على عكس شعوب العالم ما زال معظمنا ينظر الى الحياة بعين واحدة وبنظرة سلبية تشاؤمية ، ويبتلي حقا من يدير الريموت كونترول الى احدى القنوات المحلية أو العربية لابد له ان يهرب منها فارا الى فضائيات اجنبية اخرى او يغادر الى فراش نومه وهو مصاب بمغص وصداع ومزيد من وجع الراس ! اما اذا شرف احدى المواقع الالكترونية فأنه حتما سيخرج منه مشتتا مذهولا مسكونا بالهواجس والاوهام فاقدا كل شهية للحياة لا يقوى حتى على التنفس !!
هل جبلنا على التشاؤم ولطم الخدود وبرعنا في التفكير السوداوي يا ترى ؟ اليس من حقنا أن نتفائل ونبحث عن اساليب التفاؤل وأسباب الأمل ألا يوجد بيننا مساحة ايجابية او مادة أو فعل أو بصمة تدعونا الى التفاؤل .. الا يكفينا ما نواجهه من تحديات أمنية ومعيشية واجتماعية وصحية وغيرها الا تكفينا ما تستقبله المستشفيات وعيادات الاطباء المليئة بالامراض المزمنة والسرطانات الناتجة من الاحباط وتردي المعنويات ..
أما آن الاوان ان ننظر الى النصف المملوء من قدح الماء ونصنف الواقع بين التشاؤم والتفاؤل ونفرز الاداء البناء عن الهدام حتى لو كان نادرا او قليلا ونتقدم لمناقشة الأفكار البناءة مع الاخر في كيفية ملئ القدح العراقي بأكمله ، انطلاقا من مبدأ “تفاءلوا بالخير تجدوه”.
دعوني أن اضرب لكم مثلا مما ذكرنا وبانصاف عن حالة ايجابية لابد من الالتفات اليها واعطائها المزيد من الضوء واحتضانها لننطلق معا لبناء العراق لمن يحب العراق .
بمقدار الضجة الشعبية التي أثارتها عملية تسجيل لوحات أرقام السيارات من قبل ضعاف النفوس من بعض منتسبي المرور العامة التي انعكست على الشارع العراقي سلبيا وما تزال رغم بعض المعالجات التي قامت دائرة المفتش العام في وزارة الداخلية !
بالمقابل قدمت لنا نموذجا ايجابيا ان لم نقل مثاليا في طريقة التعامل مع المواطن فقد أدى منتسبوا هيئة الحج والعمرة اداءا رائعا في انسيابية تسجيل الراغبين في حج بيت الله الحرام وقدموا امثلة نموذجية راقية لكيفية وطريقة التعامل الأمثل مع المواطن العراقي الذي يستحق (مي العين ) على الرغم من امتداد ساعات العمل واستقبال المراجعين من الثامنة صباحا وحتى الخامسة مساءا بضمنها أيام الجمعة والسبت بكل هدوء وانسيابية ولم تظهر حالة رشوة واحدة او اي حالة استغلال او تجاوز ولم نلمس اية شكوى في وسائل الاعلام على مدى عشرين يوما أي طيلة مدة التسجيل بالرغم من الزخم الحاصل على 156 منفذا للتسجيل في عموم العراق 47 منفذ منها في بغداد
نعم هؤلاء الموظفون جزء من نصف القدح العراقي المليان الذين نجحوا في استيعاب و تسجيل اكثر من ربع مليون مواطن معظمهم من كبار السن دون اية شكوى ..نجاح محسوب لادارة الهيئة اولا وبالتالي نجاح للحكومة في ادارة ملف يمس المواطنين بشكل مباشر وبهذه الطريقة المتقدمة والشفافة ، ما يدعونا لان نقولها بالحلق المليان انهم مدعاة للفخر والاعتزاز وحري بوسائل الاعلام الوطنية الحريصة للاشادة بهم وانصافهم ووضعهم في المكان المعلى الذي يستحقون ، في وقت نواجه فيه مشكلة محبطة للامال بوجود أعداء كثر للنجاح ولعلهم من أقرب المقربين وهنا المصيبة ! ولكن الأمل يبقى معقودا بالبناة والمخلصين على رأي المثل القائل ( أعداء النجاح كثر فكلما زادوا من حولك كلما زاد يقينك من أنك تصنع شئ يستحق).. ويبقى التفاؤل مرهونا بقلوب العراقيين لان هناك قلوبا كالملائكة نيرة ومضيئة صافية .. أما آن الآوان للانتقال الى دائرة التفاؤل والنظر الى نصف القدح العراقي المملوء؟