جاحد: ناكر
التجديد: من جدد الشيئ إذا صيّره جديدا , إعادة النشاط والحيوية , تبديل , تغيير.
أتعبتنا كلمة تجديد التي طغت على ألسنة نخب القرن العشرين , ولا يزال الكثير منهم يرددها قولا وكتابة , وما تحقق ما ذهبوا إليه وتصوروه , بل تأسّنت الأحوال , وتدهورت إلى أسوأ حال في العديد من مجتمعات الأمّة.
والعلة متصلة بجحودهم لبديهيات الدوران , ولحتميات التغير والتبدل المتوافق مع الأوان , وبأنهم بدعواهم سيغيرون , وفي حقيقة ما قاموا به عوّقوا التغيير وأصابوا إرادة التجديد بالإضطراب والإحتراب , والتفاعل المتعارض مع آليات الزمان والمكان.
فالأرض وعاء دوّار كالسنترفيوج الكبير , تخلط ما فيها وتلفظ ما لا يتوافق والخليط المتجانس الذي تريده , فتتحول بعض الموجوداتإلى شوائب مطرودة , سيأكلها التراب ويعيدها إلى عناصرها لخلطها في الوعاء الدوّار من جديد.
والحياة نهر يجري , لا يعرف التوقف , والذي يجري يتحول إلى حالات متوافقة مع مجراه , فقاعدة الأواني المستطرقة تؤكد فاعليتها وهيمنتها.
فلكل مكان شكله وعلى الحياة أن تنصب فيه , ليس بمعنى التقولب , بل تتخذ هيأته وتتفاعل معه بتمازج وإنتماء واعد.
فليس من التجديد أن تحشر في المكان ما لا يعرفه , فلكل مكان ما يوافقه من الكينونات المتصلة بجريان الحياة في عروق موجوداته الحية والجامدة.
والذين يترنمون بالتجديد الطوباوي , ينكرون مفردات المكان البيئية والتراثية , ويصرون على إقحام ما لا يطيقه فيه , وهذا يعني أن المكان سيتقيّأ الدخيل , ولا يستطيع هضم وتمثل غير الأصيل.
وعليه فالتجديد أشبه بالهذيان , ما دام التجحيد مهيمنا على سلوك الداعين إليه.
فهل جددتم شيئا ينفع الناس؟
وهل حسبتم الأديان تتجدد؟!!
فالدوران دائب , والجريان واجب , وكل شيئٍ بحسبان , فبأيهما تكذبان؟!!