احتفل اعرب والمسلمون حول العالم بقدوم رمضان واللحظة الفارقة هذا العام أن كل الدول الإسلامية والعربية قررت البدء بالصيام في يوم الخميس 23 آذار/مارس 2023 باستثناء جمهورية بنغلاديش التي قررت الصيام بعد يوم. , فهذا العام اتفقت 25 دولة على بدء الصيام بنفس اليوم والتأريخ , وعادة ما ينقسم المسلمون في الغرب بناء على هويتهم ويتبعون قرار بلدهم. وربط البعض بين الوحدة الإسلامية النادرة هذا العام بما يجري في الشرق الأوسط من إعادة اصطفاف للقوى وصفقات تقارب كانت أهمها إعادة العلاقات السعودية- الإيرانية والسعودية- السورية، الأولى برعاية صينية والثانية برعاية روسيا، وفيما ينظر إليه النظام الجديد في الشرق الأوسط، حيث باتت دوله وبضغوط اقتصادية وداخلية وتغليب للمصالح الداخلية تبحث عن حلول وتحالفات وإن لم تكن على موافقة مع النظام العالمي الذي قادته أمريكا وهيمنت عليه منذ نهاية الحرب الباردة
وإذا كانت التحولات الجيوسياسية قد ألقت بظلالها على رمضان الذي يعتبر موسما للفرح والشعور بالتضامن مع بقية أفراد المجتمع والأمة، وتكثر فيه الموائد الخيرية وتتسابق فيه محطات التلفزة على تقديم الأفضل من المسلسلات الدرامية لقتل الوقت أثناء الصيام أو بعد الإفطار، إلا أن الأزمات العالمية المتعددة والنزاعات والكوراث الطبيعية لم تكن بعيدة عن التحضيرات واحتفالات بداية رمضان، فالاقتصاد هو مشكلة المواطنين في معظم الدول العربية وخاصة مصر التي تواحه أزمة مالية وارتفاعا في الأسعار ، ونفس الأمر في تونس التي حذر وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، رئيسها الذي شن حربا طالت المهاجرين من دول الصحراء الأفريقية، وحثه على ضرورة إنجاز الاتفاقية مع صندوق النقد الدولي والحصول على قرض يمنع الاقتصاد من الانهيار, ولم يلتفت قيس سعيد للأزمات الاقتصادية التي استخدمها كذريعة في تموز/يوليو 2021 للاستيلاء على السلطة وظل يطلق العنتريات والخطابات البلاغية حول المضاربين والمحتكرين في وقت اختفت فيه المواد الأساسية مثل السكر والقهوة والزيت وارتفعت الأسعار.,, وفي تقرير لموقع المونيتور أشار فيه إلى أن احتفالات رمضان في المغرب والجزائر وتونس ستطغى عليها مشاكل الاقتصاد وارتفاع معدلات التضخم. ففي كل أنحاء العالم الإسلامي ترتفع نفقات العائلات في الشهر من أجل التكيف مع ما يعرف باقتصاد رمضان. وكانت تستفيد في الماضي من سياسات الدعم الحكومية ومعونات شهر رمضان. وأشار التقرير إلى أن العائلات في المغرب والجزائر وتونس تكافح من أجل توفير المواد لمخازنها أثناء الشهر، فقد أدى التضخم إلى زيادة أسعار المواد الغذائية ونقصها في نفس الوقت. وتأثرت معظم الدول العربية التي تستورد القمح من روسيا وأوكرانيا بالغزو الذي شنه الرئيس فلاديمير بوتين في 24 شباط/فبراير 2022 بشكل زاد من الأسعار، ولم يعد لدى دول عملة صعبة لتخليص البضائع المتراكمة في الموانئ. وتعد الجزائر والمغرب وتونس من المستوردين الرئيسيين للقمح. ورفعت أسعار الأسمدة والنقل كلفة إنتاج المواد الغذائية على المستوى العالمي، إلا ان التضخم في دول شمال أفريقيا دفع بالأسعار نظرا لتسابق العائلات على شراء مؤونة الشهر واحتفالاته. وذكر الديوان الوطني للإحصاء في الجزائر أن التضخم السنوي وصل إلى 9.49 في المئة وزادت أسعار السلع الطازجة في العاصمة الجزائر وتنفق الجزائر 10 مليارات دولار سنويا لاستيراد الطعام، حسب تقدير وزارة الزراعة الأمريكية، وتضم المواد المستوردة الحبوب وحليب الأطفال المجفف وزيت الطعام والسكر. ولعبت معونات الحكومة التي قدمت على شكل زيادة في الرواتب ودعم للعاطلين عن العمل دورا في زيادة التضخم، ذلك أن ارتفاع أسعار النفط والغاز العالمية دعم الخزينة الجزائرية وجعلها قادرة على توزيع المال على المواطنين للحفاظ على الأمن الاجتماعي.