كثيرا مايحزنني الشارع الرئيسي لمحل سكناي , ففيه اجمل الذكريات البريئة التي مرت بنا خلال أيام الطفولة الجميلة على الرغم من قساوة الحياة فيها ان ذاك .. ذلك الشارع الذي لعبنا ومرحنا فيه طوال الايام المبكرة من حياتنا فكثيرا مايدفعنا الشجن نحوه ونحو تلك الساعات الحلوة التي غادرتنا بلا عودة وبشكل نهائي , كنا صغارا نمضي معظم اوقاتنا فيه وخصوصا ايام العطل , فلم يكن هنالك شي يحرمنا من الجلوس فيه فلانملك سواها شيئا فلا موبايل ولا حاسبة ولا كمبيوتر !! كل تلك الحاجيات من المحضورات والممنوعات ايام الحصار الاقتصادي !! لانملك سوى شجرة الزيتون التي كانت تطل من منزل جاري ابو احمد رحمه الله لتكون بمثابة مظلة طبيعية لنا خلال وقت الظهيرة الحارة المحرومة من الطاقة الكهربائية بكل تأكيد .. مرت السنين وتوالت الأيام وتقدمت اعمارنا هي الاخرى وحرمنا جميعا للاسف من ساعات البرائة والطفولة وبضمنها جلسة ذلك الشارع الجميل الذي كان يجمع فينا الحب والثناء والجيرة والاخوة والشهامة ..وان العجيب في هذا الشارع انه لم يبلط اويعبد ابدا خلال حياتنا فيه فربما هذه الشارع ماعنده حظ !! , لافي زمن الدكتاتورية ولافي زمن الديمقراطية ! واعتقد ان بقايا قطع الحصى فيه تعود الى ميلاد قيام الجمهورية في العراق احتفالا برحيل تلك الحقبة الملكية الجائرة كمايقول البعض من الساسة في العراق !! يعني علساس فترتهم منورة كلش !! المهم ياجماعة الخير انو شارعنا المسكين بقى محروم من التبليط وعلى الرغم من انو الشوارع المجاورة لنا يتم تبليطها في فترات تقاس بالسنوات الضوئية ولكن بالنهاية هي دتشوف تبليط واحسن من غيرها !!..حتى وصل الحال في شارعنا الى انه فقد كل ملامحه الشخصية واصبح طريق ترابي وصار يحسسنة باحساس البادية وهي فائدة عظيمة يستفاد منها المدارس في تخصيص زيارات ميادانية فيها للتعرف على انواع الترب ومنها التربة البغدادية وهي نوع جديد من الاتربة نشأت في بغداد نتيجة لضعف الخدمات !! , والفائدة الثانية ممكن ان يكون الشارع بمثابة موقع تصوير ( لوكيشن ) يخصص للمسلسلات الريفية او برامج ديوان الريف او مضايف اهلنا !! بس الحقيقية ياأخوة انو هذا الكلام هواية بيه مبالغة ! راح تكولون شلون ! لان القطاع الخدمي العراقي مراح يخلي هذا الشارع يتحول الى متحف اثري فقد باشر قبل ايام بالعمل فيه وكنت متوقع انهم سوف يحطمون نبؤئتي بضعف الخدمات منذ البداية ..ففي صباح احد الايام الماضية وعند مغادرتي المنزل شاهدت عدة عجلات للتبليط تعمل في شارعنا ! ففركت عيني بقوة ؟ حتى احس اني مو بحلم وردي !! وطبعا العمال والله الشاهد كانوا يعملون بجد وحزم , المهم ماطول عليكم السالفة بعد انتهاء العمل شفت شارعنه صار مثل لعبة ( حية ودرج ) !! صار على شكل ركع يعني قطعة مبلطة وقطعة متروكة ..والله ماعرف شكول بس والله عيب بلد مليان بالنفط شوارعة مركعة تركع !! والطامة لم تنتهي لغاية هذه المأساة ولكن علمت من احد الجوارين ان كل قطعة من التبليط هي مدفوعة الثمن حالها كحال الاعلانات المدفوعة الثمن !! يعني الي يريد يبلط كدام بيته يدفع مبلغ من المال لعربة التبيلط وكادرها المتطور والذي كان بمثابة جوعان اكراميات ..لكن منكول شي غير (عيب والله عيب) ….