خاص: إعداد- سماح عادل
في هذه الحلقة سوف نبحث في علاقة الماسونية بحكم دول العالم، وهل ينتمي إليها بعض المسؤولين الكبار في دول العالم.
الماسونية والسلطة..
المحللين يعتبرون الماسونية امتدادا لما اصطلح على تعريفه بـ”الحكومة العالمية الخفية”، إذ أصبحت هي مؤسسات الحكم الحقيقية في البلاد التي توجد فيها، خاصة إذا كان بعض أعضائها من الأسر المالكة أو الأنظمة الحاكمة عبر أنحاء العالم، ويصفونها بأنها “منظمة ضد الديمقراطية” لكونها تشكل “دولة داخل الدولة”.
ففي بريطانيا التي تستضيف أقدم المحافل الماسونية ويقدر عدد الماسونيين فيها بأكثر من 300 ألف عضو كان للأسرة المالكة تاريخ طويل مع الماسونية كما توضح ذلك شجرة العائلة، وقد شغل منصب “الأستاذ الأعظم” في محفلها ابن عم الملكة الأمير إدوارد جورج (دوق كِنت وستراثرن). وتقول الماسونية إن رئيس الوزراء البريطاني الأسبق ونستون تشرشل كان من أعضائها.
وعام 1996 دعت الحكومة البريطانية أعضاء الشرطة والقضاء والمجالس المحلية إلى التطوع بالإعلان عما إذا كانت لهم علاقة بالماسونية، لكن لم يفصح عن عضويته فيها سوى حوالي 5% نظرا لكون الدعوة غير ملزمة. وهو ما جعل الحكومة تهدد بأنها قد تتحول إلى قانون يُلزم هؤلاء بالكشف عن انتمائهم إلى هذه الحركة.
وفي فرنسا يتمتع الماسونيون، الذين ينتمي معظمهم إلى “محفل الشرق الكبير” وهو أكبر وأقدم منظمة ماسونية في البلاد إذ تأسس قبل حوالي 250 عاما، بنفوذ واسع في الدولة والمجتمع، حيث ينتمي إليهم سياسيون كبار وقضاة سامون وقيادات فكرية واقتصادية وإعلامية لامعة.
وفي ألمانيا بلغت الماسونية حدا من النفوذ جعل حركة “مواطنو الرايخ” تعتبر أن الدولة القائمة شركة مساهمة محدودة تديرها الماسونية واللوبيات والمجموعات العالمية، وأن المواطنين الألمان هم مجرد موظفين في هذه الشركة، وأن ألمانيا دولة محتلة.
وفي أميركا يوجد أكبر عدد من الماسونيين في العالم (أكثر من ثلاثة ملايين) موزعين على مختلف الولايات الأمريكية، وتعتبر الماسونية الأميركية أكثر انبساطا وأقوى تغلغلا في المجتمع مقارنة بنظيرتها الأوروبية. ويعد المؤتمر السنوي الذي يدعو له المحفل الأكبر في مدينة نيويورك ملتقى دائما للماسونيين الأميركيين و”إخوانهم” من كل مكان في العالم.
وللماسونيين حضور نوعي قديم في أميركا، فقد كان ثمانية على الأقل ممن وقعوا على إعلان استقلالها عن بريطانيا ماسونيين، وهناك 13 ماسونياً ضمن من وقعوا على الدستور الأميركي، و16 رئيساً للولايات المتحدة كانوا أيضاً ماسونيين، من بينهم جورج واشنطن (أول رئيس للبلاد) وجيمس بوكانان وأندرو جونسون ورفرانكلين روزفلت وهاري ترومان.
نفوذ عالمي..
الماسونيون يعتبرون الحديث عن نفوذهم العالمي مجرد تضخيمٍ لوضعٍ لا وجود له أصلا، مشيرين إلى أن الحركة تحظر الخوض في أمور السياسة والدين لأن “مبدأها هو احترام أتباعها للقانون في بلدانهم وفي أي بلد يقيمون فيه”، ويؤكدون أن “أعداء الحركة” يستغلون انحراف عدد قليل من أعضائها لمهاجمتها والإساءة إلى سمعتها.
والجدير بالذكر أن أعضاء المحافل الماسونية في العالم يبلغون نحو سنة ملايين ماسوني، أربعة ملايين منهم في الولايات المتحدة الأمريكية و٧٥٠ ألفا في بريطانيا وهي محظورة في الدول الاشتراكية وبعض دول العالم الثالث، إلا أنها تمارس نشاطها في تلك الدول المحظورة فيها بأسماء أخرى مثل اللونيز واللوتاري أو الدوناري وغير ذلك من أسماء كلها تنصب في المحفل الماسوني الأكبر.
