لا توجد حالة وطنية يسمح لها بالحياة الحرة الكريمة , بل لا بد من معاداتها والنيل منها , فإرادة الأطماع والهيمنة لا تسمح بها في المنطقة , ولا بد من كيانات تابعة وحروب داخلية مستعرة , والدين خير وقود لإضطرام دائب شديد.
الكلام عن الوطن والوطنية والمواطنة من الممنوعات في العديد من المجتمعات المستلبة الإراددة والمقبوض على مصيرها , فالقوى المهيمنة تمتلك العديد من الدول , وترسم مساراتها , وتعين أنظمة حكمها , ولا تسمح بأي حكومة ذات نوايا وطنية , بل لا بد من آليات لتأمين مصالح تلك القوى على حساب مصالح البلاد والعباد.
وفي هذه الحلة , لا بد من تأمين سياسات الإلهاء الدموي الدائب بين أبناء الوطن الواحد , وتأهيلهم للنيل من بعضهم , وعدم التفكير بحاضرهم وبمستقبلهم , ودفعهم نحو التقهقر والإندحار في الغابرات , وحشدهم للتفاعل مع الماضيات وكأنها تحصل في أيامهم , وعليهم أن ينازلوا بعضهم ويبددوا طاقاتهم , ويترسخ في أذهانهم بأنهم عجزة ومن الخير أن يكونوا قطيعا تابعين.
ويلعب الدين المسيس دوره بتجاره المؤهلين لتخنيع الناس وتركيعهم , والهيمنة على مصيرهم , وتأكيد تبعيتهم وسمعهم وطاعتهم لكل معمم دجال , جعلوه يتمنطق بالأفك والضلال على منابر الإمتهان والإذلال.
وبموجب ذلك أصبحت عناصر الهدف فاعلة لتأمين تدميره , أي أن القوة الذاتية للهدف تنقض عليه , والطامع يحصل على ما يريد دون خساءر تذكر.
وعند إحتلال أي بلد , فالقوة المحتلة تعتبره غنيمتها , فتحكمه وفقا لمقتضيات مصالحها , ولا يعنيها إلا أنه فريسة وحسب , فهل وجدتم أسدا يـتألم على فريسته التي يلتهمها؟
وعليه , فالكلام الوطني محض هراء , ويجلب المشاكل والعدوان على أصحابه , وهكذا تجد في بعض المجتمعات المنكوبة بالكراسي , أن السائد كلام يخدم إرادة القوة الفاعلة فيها والمؤمنة لمصالحها رغما عن الناس أجمعين.
ويصبح سلوك إتبع واقبع لكي تعيش هو القائد والفعل السائد , ومن الصعب في هكذا واقع أن تتقدم البلاد وينال امواطنون أبسط حقوقهم الإنسانية.
فهل من قدرة على بناء دولة وصيانة وطن؟!!