يحق لي القول ان الكتاب ، الذي انتهيت من قراءته امس ، هو الأهم في مجاله ، فقد تحدث مؤلفه عن المسكوت عنه بموضوعية ، افتقدناها في كثير من الاصدارات .. كتاب فتح لنا الابواب المغلقة في مؤسسة كبرى ، كان الكتمان من ميزاتها ، فتداولت حولها الكثير من الاقاويل ، وتناولتها سهام الشكوك في مناسبات عديدة ، وكانت محط نقد الاعلام ، ولاسيما الفضائيات ..
الكتاب الذي قرأته ، ازاح الستارة عن الكثير من الملابسات ، والقى الضوء على اهمية المؤسسة التي تناولها .. انه كتاب الاستاذ علي محسن العلاق محافظ البنك المركزي العراقي الصادر مؤخرا تحت عنوان ( إدارة البنك المركزي العراقي .. من هامش الماضي إلى متن المستقبل ) .. وهو اول كتاب ، يؤلفه محافظ للبنك المركزي العراقي ، متحدثا فيه عن العديد من النقاط التي شغلت الرأي العام ، بأسلوب علمي ، مبسط بعيد عن لغة المال والاقتصاد ونظريات الفائض ورأسمال والتضخم وغيرها من المفردات التي تطرد القارئ غير المختص .. وهذا يحسب للأستاذ العلاق الذي قرب البعيد ، ووضعه بيسر امام المجتمع .
كتاب السيد العلاق ، ذاكرة وطنية ، جمع فيه بين لغة البساطة حيث المعلومة الجديدة ، واللغة العلمية حيث التأثير والاقتناع ، ولغة الادب حيث الخيال والجمال ، ولغة الاقتصاد حيث الدقة والرقم الرصين ، وكل ذلك بأسلوب متميز، على مائدة شهية ضمت كل خصائص الادارة الناجحة ، ولابد ان فحوى الكتاب ، سيستند عليها الدارسون والباحثون لمعرفة ماضينا المالي ، الذي هو جزء مهم من حاضرنا ومستقبلنا، وهو مصدر مهم من مصادر المعلومات، تحمل بين طياتها تفاصيل عن الواقع المالي والمصرفي في العراق .. كتاب يوثق لجهود عظيمة من العمل والمثابرة كانت بعيدة عن الانظار ، وقد حان الوقت للكشف عنها ، ومعرفة الغاطس من الخبايا والمعضلات .
وحين اطلعتُ على الكم الهائل من المعلومات التي احتواها الكتاب ، تيقنتُ انها سيكون لها مردود إيجابي لإنقاذ ما تبقى من وثائق ومستندات للحفاظ على مسارات العمل الايجابي الذي قام به المعنيون في البنك المركزي في اشد السنوات حلكة ، خشية الضياع أو الإتلاف ، فقد تعلمنا من مسارات الزمن ، ان هناك اناس يطمسون الحقائق من مرضى النفوس ، وهذا الكتاب وثيقة محكمة بالصدق والعمل النبيل و ما جاء فيه ، من ارقام وتواريخ ومناقشات ومستندات ونتائج سيأخذ مكانة متميزة في نسق المفاهيم التي ترتبط بحياة العراق ، على صعيد المال والاقتصاد ، ومن ثم على المواطنين وتاريخهم ومؤثرات وجودهم، ويشكِّل هذا المفهوم أحد العناصر الأساسيَّة للهويَّة الصلدة للبنى التحتية اقتصاديا ..
وستكون لي قراءة متأنية للكتاب ، انشرها هذا الاسبوع ان شاء الله .
