نهب ثروتها الطبيعية مثل النفط والغاز و الكبريت والذهب و اليورانيوم و القهوة و الكاكو وغيرها من المعادن و كذلك المحاصيل الزراعية ٠
و جاء المستوطنون البريطانيون البيض الى جنوب افريقيا واحتلوها و اقوموا دولة المستوطنين البيض وضطدهدوا سكانها الاصليين من ذو البشرة السوداء وتعاملوا معهم بمبدأ العبودية ، و لم يدم بقائهم بنهب ثروات الشعوب وتعاملهم تعامل ( السيد للعبد ) و حتى طال الزمن ام قصر ٠
و بدء أدلوف هتلر و حزبه النازي في نهايةالثلاثينات من القرن الماضي بشن الحرب على دول اوربا وسيطر على دول في اوربا واحتلالها الواحدة تلو الاخرى، حتى نقض اتفاقية عدم الاعتداء مع الدولة الاشتراكية السوفيتية ، و بدء الحرب على بلد السوفيت و احتل أجزاء كبيرة و فرض الحصار على المدن الرئيسية و منهامدينة لينينغراد و الذي دام الحصار لفترة طويلة عانى من هذا الحصار سكان المدينة البطلة ، وعندما أنتهت الحرب في التاسع من أيار عام 1945 , برفع راية الجيش الأحمر السوفيتي على الرايخستاغ الألماني و انتحر هتلر ، وعقد مؤتمر يالطا للدول المشاركة في الانتصار ، حيث شارك فيه جوزيف ستالين و الحلفاء، ونستن تشرشل رئيس وزراء المملكة المتحدة و كذلك رئيس الولايات المتحدة الامريكية روزفلت ، وفي هذا المؤتمر تشكلت سياسة الاقطاب التي شاركت بهزيمة النازية الهتلرية والفاشية الإيطالية بقيادة موسليني ، و تشكلت الأمم المتحدة ومجلس امنها بعد عصبة الأمم، ولقد لعب الاتحاد السوفيتي و المنظومة الاشتراكية المشكلة بعد الانتصار ، دورا كبيرا في مساندة حركات التحرر الوطني في اسيا و أفريقيا للتخلص من الاستعمار بكل أشكاله، وذلك بتقديم المعونات المالية و الاقتصادية و دعم القوى والاحزاب الوطنية فيها ، و كان للدول الامبريالية بقيادة الولايات المتحدة ، أن تشكل حلفا عسكريا سمي بحلف الناتو ( حلف شمال الأطلسي) و ضم دول اوربا الغربية و أقيمت في بلدانها قواعد عسكرية موجهة ضد الاتحاد السوفيتي و المنظومة الاشتراكية بحجة الخوف من التمدد ما سمي انذاك بالخطر الشيوعي ، مما جعل الاتحاد السوفيتي أن يقوم بخطوة مماثلة ، بتشكيل حلف عسكري سمي بحلف وارشوا باسم عاصمة جمهورية بولونيا الاشتراكية، وأصبح هذا الحلف الند لحلف الناتو ٠
و في قيادة ميخائيل غربوتشوف للجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفيتي و طرح برنامجه في ( العلانية و إعادة البناء ) ، استغل الغرب و مجموعة من داخل الحزب وفي مقدمتهم بوريس يلسن تدهور الوضع الاقتصادي و بدء التامر على الحزب والسلطة السوفيتية مما أدى إلى تفكك الاتحاد السوفيتي و المنظومة الاشتراكية ، و بذلك انتهى عصر الدولة الاشتراكية الأولى التي قادها لينين و رفيقه ستالين وقادة الحزب الشيوعي السوفيتي، و أصبحت روسيا الاتحادية تسير وفق النظام الاقتصادي الراسمالي وسمي ( بسياسة اقتصاد السوق ) ، و انتهى حلف وارشوا و لكن الغرب تمسك بحلف الناتو ، بقوته و تسليحه ، و أصح العالم يسير بسياسة القطب الواحد و بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية ٠
و اليوم و بعد اوغلت امريكا بسياستها المعادية للشعوب ، للهيمنة على اقتصادياتها وثرواتها المعدنية و النفطية و الزراعية ، و في التامر على الأنظمة التي تمردت عليها وانتهجت سياسات مستقلة ، وذلك بالانقلابات العسكرية و كانت المهمة الأساسية تقع على تنفيذها بيد المخابرات المركزية ( CIA ) ، و هناك أمثلة عديدة مثل تشيلي و نيكارجوا و فنزويلا و البرازيل والعراق وايران و اندنوسيا و غيرها من البلدان في اسيا وأفريقيا ٠
