نحنُ: جمع أنا , ضمير رفع منفصل مبني على الضم , ويُعبَّر به عن الجمع , وعن المفرد للتعظيم.
والنحنوية مشتقة من نحن التي تتردد على المسامع في الخطب ووسائل الإعلام من قبل الذين يتصورون أنهم يمثلون حالة , أو لهم شأن ودور بتقرير مصير العباد , وما أكثرهم بأنواعهم وأشكالهم , وما يضعونه على رؤوسهم من تيجان , وفي جيوبهم من خطايا ومآثم وأضغان.
نحن المؤمنون , الصادقون , حماة الدين , أولياء الله , نواب رب العالمين , ونحن سادة القوم أجمعين!!
ونحن نحن ونحن , وإيّاك أن تتساءل عن نحن , بل إخضع وارتع وسبّح بحمدنا ونفذ أمرنا!!
وهذه الآلية طغيانية إستبدادية تكشف عن سقوط الروادع والموانع , وإنفلات الرغبات والتطلعات المطمورة في الأعماق المعفرة بالضلال والبهتان.
فمَن الذي أعطاهم حق توصيف أنفسهم بما تشتهي؟!!
أ ليست تفوسهم الرغبوية المطلوقة العنان ؟!!
وإلا من أين جلبوا ما يحلو لهم من التوصيفات , وإدّعاء الإيمان والسيادة والتفوق على الناس , ووجوب طاعتهم لهم وتبعيتهم العمياء لإرادتهم؟
هل هم آلهة؟!!
هل هم أعلم من الله؟!!
ومَن هو ربهم الذي خوّلهم توصيف أنفسهم على هواهم وأفعالهم فساد ورذيلة؟!!
هذه النحنوية ماركة تجارية ممولة مباركة من دوائر تحقيق المصالح وإستعباد الشعوب , التي وجدت في المتاجرة بالدين من أسهل الوسائل للنيل من الناس المستهدفين , بعد أن تغذيهم بالجهل والبهتان , وتشحن عواطفهم وتعطل عقولهم , وتحيلهم إلى موجودات تابعة لمعمم ذليل , تلقمه رزقه فيدّعيه من ربه الذي يرزق مَن يشاء بغير حساب , ويديم نعمة الفساد!!
فهل من يقظة يا أولي الألباب؟!!