25 نوفمبر، 2024 6:57 ص
Search
Close this search box.

في العراق.. تتسبب العطل الرسمية بخسائر مالية للبلاد

في العراق.. تتسبب العطل الرسمية بخسائر مالية للبلاد

تتسابق الدول في مجال الإنتاج والتصنيع والتطور عبر عمل شعوبها لساعات طويلة يوميا، وبعضها يطلق تسمية خاصة على الوفيات اثناء العمل.
أما في العراق تعد الوظيفة الحكومية العامة عنصر جذب خاصة بعد 2003، كون الراتب بدأ بالتحسن بالقياس إلى ما قبل 2003، مقابل ذلك أصاب القطاع الخاص انتكاسة نتيجة عدة ظروف، وبالرغم من كون الوظيفة العامة هي حق لجميع العراقيين دون استثناء إلا أن الدولة مهما كانت احتياجاتها لا يمكن أن تستوعب الجميع بل هناك ضرورة لإنعاش القطاع الخاص لاسيما المعامل والمصانع التي تنتج الحاجات الضرورية، فالإصلاح الإداري مهم جداً وهي نقطة الشروع إلى جميع أنواع الإصلاحات الأخرى، إذ يحتل العراق صدارة دول العالم بعدد أيام العطل الرسمية وبتنوع مناسباته الوطنية والدينية، فضلا عن عطل غير رسمية تفرضها ظروف خاصة، وهي ما يكبد خزينة الدولة خسائر بملايين الدولارات -عن كل يوم عطلة-.
ووفقا لخبراء، وبلغة الأرقام هناك 48 أسبوعا في السنة، يوما عطلة في كل أسبوع، فيكون مجموع عطل نهاية الأسبوع 104 أيام في السنة، يضاف إليها 22 مناسبة رسمية في السنة، فيرتفع مجموع أيام العطل سنويا إلى 126 يوما، من دون احتساب أيام المناسبات الدينية والعطل الاضطرارية التي تعلنها الحكومة، والتي تقع ضمن صلاحية الحكومات المحلية في كل محافظة، وبخلاف العطل الجزئية التي تعلنها الأوقاف، يضم قانون العطل الرسمية المعتمد منذ 2015 نحو 126 يوم عطلة في السنة لعموم الشعب، فضلا عن منح عطل رسمية تقتصر على ديانات ومكونات وأقليات وعددها 24 يوما، وقد منح القانون رئيس الحكومة صلاحية منح أيام عطل اضطرارية، ومنح المحافظين صلاحية مشابهة تقتصر على محافظاتهم.

وفقا للخبير الاقتصادي مازن الأشيقر، الذي أشار في حديث صحفي إلى أنها تتوزع بين رسمية وغير رسمية وعطل نهاية الأسبوع وعطل المناسبات الدينية والاضطرارية وغيرها، والقطاع العام -من وجهة نظر الأشيقر- يقدم إنتاجية قليلة، وتقدر ساعات عمل موظفيه 11 دقيقة فقط في اليوم الواحد، موضحا بأن هذا القطاع يحتضن أكثر من 5 ملايين موظف.

في وقت يفترض ألا يتجاوز عددهم المليون، وهو ما يشكل عبئاً كبيراً على الدولة التي أقرت مؤخرا قانون الاقتراض الداخلي والخارجي لدفع رواتب الموظفين الحكوميين، أما القطاع الخاص، فيرى الأشيقر أنه لا يتأثر بكثرة أيام العطل في الدولة، لكونه غير مشمول بها، فضلا عن كونه ذا إنتاجية أكثر، وساعات عمل موظفيه منتظمة مقارنة بنظرائهم في القطاع الحكومي، بالإضافة إلى أن بعض العاملين بالقطاع الخاص غير مشمولين بعطلة نهاية الأسبوع.

