الفتوى: الحكم الشرعي الذي يبينه الفقيه بشأنٍ ما.
فتى في المسألة أي بينها , إبانة حكم في موضوع شرعي.
والفتوى ليست ملزمة , فالذي يفتي ليس قاضيا ليصدر حكما , فهي كأي وجهة نظر مستندة على أدلة معينة , ولا تمثل الصواب , ولهذا كانوا يختمون ما يقولونه بعبارة “والله أعلم” , أي أن ما يبوحون به مجرد رأي في المسألة المعروضة بقدر ما عندهم من العلم ولا توجب الإتباع , ويتحمل المسؤولية من يأخذ بالفتوى ويعمل بها , ولكل إنسان رأيه ودرجة ما من القدرة على التأويل والتفسير.
الدين عند الله الإسلام , فهل تحوّل الإسلام إلى فتوى تستعبد الناس , وتمعن بتجهيلهم وسوقهم لميادين التبعية والخنوع؟
وتجد الأمة وخصوصا بعد الحرب العالمية الأولى سعت لسحق الإسلام بالفتاوى , حتى صار المسلمون شذرا مذرا.
الإسلام علاقة بين الإتسان وألله , ولا يحتاج لوسيط , ولا يجوز للمسلم أن يعبد غير الله , ويتواصل بصدق معه , أما خلق الله أيا كانت درجاتهم وقدراتهم المعرفية , فليس من الإسلام خلع العقل , وإتخاذهم بوصلة للسلوك والتعبد والتقرب من الله , فالبشر خطّاء , وضعيف , وأوتي القليل من العلم مهما إدّعى وتوهم , فلا يوجد مَن يعرف ويدري , بل مَن عنده شيئ من المعرفة والدراية , فكيف يصح السقوط في خنادق الفتاوى والدعاوى لتمرير رغبات البشر , وتأمين أطماعه بإسم الدين , الذي تحوّل إلى تجارة مربحة.
وما دامت الفتاوى هي القانون والدستور , وأصحابها يعبرون عن سلوك التسلط المطلق على البلاد والعباد , فلكل آثمة فتوى , والفساد مشرعن , والإجرام تسوغه فتاوى المعممين بالضلال والعدوان على الدين.
وما دامت الأمة مرهونة بالفتاوى , فلن تخرج من معتقلات التبعية والخنوع , والإنغماس في مستنقعات الدونية والإندحارية وسوء المصير.
فالفتاوى عاهة الأمة وطاعونها المبيد , لأنها تعطل الدستور وتمنع القانون , فكيف لمتبعها ومقلد أصحابها أن يكون مسؤولا في دولة وقائدا في وطن؟!!
علينا أن نستفيق ونرى بعيون الواقع الساطع المبين , فنحن في عصر الدولة المدنية!!