إذا جنت الكراسي إنطلقت المآسي , ولن تتوقف ما دام الجنون دائب الإفتراس , وعندما تتكاثر الكراسي المجنونة , فالحياة تتحول إلى مسيرة مأفونة.
والمقصود بجنون الكراسي أن يتوطنها الذين تقودهم أمّارة السوء التي فيهم , فتطلق أهواءهم وتدفع بهم إلى مهاوي سقر وهم في غفلتهم يعمهون.
ويبدو أن الدنيا في محنة جنون الكراسي , بعد أن صار اللعب بالنار والنووي من هواياتها المفضلة , فتسعى إليها بإندفاع عجيب , وكأنها تريد الإحتراق في مواضعها , لتحيل كل موجود إلى هشيم.
الدول التي كنا نراها متقدمة وذات حكمة وعقل راجح , وضعت حُجاتها في صناديق مظلمة وأخذت تعمل لصالح ما فيها من نوازع الشرور وكوامن البغضاء والثبور , وكأن التواصل بسفك الدماء والخراب والدمار ديدن ما تسعى إليه.
العالم المتقدم , أسقط أقنعته وتعرى أمام التأريخ , وكشرت الوحوش الضاريات فيه عن أنيابها , وإنطلقت بواعث الفتك بالآخرين , والنيل من وجودهم , وعليها أن تبقى وتتقدم ولا يجوز لغيرها أن يكون في عرين.
فأجيال ما بعد الحرب العالمية الثانية أمضت أعمارها مخدوعة مضللة بالأفك الذي خيم على سبعة عقود , حقق العالم الأقوى فيها إفتراس الشعوب وإمتصاص ثرواتها , وتدمير وجودها ورهن مصيرها بأنظمة حكم , تؤدي خدمات الطاعة لمشاريعه الإستحواذية على خيراتها ومصائرها.
وبعد (24\2\2022) تبين الخيط الأبيض من الأسود , وإنبلج فجر الوعي المبين , وما عادت تنطلي على البشر اللغة التي تدس السم بالعسل.
وأصبحنا نراقب ما يدور في بلدان الإقتدار والديمقراطيات والإعتزاز بحقوق الإنسان , فالدنيا دوّارة , وستصل إلى ما تريد رغم إرادة القوى , ولن يسلم من طحن الدوران مخلوق عتيد.
فهل سينجو الخلق من هذا الوعيد؟!!