كيف تتسبب العطل بخسائر مالية للبلاد

وعن الخسائر المالية التي تتكبدها الدولة جراء العطل، قال الاستشاري بالتنمية الصناعية والاستثمار عامر الجواهري في تصريح صحفي “إن حجم الخسائر المالية عن كل يوم عطلة تقدر بـ 140 مليون دولار” وفقا لبيانات رسمية تؤكد أن رواتب موظفي الدولة تكلف ميزانية الدولة قرابة 4.2 مليارات دولار في الشهر الواحد، مضيفاً أن “الناتج المحلي الإجمالي للبلاد يتعرض لخسائر تراجع الانتاج، لكون الدولة تدفع هذا المبلغ من دون لقاء أي خدمة في هذا اليوم.

وفي تقرير نشر عبر موقع شبكة المستشارين الميدانيين فأن العطل الرسمية تكلّف العراق نحو 2.5 مليار دولار شهرياً، إذ ذكر عضو الشبكة قحطان الحسّو، أن “العراق في صدارة البلدان التي تعطل الدوام الرسمي للقطاعين الخاص والعام في مناسبات وطنية ودينية متنوعة ولأسباب مختلفة”، مبيناً أن “هذه العطل باتت تسبب كساداً واضحاً من جهة، وتراجعاً كبيراً في المستوى التعليمي من جهة أخرى، ناهيك عن تأخير عدة مشاريع مهمة في الإعمار والتنمية، وأضاف أنه “لا يمكن للدولة النهوض والتطور بهذا العدد غير المجدي من العـطل، باستثناء بعض المناسبات اللازمة نظراً لرمزيتها، وقارن المتحدث بعض دول العالم بالعراق، موضحاً أن “بعض الدول كالسويد تعطّل تسعة أيام سنوياً، أما في ألمانيا فبين 10 و13 يوما، وفي أسبانيا 14 يوماً، أما الأردن فتعطل 15 يوماً، ومصر 16 يوما في السنة”، مضيفاً أن “المناسبات العراقية تضيف عطلاً مفاجئة غالباً ما تفرضها أوضاع أمنية أو سياسية أو دينية او جوية، وبحسب عضو منظمة شبكة الخبراء الميدانيين، فإن “خبراء الاقتصاد يقدرون خسائر عطلة لشهر كامل بأكثر من مليارين ونصف مليار دولار، إذا ما تم احتساب معدل راتب الموظف 500 دولار شهرياً على أقل تقدير اعتمادا على عدد الموظفين في العراق، الذي يقدر ب 5 ملايين موظف في مختلف قطاعات الدولة، بحسب قراءات بعض مؤسسات البحوث المختصة.

وتابع الحسّو، أن “هناك نظاماً متبعاً عند العراقيين (بين العطلتين عطلة) يكون من ضمن الـ 18 يوما، وعلى هذا الأساس نحن نتحدث عن أكثر من (176 يوم عطلة)، علما أنها عطل لا تتضمن الإجازات الشخصية للمرض أو السفر أو الولادة، وبمعزل عن أيام المناسبات الدينية وأخرى تعرف بالتوافقية، إذ تقوم الحكومة بإعلان عطلة العيدين أسبوعا كاملا لتتماشى مع الطائفتين ورؤيتهما للهلال.