وبالمقابل زاد التضخم السنوي في تونس بنسبة 10.4 في المئة ، وأدى تخفيض قيمة العملة إلى عدم توفر العملة الصعبة ولم تعد الحكومة قادرة على دفع قيمة السلعة المدعمة بشكل قاد إلى نقص مستمر وأسعار عالية. وتزداد نسبة الاستهلاك في العائلة التونسية المتوسطة بنسبة 34 في المئة، إلا أن الحياة باتت صعبة بالنسبة للتونسيين مع زيادة أسعار المواد الغذائية. أما في المغرب فقد ارتفع التضخم إلى 8.9 في المئة في كانون الثاني/يناير فيما وصل معدل التضخم في الطعام إلى 16.8 في المئة، وإلى جانب السلع العالمية مثل القمح فقد أسهمت كلفة نقل السلع وقنوات التوزيع المتشرذمة في زيادة التضخم. ومنذ أن ألغى المغرب الدعم على المحروقات في 2015 أصبحت البلاد عرضة للتقلبات العالمية في أسعار الوقود، نظرا لأن المغرب يستورد نسبة 90 في المئة من الطاقة التي يستهلكها. وتعرف حكومات المغرب العربي أن زيادة التضخم وارتفاع الأسعار سيجلب معه الناس إلى الشوارع، ولكنها بدلا من الإلتفات إلى مسببات التضخم ألقت اللوم على المضاربين ومحتكري السلع. ففي آذار/مارس 2022 أصدرت تونس قانونا يسجن المضاربين بمدة تصل إلى 30 عاما، وتظهر قنوات التلفزة الحكومية قوى الأمن وهي تصادر بضائع من محتكرين، لكي تظهر بأنها تقوم بعمل شيء. وطالما لم ترتفع معدلات إنتاج الطعام المحلية سيواصل سكان البلدان الثلاثة مواجهة خيارات صعبة حتى بعد رمضان.
في القدس –كان لقاء العقبة وشرم الشيخ بين المسؤولين الفلسطينيين والإسرائيليين من أجل خفض التوتر في المناطق الفلسطينية المحتلة، وقبل حلول رمضان، لكن عنف المستوطنين والجيش استمر، وفي أول أيام الشهر قتل الجيش الإسرائيلي أمير أبو خديجة، 25 عاما حيث اتهمته إسرائيل بأنه مؤسس كتيبة طولكرم الرد السريع. وبهذا ارتفع عدد الشهداء الفلسطينيين منذ بداية عام 2023 إلى ما فوق المئة. ويتركز الانتباه الآن على القدس حيث يتدفق المسلمون من كل أنحاء الضفة والداخل في إسرائيل لإحياء ليالي رمضان. وفي أول جمعة من رمضان قامت الشرطة الإسرائيلية بالتضييق على الداخلين إلى باحة الأقصى. وأشارت التقارير الصحافية الغربية إلى حقيقة تلاقي ثلاث مناسبات دينية هذا العام، رمضان وعيد الفصح المسيحي واليهودي، بشكل يفتح مجالا لحدوث العنف. ورأت صحيفة الغارديان أن القتل والسياسة الإسرائيلية المتطرفة ترفع من درجة التوتر في الشهر الكريم. وأشارت إلى ان التحضيرات في القدس القديمة كانت واضحة من ناحية إضاءة الشوارع والفوانيس التي كانت جاهزة لاستقبال غروب شمس الخميس، فيما انشغلت محلات الحلوى والمخابز بعمل القطايف والتي تؤكل عادة في رمضان. وكل مناسبة دينية في المدينة المقدسة تترافق مع مخاوف من زيادة العنف. وقالت الصحيفة إن عام 2023 هو أكثر السنين الذي بدأ دمويا ولم تشهد الضفة الغربية مثله منذ عشرين عاما، بشكل قاد إلى التكهن بأن المنطقة ستشهد انتفاضة ثالثة، وهو تعبير جرى استهلاكه دائما في كل مرة تندلع فيها المواجهات. وقالت الصحيفة إن شهية الحكومة المتطرفة لهدم بيوت المقدسيين لم تتوقف، كما زاد قرار الكنيست إلغاء قانون في عام 2005 لإخلاء أربع مستوطنات من التوتر. وفي كل عام يضع رمضان «سيطرة إسرائيل على معبد الهيكل أو الحرم الشريف أو الأقصى في مجال الضوء» كما تقول الصحيفة. وقال عزام الخطيب مدير دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس «لقد عملت في الوقف مدة 50 عاما ولم أر شيئا مثل هذا». وقال الخطيب إن موظفي الأوقاف وعددهم 500 احتاجوا لشهرين