هل تصبح وحدة دول شمال أمريكا وجنوبها حقيقة؟! وكيف تم التخطيط لذلك؟
ربما كان الشيء الوحيد الذي ربط الولايات المتحدة بالشرق الأوسط هو عدوها اللدود “تنظيم القاعدة” وبعد أن قامت بتأمين نفسها من خلال تنصيب التوجهات الشيعية في المنطقة العربية التي تطمئن كثيرا إلى جانبها بالإضافة إلى قرب تحقيق أهداف التنمية المستدامة وعلى رأسها استبدال موارد ما تحت الأرض بموارد ما فوق الأرض أو بدائل الطاقة المستدامة النظيفة وهو ما تبقى على تحقيقه كليا سبع سنوات فقط؛ جعلها كل ذلك تطمئن أكثر إلى الهدوء الذي قد تنعم به؛ فانسحبت باتجاه مشروعها في دول الجوار “أمريكا الجنوبية وكندا” وهما قارتان يمثل الاتحاد معهما بالنسبة للولايات المتحدة سلطة لا متناهية تخولها أن تحكم العالم إلى الأبد بقوة لا نظير لها؛ وقد بدأت الولايات المتحدة في هذا المشروع منذ سبعينيات القرن الماضي وأما الحلم فقد بدأ منذ تأسيس الإتحاد السوفيتي بقيادة فلاديمير لينين فكان هدفها أولا القضاء على؛ وتفكيك الإتحاد السوفيتي ثم ملاحقة الفصائل الشيوعية في غابات وأرضي دول أمريكا الجنوبية؛ حتى أنها جندت عبر سفاراتها في دول أمريكا الجنوبية عصابات ومليشيات تؤدي تلك الوظيفة، وتقضي على كل ما له علاقة بتيار الشيوعية، بما في ذلك كارتيلات المخدرات التي تنتمي إلى التيار الشيوعي منذ عهد “بابلو أسكوبار” زعيم أكبر كارتيل مخدرات في العالم حينها، حتى تم إسقاطه برعاية السفارة الأمريكية في كولومبيا وبالتعاون مع السلطة الكولومبية، وبالتعاون أيضا مع كارتيلات المخدرات الأخرى المنافسة مثل تنظيم “كالي”، وبنفس التشكيلة وبآلية التعاون ذاتها تم القضاء لاحقا على كارتيل “كالي” بالتعاون مع تنظيم الوادي الشمالي، وهكذا استمر الحال منذ مطلع الثمانينات؛ وفي الحقيقة ليس ذلك فقط لانهم تجار مخدرات ويمثلون خطرا على اقتصاد الولايات المتحدة، ولكن لإن توجهاتهم وانتماءاتهم شيوعية، والدليل على ذلك هو حال كوبا التي لا علاقة لزعيمها بالمخدرات أو غيرها لكن الحصار الذي فرضته الولايات المتحدة على كوبا ما زال مستمرا منذ قرابة ثمانين عاماً والسبب توجهات كوبا الشيوعية..
وقد استمر تدخل الولايات المتحدة في شؤون كل دول أمريكا اللاتينية منذ أبعد من سبعينات القرن الماضي؛ حتى وصل إلى آخر خطوة عام 2018 عندما أعلنت الولايات المتحدة الوصاية الكلية على كل مطارات دول أمريكا اللاتينية، بحجج كثيرة منها مكافحة الإرهاب والجريمة، وتهريب المخدرات وما إلى ذلك؛ وربما لن يعرف تفاصيل ذلك إلا من يقترب جيدا ويتابع أحوال تلك الدول وأخبارها.
وربما حان وقت الوحدة بين شمال أمريكا وجنوبها؛ برعاية الشمال الذي بدأ مشروعه فعليا منذ قرابة خمس وأربعين عاما تقريبا؛ بالإضافة إلى كندا والتي تمثل المستقبل الآمن فيما يخص الطاقة بالنسبة للولايات المتحدة وذلك بما تملكه من اليورانيوم خصوصا والعالم عازم كليا على التحول نحو الطاقة البديلة للنفط وهي الطاقة المستدامة صديقة البيئة؛ وهنا ستحل كندا بالإضافة إلى أربع دول أخرى غنية باليورانيوم، ليست عربية، محل دول الخليج صاحبة المخزون الاحتياطي للنفط في العالم؛ وكما يقول الرئيس السابق للولايات المتحدة الأمريكية نيكسون: (يميل كثير من الأمريكيين إلى تصور المسلمين على أنهم نمط واحد من الناس غير المتمدنين غير النظيفين المتوحشين وغير العقلانيين وعلى الغالب لا يلفت انتباهنا فيهم سوى أن بعض زعمائهم لهم الحظ السعيد في أنهم يحكمون أقاليم تحتوي في باطن أرضها على ثلثي الاحتياطات المؤكدة من النفط في العالم. ليس هناك شعب حتى ولا الصين الشعبية له صورة سلبية في ضمير الأمريكيين بالقدر الذي للعالم الإسلامي.” ومثله قول البنتاغون جهاز الأمن القومي الأمريكي عن ثروات العرب والنعم التي خصهم الله بها – يقصدون النفط –” واصفاً إياها بأنها: “غلطة الرب”.
كل شيء كان يرتب له بسرية وفي الخفاء وربما حان وقت الابتلاع الكامل للجنوب وصهره في قالب الشمال لغة وثقافة وفكرا واقتصادا.
وربما في هذا تفسير حقيقي لما أعلنت عنه الولايات المتحدة من عزم حكومة بايدن على تنفيذ الانسحاب من الشرق الأوسط؛ “على ان تكون امريكا اللاتينية إضافة إلى كندا هي مجالها الحيوي الاستراتيجي اقتصاديا وعسكريا”. على حد قول الدكتور سامح مهران ويضيف عليه “وهو ما يفسر التحالفات الجديدة في المنطقة خاصة مع الصين وروسيا ومع الدول الشرق اوسطية التي ترتبط بهما مثل إيران وسوريا”.