ومن أجل التوصل إلى متوسط عدد ساعات العمل التي يقضيها الأفراد في الدول المختلفة، قامت شركة “آر إس كومبونينتس” باستخدام بيانات منظمة العمل الدولية، وحللت ساعات العمل في نحو 100 دولة لمعرفة أي الدول التي لديها أطول ساعات عمل، وأيها لديه أقل عدد ساعات من العمل، وكشف التحليل الذي أجرته الشركة أن هولندا لديها أفضل توازن بين الحياة والعمل، إذ يعمل الأشخاص في هولندا متوسط عدد ساعات عمل يبلغ 32 ساعة أسبوعياً، أي اقل من 6 ساعات ونصف يوميا، وتأتي كل من أستراليا ونيوزيلندا ورواندا بعد هولندا، بمتوسط عدد ساعات عمل بلغ 33 ساعة اسبوعياً. وتأتي ميانمار ومنغوليا في المقدمة بمتوسط عدد ساعات بلغ 48 ساعة أسبوعيًا في 2017. كما تضمنت القائمة ثلاث دول عربية، وهي فلسطين بمتوسط عدد ساعات عمل اقترب من 42 ساعة أسبوعيًا في 2018، تليها كل من الجزائر ومصر بمتوسط عدد ساعات عمل بلغ 44 ساعة أسبوعيًا في 2017
الى اليابان التي تعاني من مشكلة تسميها”الموت بسبب العمل”، وهو أمر تدعمه الإحصاءات، حتى أن اللغة اليابانية صاغت كلمة جديدة تعبر عن ذلك المعنى، وهي كلمة “كاروشي” أو الموت بسبب العمل، ويمكن لهذه الكلمة أن تعني موت الموظفين من أمراض ذات صلة بالضغط والإجهاد في العمل (مثل النوبة القلبية، والسكتة الدماغية)، أو قد تعني انتحار الموظفين نتيجة ما يتعرضون له من ضغوط في وظائفهم، وتملك الصين عملاق الصناعة العالمي نظام الـ40 ساعة الأسبوعي بحد أقصى يصل لـ48 ساعة.
وبالعودة الى أيام الدوام الرسمي في العراق، فان أولى الملاحظات التي تسجل عند مراجعة دائرة معينة على سبيل المثال، نجد من يقول لك من الموظفين المتواجدين “اذهب اليوم الموظف أو الموظفة الفلانية غير موجودة”، وقد يكون في ذات القسم أو الشعبة أكثر من (20) موظف متواجد في نفس اليوم، التساؤل الذي يخطر في الذهن وأنت تتأمل في تحديد طبيعة العلاقة بينهما، لماذا هؤلاء المتواجدين يعتمدون على شخص واحد إذا غاب يتوقف العمل؟، أليس من الأولى أن تكون كفاءة الجميع بنفس كفاءة الشخص الغائب المطلوب؟، وهناك بعض الموظفين يعرف ما هو مطلوب منه ويعمل وفق ذلك، وهناك من لا يعرف ويَصر على ضرورة أن يبقى دون عمل ما يسمى (طير الطاير حسب تعبيرهم).
ويعتقد مختصون أن المطالبة بالإصلاحات السياسية والاقتصادية لا تتم قبل الشروع بالإصلاحات الإدارية، إذ كثرة العطل تكلف الموازنة العامة خسائر مالية كبيرة.

وبحسب جهاز الإحصاء العراقي المركزي الذي أعلن في بيان، أن أعداد موظفي مؤسسات الدولة في العراق، يبلغ 1.032 مليون موظف عمومي، علما أن الحكومة العراقية تصرف قرابة 40 مليار دولار سنويا على هؤلاء الموظفين، سواء كرواتب أو ميزانيات تشغيلية لأعمالهم واعتبر مراقبون تعداد الموظفين في القطاع الحكومي، كبيراً للغاية، مقارنة بالعديد من الدول الإقليمية المحيطة، وطالبوا باتخاذ إجراءات تحفيزية إلى جانب عمليات إعادة الهيكلة، بحيث يكون الجهاز الحكومي أكثر مرونة وتكلفة على الميزانية العامة، ويضاعف تعداد الموظفين المعلن عنه إلى ضعفين آخرين من المتقاعدين، بحيث يبلغ المجموع قرابة 6.5 مليون فرد يتلقون رواتب شهرية من الحكومة، حسبما أعلنت وزارة المالية العراقية، يشكلون 18 في المئة من مجموعة السكان، وهو الرقم الأكبر على مستوى العالم.

زيادة هائلة في اعداد الموظفين الحكوميين وعدد كبير من العطل الرسمية والدينية والانتخابية او المزاجية، يقابله قلة في الإنتاج بسبب سوء التخطيط والإدارة تسارع الزمن في ان يعلن البلد افلاسه بأقرب وقت.

 

أحدث المقالات

أحدث المقالات