و بعد أن وصل السيل الزبى في أوكرانيا عند استلام النازية الجديدة السلطة و أصبحت بقيادة زلينسكي ، اقدمت الولايات المتحدة الامريكية على انشاء قواعد عسكرية ومختبرات للحروب الجرثومية ، متأخمة لحدود روسيا الاتحادية ، وأصبحت جمهورية روسيا الاتحادية بين فكي كماشة أوكرانيا من جهة و حلف شمال الأطلسي( حلف الناتو ) من جهة أخرى و المخابرات الأمريكية هي المخطط لكل ما يعمله و يقدمه لهم الرئيس الاوكرايني زلينسكي و حكومته و الاعتداءات بالقصف المستمر على جمهوريتي دانيسك و لوغانسك ذات الحكم الذاتي والتي تقطنها أغلبية روسية ، مما حدى بالقيادة الروسية تدارس الوضع الذي يشتد خطورة يوم بعد آخر، وخرجوا بقرار سمي ( بالعملية العسكرية الروسية الخاصة )، من أجل دفع الخطر المحدق بالاتحاد الروسي ، و دخلت الحرب عامها الثاني مع تصاعد الضربات العسكرية لكلا الطرفين روسيا و اسلحتها المتطورة و كذلك امريكا ودول الاتحاد الأوربي و الناتو تومول أوكرانيا بالسلاح والمال و لهما مصلحة في استمرار المعارك بين الطرفين من أجل انهاك روسيا عسكريا وماليا علما بأن الولايات المتحدة الامريكية اتخذت قرارات في الحصار على روسيا و كذلك شاركتها دول الناتو في الغرب الأوربي، و امريكا لها مصلحة في بيع السلاح إلى أوكرانيا التي هي اليوم بات مثقلة بالديون وهذا سيكلف الشعب الاوكرايني الدفع لسنوات بعد انتهاء الحرب ، وانقطاع الغاز الروسي عن اوربا في ظل شتاء قارص وتخريب انبوب الغاز لسيل الشمالي ٠
و في هذا الوقت الذي تعلن جمهو ية الصين الشعبية أن تيوان هي جزء من الجغرافية الصينية و يجب أن تعاد كما عادت هونك كونك إلى أحضان الصين الام ، ولكن الولايات المتحدة تمد تايوان بالسلاح ، وتقوم بفعاليات حربية على حدود الصين و منها المناورات العسكرية المشتركة بصنوف من التشكيلات الجوية و الأرضية و كذلك البحرية ، و الصين كانت تراقب هذه الاستفزازات العسكرية من قبل تايون والولايات المتحدة الامريكية ٠ و من هنا تعالت الأصوات من جمهورية روسيا الاتحادية و جمهورية الصين الشعبية ، لوضع حد لسياسة و هيمنة القطب الواحد في العالم امريكا ، و أصبحت تعددية الاقطاب مسألة مهمة يجري العمل بجد عليها ، وهناك دول أخرى تقف إلى جانب التعددية ومنها الهند و البرازيل وجمهورية جنوب افريقيا، وأصبحت المجموعة المسماة مجموعة البريكست و هي تحالف أقتصادي ضم كل من جمهورية روسيا الاتحادية و جمهو ية الصين الشعبية و دولة الهند و البرازيل وجمهورية جنوب أفريقيا ٠
أمريكا اليوم تعاني من انقسامات حادة بين الرئيس بايدن الديمقراطي و مكارثي رئيس مجلس النواب من الحزب الجمهوري حيث بلغ سقف الدين الأمريكي 31,4 ترليون دولار أمريكي ، وحذر خبراء اقتصاديون : ( من أن فترة طويلة من التخلف عن السداد من الممكن أن تؤدي بالاقتصاد الأمريكي إلى حالة من الركود العميق مع ارتفاع معدلات البطالة و من ثم زعزعة استقرار نظام مالي عالمي يعتمد على السندات الأمريكية ، ويساعد المستثمرون لمواجهةأثر ذلك ) ٠ و بذلك تسير الأمور بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية نحو الانهيار الاقتصادي ، وازدياد البطالة ، و كذلك عمليت القتل للسود اي زيادة التميز العنصري و ضرب حقوق الإنسان , أضافة لما جرى في منطقة الشرق الأوسط من مصالحات بين السعودية و ايران بوساطة جمهورية الصين الشعبية و الموافقة على أقامة علاقات دبلوماسية ، وعودة الجمهورية العربية السورية إلى عضويتها في مجلس الجامعة العربية ، بعد إحدى عشر عاما ، لتأخذ مكانها الفاعال ، و كل هذه الأمور تسير بعيدة عن التدخل الامبريالية الأمريكية في المنطقة ، والأمل اليوم سيكون هو القرار للشعوب و الدول في أقامة عالم متعدد الاقطاب ٠