وغاية الماسونية العالمية التي يسعى أعضاؤها من الصفوة اليها هي إقامة أو إعادة بناء هيكل سليمان واعتلاء ملكهم أو مسيحهم المنتظر عليه کي يحكموا العالم بواسطة ذلك الدجال الذي من أجله أنشأت الماسونية ويترأسها ويديرها من خلال مجلس الثلاثمائة أو نادي الثلاثمائة المدون على ظهر عملة الدولار الأمريكي فئة الدولار الواحد. Conseil Des وهذا النادي مكون من رؤساء العائلات الذين يملكون البنوك والبيوت النقدية الحالية الكبرى في العالم والرموز ذات النفوذ السياسي. وهذا المجلس يقوم بانتخاب مجلس الثلاثة والثلاثين.
الماسونية والاستعمار الاستيطاني..
في مقالة عن الماسونية كتب “حسين علوان حسين”: “بعد حل نقابات المهنية إبان القرن الثامن عشر لفسح المجال لدخول أوربا عصر التصنيع الرأسمالي، بقيت نقابات البنائين في أوربا الغربية تزاول نشاطاتها المعهودة للحاجة الملحة والمستمرة لمهنتها أولاً، وبفضل وصايتها على نقابات نفس الصنف التي كانت قد نشأت من عضوية مستوطنيها في بلدان المستعمرات ثانية، ولتسنم شخصيات سياسية مؤثرة جداً مناصب القيادة الشرفية فيها. هنا برزت الحاجة السياسية في بريطانيا وفرنسا خصوصاً لتشكيل ورعاية منظمات سرية جذابة وبعناوين وشعارات برّاقة تستخدم نفس الطقوس والممارسات الموروثة عن نقابة البنّائين ولكن قوام عضويتها ليس من البنّائين أنفسهم، بل من رجال النخبة المجتمعية في كل مدينة وولاية ودولة ممن يحرصون على رعاية وترقية مصالح المستعمرين داخل بلدانهم وفي البلدان المستعمرة وينشرون ما يسمى بالقيم الرأسمالية في “الحرية” و “الإخاء” و”المساواة”. وهكذا فقد تحولت نقابة البنائين إلى ما يعرف الآن بالحركة الماسونية العالمية، أنما بثوبها الجديد الخادم للاستعمار، مع استمرارها بممارسة طقوسها السرية الموروثة والتي تم تطويرها لاحقاً خلال القرن الثامن عشر من طرف الأعضاء الذين لم يمارسوا حرفة البناء قط وبقيادة شخصيات اجتماعية مؤثرة ممن أدخلوا الطقوس الدينية القديمة فيها مع تعاليم الأخوّة لفرسان القرون الوسطى.
وتُظهر محاضر محفل مدينة إدنبرة (كنيسة ماري) رقم 1 في اسكتلندا استمراريته في التحول من محفل مهني يعود تاريخه إلى عام 1598 إلى محفل جديد أشتهر بكونه أقدم محفل ماسوني في العالم. وفي عام 1717، تم تأسيس أول “محفل كبير” كتنظيم علوي يجمع معاً المحافل المحلية القائمة في إنجلترا في اتحاد واحد. لذا، نجد أن دائرة المعارف البريطانية تقرن انتشار الحركة الماسونية بتمدد رقعة الامبراطورية البريطانية عندما تعرِّف الماسونية بأنها “تعاليم وممارسات نظام الأخوّة السري (للرجال فقط) للبنّائين الأحرار، والذي يمثل أكبر جمعية سرية عالمية ـ انتشرت بفضل تمدد الإمبراطورية البريطانية، و ما زالت الماسونية هي التنظيم الأكثر شعبية في الجزر البريطانية وفي البلدان الأخرى التي كانت منضوية سابقاً داخل الإمبراطورية وتتراوح تقديرات العضوية العالمية للماسونية في أوائل القرن الحادي والعشرين من حوالي مليوني إلى أكثر من ستة ملايين شخص “.
أعتى المجرمين..
ويتساءل: “السؤال الآن، إذا ما وضعنا جانباً سخافات القبضات والحركات وكلمات السر وارتداء الملابس الهزلية، ما الذي يمكن أن يغري أي شخص للانتماء لجمعية سرية؟ هل هو الإيمان بالمثل العليا في “الحرية” و”الإخاء” و”المساواة” في ضوء كون هذا التنظيم يحصر فعلياً تطبيق هذه المثل على أعضائه فقط دون بقية العالمين طراً ويلغي النساء باعتباره تنظيماً ذكورياً بامتياز؟ الجواب هو قطعاً لا.