من أجل التحضير لرمضان وحتى بمساعدة المتطوعين. وقال إن عملية إدارة الدخول للمسجد وتوفير إفطار لـ 10.000 مصل هي ما يثير قلقه. وأكد ان الأوقاف حصلت على تأكيدات من الشرطة بعدم التدخل والسماح للمصلين بالدخول إلى الأقصى و «لو حدث شيء فسيكون لأنهم يريدون هذا» و «الشرطة والحكومة الإسرائيلية هما من يسيطر». ورغم بيان من الشرطة أنها ستسمح للمصلين بممارسة الشعائر إلا أن الكثير من المقدسيين الذين تحدثت إليهم الصحيفة لم يعبروا عن تفاؤل. وخلال العامين الماضيين اقتحم المستوطنون المسجد الأقصى أكثر من مرة24 وبأعداد كبيرة، ويسمح لهم بالزيارة لا الصلاة وأي محاولة لتغيير الوضع الراهن هو مدعاة للعنف. ويخشى الكثيرون من محاولة بن غفير اقتحام الأقصى مرة ثانية، حيث قام بعد توليه منصب وزير الأمن باقتحامه ولكنه لم يمكث طويلا «عندما جاء بن غفير هنا كان مثل الفأر ولم يمكث سوى خمس دقائق وكان محاطا بالشرطة وخرج» و «كان يريد أن يخيف 2 مليار مسلم لكنه لم يخيفني» كما قال الخطيب. ولو حدثت انتفاضة ثالثة فلن تبدأ في القدس ولكن من لندن كما ناقش ديفيد هيرست في موقع «ميدل إيست آي»(24/3/2023) مشيرا للدعم البريطاني واستقبال رئيس الوزراء ريشي سوناك رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في 10 دواننينغ ستريت يوم الجمعة وسط مظاهرات من معارضي إصلاحاته القضائية اليهود والتظاهرة التي نظمها الشاجبون لسياساته تجاه الفلسطينيين. وقال هيرست إن المعايير المزدوجة في السياسة البريطانية واستقبالها زعيم حكومة متطرفة يدفع باتجاه انتفاضة جديدة وأن «الرد الوحيد على كل هذا سيخرج من الشوارع الفلسطينية وعندما يحدث هذا وسيكون هناك رعب وصدمة ويقتل المتسوقون ورواد المطاعم في تل أبيب وتمتلئ أجواء الأثير الدولية بعبارة من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها، سيعرف كل واحد من يتحمل المسؤولية عن الانتفاضة الثالثة، هنا في بريطانيا,,
جاء رمضان على عالم إسلامي مثقل بالهموم والنزاعات، ففي العام الماضي كانت شوارع غازي عينتاب تحتشد بالمارة والمشترين وأجمل محلات الحلوى في تركيا، لكنها مثل بقية الجنوب التركي والشمال السوري تواجه صياما مثقلا بالأحزان والهموم. وفي كل دولة إسلامية لها شوقها وشغفها برمضان، وسجل الرحالة لمصر صورة عن استقبال المصريين للشهر الكريم، فإلى جانب المواكب والعازفين والراقصين هناك المسحراتي ومدفع الإفطار، وصوت المؤذن والفوانيس التي تعلق في الأسواق وعلى المآذن، زمن جميل وحي. واكتفت حكومتنا بتوزيع سلة رمضان الغذائية وتجاهلت معاناة المسحوقين , كما أن هناك منغصات أخرى لقدسية رمضان ومنها وجود «أكثر من مليون نازح» في المخيمات، وانتشار الجريمة وغزو المخدرات، إضافة إلى أزمة الجفاف وتأثيراتها الكارثية على عدة محافظات, ومع حرص العراقيين على استثمار شهر رمضان الكريم ليس في أداء الطاعات والواجبات الدينية فحسب، بل وفي تخفيف الضغوط النفسية عبر الاستمتاع بطقوس الشهر الفضيل وقضاء أوقات ما بعد الفطور التي لا تتكرر في بقية أوقات السنة، مع التركيز أثناء صلوات التراويح على توجيه الدعاء إلى الله، بان تشمل رحمته، العراقيين للتخفيف عن معاناتهم وأزماتهم المزمنة التي تتعقد عاما بعد آخر في ظل إدارات فاسدة فاشلة، دون أي أمل بانفراج قريب,, واكتفى المصريون بمبادرات السيسي وآخرها «كتف في كتف» وتوزيع كرتونة رمضان.فيما بادرت حكومات الخليج العربي بزيادة الرواتب وتوزيع الاعانات في كل زقاق وشارع – وأحزابنا الاسلامية يكنزون الذهب والفضة ليوم لاينفع فيه مال ولا بنون ,,, وقل اعملوافسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون.