على مدى سنوات طويلة تدخلت أمريكا عسكرياً في مناطق كثيرة وبحجج واهية، وإرتكبت خلال ذلك جرائم عديدة لم تتم محاسبتها عليها، بل على العكس إستمرت في تزكية نيران الصراعات المسلحة في منطقتنا، ومنذ اليوم الأول للحرب على سورية والجميع يدرك جيداً أن أمريكا هي من تقود هذه الحرب على سورية، وهي من تخطط وتنفذ عبر أدواتها المعروفه بـ”داعش” وأخواتها، وفي الاتجاه الآخر يصور الأمريكان أنهم أتوا إلى سورية من أجل مساعدة السوريين وتخليصهم من خطر الإرهاب، وهم في نفس الوقت من استباحوا دماء الشعب السوري ودمروا ونشروا الخراب في سورية من خلال الإعتماد على سياسة الكيل بمكيالين .
من المعروف أن سورية لديها موقع إستراتيجي مهم، وهي غنية بالثروات وتمثل موقعاً مهماً في الخارطة الجيو سياسية، ولا يخفى على أحد الأطماع الإستعمارية في سورية، ولهذا يتحرك الأمريكان والصهاينة وحلفاؤهم لفرض الهيمنة عليها، وكذلك خلق مبررات وذرائع من شأنها تهيئة الأرضية المناسبة التي يريدون العمل عليها، لذلك صنعوا الجماعات المسلحة وصدّروا العبوات الناسفة والسيارات المفخخة الى سورية ليتسنى لهم السيطرة عليها تحت ذريعة محاربة الإرهاب وطرد داعش من سورية.
واستمراراً لمساعيها الرامية إلى نهب الثروات السورية ضمن المناطق التي تحتلها شمال شرق البلاد تواصل أمريكا نهبها للنفط السوري ونقله عبر الأراضي العراقية، رغم إعلان الرئيس الأمريكي أكثر من مرة عن نيته الإنسحاب من سورية إلى أنه يتذرع بتعزيز وجود قواته العسكرية المحتلة في شمال شرق سورية، لحماية حقول النفط هناك من السقوط مجددا بيد تنظيم داعش حسب زعمه. والسؤال الذي يفرض نفسه هنا هو: كيف سترد سورية على هذه التحركات الأمريكية غير الشرعية ؟
الرئيس الأسد أكد في لقاء مع محطّة تلفزيون “روسيا اليوم” إن الدولة السورية لا تستطيع أن تدخل في مواجهة عسكرية مع أمريكا الدولة العظمى التي تحتل قواتها حقول النفط السورية، ولكن هذه المَهمة ستوكل إلى قوات المقاومة الشعبية المكونة من القبائل العربية في المنطقة، ولعل الضوء الأخضر قد صدر لهذه القبائل، لبدء هذه المقاومة وطرد قوات الاحتِلال، واستِعادة السيادة على الآبار النفطية والغازية شرق الفُرات.
حيث شهدت القواعد الأمريكية المنتشرة في سورية، هجمات بواسطة قذائف صاروخية وطائرات مسيرة، في رسالة واضحة مفادها أن التواجد الأمريكي في سورية، لن يكون في مأمن، وهذه الهجمات الصاروخية المكثّفة هو إشعار ببَدء انطِلاق مرحلة المقاومة الشعبية السورية الوطنية لتحرير جميع الأراضي الواقعة تحت الاحتِلال الأمريكي.
واليوم ترتفع عمليات قصف القواعد الامريكية، ويرتفع الإنذار بالخطر ليشمل التنف والحسكة بعد دير الزور، ما دفع القوات الامريكية لنصب بطاريات صواريخ مضادة للطائرات المسيرة في محيط التنف، واطلاق منطاد مراقبة في أجواء الحسكة، وتكثيف وجودها في قاعدة العمر وكونيكو، عبر دوريات جوية تنفذها الطائرات المروحية لحماية دوريات سيارة، لترد على رسائل الصواريخ، بالاستعراض، في محاولة لمنع القصف، وفرض قواعد اشتباك جديدة، الا ان ذلك لم ينجح، فقد سجلت بين الفترة والأخرى هجمات بالصواريخ على قاعدة حقل العمر، كل هذه التطورات في ريف دير الزور ترسم السيناريوهات القادمة في كل المنطقة، كما ترسم
لمعادلات جديدة ناتجها القريب والمباشر لجم العربدة الامريكية وخروجها من الأراضي السورية
مجملاً…إن سورية ما بين إنتصار وإنتصار، وأن أمريكا وأدواتها خُدعوا حين أعتقدوا أن هذه الدولة سهلة…بل كان العكس تماماً فأمريكا اليوم مصدومة ومرعوبة من قوة وشراسة رجال القبائل العربية والجيش السوري الذين قضوا على آمالهم وحولوها إلى كابوس مفزع، كل ذلك يؤكد بان دير الزور اليوم ترسم ملامح العزة والكرامة رغم كل المؤامرات التي تحاك ضدها وأن معارك التحالف الدولي بقيادة أميركا باتت نهايتها قريبة على اقل تقدير في سورية.
وفي هذا الإطار سورية صامدة بعد أن أغلقت الأبواب بإحكام وأبقت على فتحات إستنزاف الاحتلال الأمريكي وحلفاؤه، وبالتالي إن الإرهاب يلفظ آخر أنفاسه، لذلك فإن الأيام المقبلة حاسمة، خاصة في الميدان الذي يميل لمصلحة المقاومة الشعبية إلى جانب الجيش السوري الذين حسموا أمرهم في التصدي للعدوان ومواصلة القتال حتى تحقيق النصر الذي يُبنى على نتائجه الكثير في المشهد الإقليمي والدولي.
وأختم بالقول: انه كما عادت سايجون حرة لأحرار فيتنام، ستعود سورية حرة أبية للشعب السوري…و كما هرب الأمريكيون من سايجون مهزومين أذلاء، سيأتي يوم يهربون فيه من سورية مهزومين أيضا، هذه هي كلمة التاريخ، لذلك فإن الذي يدور على الأرض السورية يجعلني متاكداً إن حسم المعركة لم يعد إلا مسألة وقت ليس أكثر.