فقد أثبت التاريخ أن ثلث عدد الرؤساء الأمريكان من أعتى المجرمين من أعداء الحرية والإخاء والمساواة كانوا قادة ماسونيين ممن أسعم هذا التنظيم السري في إنجاح حملاتهم الانتخابية الرئاسية وهم كل من: جورج واشنطن (1788– 79) (بطل مذابح إبادة الهنود الحمر من السكان الأصليين لأمريكا ومصادرة أراضيهم ) وجيمس مونرو (1817-25) (الإقطاعي ومعذب العمال العبيد في مزارعه والمطارد للهاربين منهم، والذي مهد الطريق للتدخل الأمريكي السافر في شؤون أمريكا اللاتينية والمستمر من يومه لحد الآن) وأندرو جاكسون (1829-37) (أسوأ من سابقه بخصوص المعاملة السيئة لعبيده) وجيمس بولك (1845-29) (أسوأ من سابقيه بخصوص معاملة العبيد و بطل الحرب ضد المكسيك ) وجيمس بوكانان (1857-61) (المؤيد لاستعباد العبيد والملطخة سمعته بفضيحة إرشاء أعضاء من الكونغرس و تهديدهم) وأندرو جونسن (1866- 69) (الرافض لقانون تحرير العبيد والمدان بالعزل من طرف مجلس النواب) وجيمس غارفيلد (1881) (الفاسد مالياً والرافض لقانون تجريم عصابة الكو كلوكس كلان الحارقة للأمريكان السود).
ووليم ماكنلي (1897-1901) (بطل الحرب ضد اسبانيا لإلحاق مستعمراتها في أمريكا الوسطى و هاواي والساكت عن عصابات قتل السود) وتيودور روزفلت (1901-1909) (بطل مؤامرة تفجير الطراد الأمريكي ببحارته الأمريكان في ميناء هافانا لتبرير شن الحرب ضد اسبانيا) ووليم تافت (1909-1913) (بطل احتلال نيكاراغوا وقمع الثورة المكسيكية) ووارين هاردنغ (1921-1923) (الانتهازي بطل الفضائح الجنسية الذي ملأ المناصب الفدرالية بأصدقائه الفاسدين من الماسونيين ) و فرانكلن ديلانو روزفلت (1933-45) (بطل الحجر على مئات الآلاف من المواطنين الأمريكان الأبرياء من أصل ياباني في المعتقلات الجماعية ومصادرة كل ممتلكاتهم) وهاري ترومن (1945-53) (بطل إبادة مئات الآلاف في المدنيين العزل في هيروشيما وناغازاكي وطوكيو) وجيرالد فورد (1974-77) (صاحب قرار العفو عن رئيسه السابق المدان نيكسون) .
طيب، لم إذن ينتمي الرجال للحركة الماسونية مادام تطبيق المثل العليا اجتماعيا ليس أبداً هو الهدف المنشود، بل أن العكس هو الصحيح؟ الجواب هو: لتحقيق المصالح الأنانية بفضل الدعم الحصري الذي توفره الماسونية لأعضائها، وذلك بغض النظر تماماً عن مؤهلاتهم الشخصية ومثلهم العليا. ويلاحظ من تواريخ القائمة أعلاه كيف أن الرئيس الأمريكي الماسوني ينجح – بمؤازرة المنظمة الماسونية السرية – ليس فقط بدخول البيت الأبيض، بل وكذلك بزرع خلف ماسوني له في نفس البيت بأربعة انتخابات رئاسية، ثلاثة منها متتالية من 1897 إلى1913 وثنتان تغطيان عقدين متتالين من الزمان 1933- 1953..
ولما كانت الحركة الماسونية لا تصرح بعضوية أعضائها إلا بعد وفاتهم، فأغلب الظن أنه سيتضح لنا بعدئذ أن ترامب ماسوني هو الآخر، مثله مثل الماسوني مصاص الدماء في أفريقيا وآسيا وأوربا الشرقية طوال أربعين عاماً: ونستن تشرتشل. ولا نعلم ما هي علاقة الرؤساء الأمريكان الأربعة الأحياء منهم بها: كارتر وكلنتون وبوش الابن وأوباما. السؤال هو: أليس من حقنا أن نعلم؟