تعتبر الموارد المائية في العراق بل وفي جميع بلدان العالم ذات اهمية كبيرة لا تقل عن اهمية الموارد الطبيعية و البترول و الغاز بل تعتبر اهم وذلك لارتباط المياه بكثير من القطاعات المهمة الاخرى مثل القطاع ( الزراعي ، الصناعي، الصحي) وعلاقته الوثيقة بالتنمية المستدامة ، و يعاني العراق منذ فترة طويلة و بالاخص خلال الالفية الجديدة بمجموعة من التحديات سببها قلة المخزون المائي و جفاف الكثير من الانهار الفرعية بسبب قيام دول الجوار كتركيا و ايران ببناء السدود و تقليل حصة العراق المائية بل و القيام بفعل اكبر من ذلك من خلال تغير مسار الانهار الى داخل بلدانهم مما ادى الى جفاف عدد كبير من الانهار و بالاخص في وسط و جنوب العراق و انخفاض كبير في مستويات نهري دجلة و الفرات و الاهوار هذه التحديات ادت الى مخاطر كبيرة على الامن المائي في العراق و ادت الى حدوث صورة قاتمة للواقع لا تبعث على الاطمئنان والتفاؤل اذا ما بقي الحال على ما هو عليه الآن مثل (زيادة التصحر، ارتفاع المعدلات العامة لدرجات الحرارة ، تراجع حجم الأراضي الزراعية ، خسارة الملايين من الدونمات بسبب الجفاف ، ارتفاع نسبة البطالة في البلاد بالنسبة للعاملين في المجال الزراعي، ارتفاع نسبه الملوحة في التربة، التأثير السلبي على الثروة السمكية، وتراجع جودة المياه الصالحة للشرب نتيجة ارتفاع مستوى الملوحة في المياهو بالاخص في جنوب العراق)، بأختصار لان هذا الموضوع الشائك لا يمكن كتابته بمقال صغير و انما يحتاج بحوث و تقارير مطولة و لكن بأختصار يمكن تلخيص العموامل و الاسباب التي اثرت بملف المياه هما عاملين رئيسيين (العوامل الداخلية ، العوامل الخارجية)
العوامل الداخلية : تكمن الاسباب هو لضعف او عدم وجود سياسات حكومية صحيحة و عملية لادارة الملف المائي و قدم طرق الري القديمة للاراضي الزراعية و التي تستهلك كميات كبيرة جدا من المياه و عدم وجود دراسات علمية و هدر اطلاق المياه التي تصلنا من تركيا عبر نهري دجلة و الفرات و ذهابها الى مياه الخليج و هذا ما تم التصريح به اكثر من مرة قبل الجهات التركية و الحلول الرئيسية لها هو استخدام طرق الري الحديثة طرق الري بالتنقيط و كذلك ايجاد رؤية لعدم هدر مياه نهري دجلة و الفرات من خلال استصلاح اراضي جديدة و تدوير النهرين في ارضي العراق اما اهم الاسباب الداخلية هو اعتماد جميع السياسات الحكومية منذ عام 2003 على واردات القطاع النفطي و تم اهمال كثير من القطاعات اهمها القطاع المائي و الزراعي و الصناعي و السياحي
اما العوامل الخارجية : و تتمثل العوامل الخارجية بثلاثي دول الجوار تركيا وسوريا و ايران و نتشارك معهم بنسبة كبيرة بالموارد المائية و التي تنبع و تمر من خلالهم الى العراق أي ان خسارة المياه من جانب العراق تكون كبيرة كونهم هم من يتحكمون بانطلاق المياه باتجاه الاراضي العراقية و لهذا فان مستقبل البلاد المائي مرتبط بشكل كلي بدول الجوار، حيث منبع مياه نهري دجلة والفرات ، حيث ان تركيا تعد من الدول الغنية بمواردها المائية إلى الدرجة التي توصف بكونها دولة ذات تخمة مائية حيث تقدر مواردها السنوية بنحو 203 مليار/م3 كونها تتمتع بهطول مطري وثلجي كبير تمد اكثر من 26 نهرا رئيسا في تركيا ويتم تغذية معظمها من داخل تركيا اضافة إلى نحو اكثر من 9 مليار من المياه الجوفية، وعليه يمكن ملاحظة أن السياسة المائية التركية لا تعاني من العوز بل تتعدى الأهداف الاقتصادية إلى أهداف سياسية وأمنية واجتماعية أخرى و هذا ما تقوم به السياسة التركية بالضغط على سوريا و العراق سياسيا من خلال الموارد المائية للحصول على المكاسب الاقتصادية حيث كان ما يدخل الاراضي العراقية من المياه لا يقل عن 50 مليار متر مكعب سنويا و بدئت هذه النسبة تقل كلما قامت تركيا ببناء السدود حتى وصلت الى ما يقارب 15 مليار متر مكعب اكثر او اقل قليلا و هذه النسبة جدا قليلة لما يحتاجه العراق وهذا النقص سبب الكثير من المشاكل منها ارتفاع نسبة الملوحة في اراضي المصب ، اما ايران فيمر منها عدد من الانهار المشتركة و التي قامت بتحويل مسار العديد منها او بناء السدود مما ادى الى انخفاض مياه الانهار بل و تعدى الى جفاف عدد من الانهار ، اما سوريا يتشارك العراق وسوريا بنهري دجلة والفرات و قامت هي الاخرى ببناء السدود و الجداول لارواء اراضيها و التجاوز على حصة العراق المائية و جميع هذه الحكومات تعمد و بشكل كبير الى اضعاف الاقتصاد العراقي و اضعاف الزراعة و حتى الصناعة لكي نبقى دولة تحتاج واردات هذه الدول و هذا ما سعت وتسعى له هذه الدول و نجحت به و بشكل كبير جدا ولكن بالمقابل فان العراق يملك فسحة من الحلول والبدائل التي يمكن ان تخرجه من ازمته التي تهدد أمنه اذا نجحت في تغير سياسته في كافة المجالات و اهما الاستفادة من مياه شط العراق من خلال اقامة محطات تحلية المياه اسوةَ بالكويت التي تقوم بتحلية مياه الخليج و ايقاف الهدر في مناسيب نهري دجلة و الفرات و انشاء خزانات مياه استراتيجية يتم ملؤها خلال ايام الوفرة المائية ، القيام بسياسة ذكية من خلال الضغط في الجانب الاقتصادي مع تركيا و سوريا و ايران و التفاوض لاطلاق كميات اكبر من الحصة المائية تأسيس شبكات تصريف مياه الامطار والاستفادة منها في تعزيز الخزين المائي للأنهار و تكثيف العمل الدبلوماسي بين جميع هذه البلدان للحفاظ على الثروة الزراعية و المياه للاجيال القادمة.