هبط: إنهار , إنخفض , نقص وقل , نزل
وفي بعض اللهجات المحلية “مهبوط” , أي سمع خبرا غير سار , أو تعرض لضرب شديد.
وسلوك الهبوط يعتري الأفراد والأمم والمجتمعات فتنحدر من مكانتها التي كانت عليها إلى حضيض ما تصل إليه , بسبب ما يتفاعل فيها من العناصر المدمرة لوجودها الذاتي والموضوعي.
فبعض المجتمعات تتدحرج بسرعة , وأخرى بخطوات وئيدة , حتى تصل إلى ذات النهاية المنخفضة , والتي تتوطن ما دون وجودها السابق.
ومن أهم عوامل الهبوط , إنحطاط الرأس وإنتشار الفساد والمتاجرة بالمعتقدات والأديان , وسلب حقوق المواطن ومصادرة قيمته , وفقدان الأمان وتردي الأوضاع المعيشية , وسيادة الباطل وتمكن الرذائل , والفتك بثروات البلاد , وإيداعها في مصارف الآخرين ليستثمرونها في مشاريعهم.
وعندما يسري مفعول الهبوط فأنه يصيب كل المجتمع بنشاطاته المتنوعة من أعلاها إلى أسفلها , فتكون هابطة ومناهضة للوجود المقتدر القويم.
وفي زمن الهبوط يتعلم الناس كيفيات التعايش مع التفاعلات الهابطة , فالهبوط مَثلهم الأعلى , لأن القدرات الفاعلة في المجتمع يعبر عن السلوك الهابط المعزز بالمكافآت المادية والمعنوية.
فنجد الكذب منتصرا على الصدق , والباطل قابض على الحق , والنهب والسلب من مفردات المعتقد , وحتى سفك الدماء يصبح من طقوس الدين المسوَّق على لسان تجار الدين بعمائمهم ولحاهم.
فالهبوط مرض ساري ومعدي , كالوباء الطاعوني والسرطان العدواني العنيف , لا يبقي ولا يذر , وتكون خاتمته القضاء عن الوطن ووجود المواطنين فيه.
فلا أحد لديه المناعة من داء الهبوط , إذا إنتشر في المجتمع وتمكن من قياداته , وصار صاحب عرش كبير فوق كراسي السلطة.
فالهبوط يتسبب بإنتفاء وجود الوطن , وقهر المواطن ودفعه للبحث عن وطن بديل.
و” الأمم الأخلاق ما بقيت…فإن ذهبت أخلاقهم ذهبوا”!!