على مدى التاريخ القريب أي بعد سايس بيكو الى اليوم عمل الغرب الاستعماري على ان لا يكون هناك تقارب بين العراق وسوريا، وبين مصر والسودان، لهذا حيكت المؤامرات على مدى عقود لاجهاض اي تعاون مشترك او تنسيق لتوحيد المواقف السياسية بين كل ثنائي من تلك الدول ولا يخفى على الجميع مدى تطور الخلافات العميقة بين العراق وسوريا خلال اكثر من اربعة عقود حتى في اطار الحزب الواحد الحاكم للدولتين، بالاضافة الى المؤامرات التي حصلت ضد مصر والسودان لان تكامل الدولتين تفرضه الطبيعة الجغرافية وتخلق معه مصالح مشتركة خصوصاً في عهد الوحدة الرباعية التي كان عمودها الرئيسين جمال عبد الناصر وجعفر النميري والتي اجهضت من خلال الانقلابات العسكرية التي كانت موضة العصر في ذلك الزمان .. بينما الامر الذي اقلق قوى الشر اليوم هو التقارب بين مصر والسودان بعد الاطاحة بحكم عمر البشير خصوصاً ما يخص الرؤيا المشتركة حول سد النهضة والتنسيق بين الدولتين على الصعيد الاقليمي والدولي وعلى الصعيد المحلي نتيجة الارتباط التاريخى والجغرافى الذي يؤكد ان السودان هي العمق الاستراتيجى الجنوبى للدولة المصرية والذي تجسد في انشاء قاعدة عسكرية مصرية في الاراضي السودانية بالقرب من موقع سد النهضة في اثيوبيا، وهذا الامر لم يعد مقلق لاثيوبيا وحدها وانما لإسرائيل اللاعب الخفي التي لم تكن اصابعها الخبيثة بعيدة عن العبث بأمن مصر والسودان من خلال دعم ومساندة اثيوبيا في كافة مراحل بناء سد النهضة الذي جابه موقف مصري سوداني حازم خصوصاً حول طريقة التشغيل وموضوع تقاسم المياة بين حوض النيل وفق القانون الدولي بالاضافة الى تنسيق المواقف بشأن الوضع المضطرب في دول ساحل البحر الاحمر والقرن الافريقي، وايضاً التنسيق بشأن التوترات العسكرية والصراع الدائر بمنطقة تيغراي الإثيوبية الذي ادى الى نزوح عشرات الآلاف من النازحين الى شرق السودان، وبناء على ذلك لابد من تدخل القوى الدولية الخبيثة في تفكيك عرى هذا التنسيق بين الدولتين المستهدفتين فتم الايعاز الى عميلهم محمد حمدان دقلو «حميدتى» الذي نجح خلال فترة ما قبل الثورة وبعد الثورة في تكوين علاقات مع اوربا وقوى أجنبية مشبوهة ليكون الزعيم الموعود في عملية التطبيع مع اسرائيل لأنه تدخل في عملية حماية الحدود من تدفقات الهجرة غير الشرعية، وأدخل عناصر من التدخل السريع كميليشيات داخل ليبيا لدعم (السراج) وتركيا، وتعاون مع الأمريكان وإثيوبيا في ملف سد النهضة لكي يضمن التأييد المطلوب، واخيراً أشعل الأزمة بين قوات الدعم السريع التي يقودها والجيش السودانى بقيادة الفريق أول عبدالفتاح البرهان، بسبب الخلاف حول بنود الإصلاحات الأمنية والعسكرية، والخلاف حول دمج قوات الدعم السريع في القوات المسلحة السودانية، وما ترتب على ذلك من تأجيل التوقيع للمرة الثانية على الاتفاق النهائى لتسوية الأزمة السياسية في البلاد الذى كان مقرراً مطلع الشهر الجارى، لتضع تلك الأزمة السودان أمام سيناريو الحرب الأهلية في ظل تشابك الوضع العسكري العسكري فضلاً عن الصراع مع المكون المدني الذي استمر بين الكر والفر منذ اندلاع الثورة في 19 ديسمبر/كانون الأول من عام 2018 والى يومنا هذا .. مما يعني امتنا دائماً مستهدفة وباب التآمر لن ينغلق مادام وجود عملاء وخونة يعملون لمصلحة الاجنبي على حساب مصلحة اوطانهم.