الغنيمة: ما يؤخذ من المحاربين قهرا , والجمع : غنائم , أو ما يؤخذ من الأعداء في الحرب.
وعندما تتوهم الأنظمة المؤدينة أن الأوطان غنيمة , فأن المصائب تتواكب والأوضاع تتردى والفساد يتكالب , ذلك أنها ستلغي معنى الوطن وقيمته ومواصفاته , وتحسبه غنيمة حرب أو رزق من ربها الذي تراه كما تشتهي وتهوى , ولهذا يكون ما في الوطن مستباحا ومبررا شرعيا , فما دام غنيمة فأن الذين فازوا بها عليهم أن يتقاسموها , ووفقا لهذا المفهوم تصبح البلاد بما فيها وعليها غنيمة الكراسي المكرسة لتحقيق مصالح الآخرين وحسب.
فالغنيمة كالفريسة تتناهبها الوحوش السابغة , والوطن فريسة تُنشب فيها أنياب ومخالب المتوحشين المتوهمين بأنهم فازوا وانتصروا فغنموا.
عندما يحضر مفهوم الغنيمة وما يترتب عليه من تسويغات وتشريعات وفتاوى , يمكننا فهم ما يجري في أي بلاد وما يصيب العباد , لأنهم كالسبايا أو الأسرى الذين عليهم أن يكبَّلوا بالحرمان من الحاجات , لكي يذعنوا ويطيعوا ويستسلموا , ويفقدوا قدرات المطالبة بأبسط الحقوق الإنسانية المتعارف عليها.
وهذا يفسر التمادي في الحرمان من الكهرباء , والرعاية الصحية , والأمن والإستقرار , وفقدان القانون لقيمته وهيبته , ولضياع الحياء وموت الضمائر , لأن كل ما غنموه من الله الذي يفصلونه على مقاسات أهوائهم.
عندما نستوعب مفهوم الغنيمة وفقهها , الذي تدلي به القوى المتاجرة بالدين , سيتضح المشهد وحقيقة ما يحصل في البلاد , وما نسميه فسادا في عرفهم ليس بفساد.
فلا قيمة للبشر الأسير المرهون بفقه الغنيمة , فهو ملك الغانمين الذين من حقهم إستعباده ومصادرة وجوده وما يتصل به.
والعجيب في الأمر أن اللعبة قد إنطلت على الناس في عصر التواصل المعلوماتي , والوعي البشري العولمي الدفاق.
فلا تزال القوى قابضة على أنفاسهم , ومصادرة لعقولهم وخياراتهم , وعابثة بعواطفهم , ومصنعة لإنفعالاتهم , وتأخذهم إلى حيث تريد وكأنهم نيام.
فهل من يقظة وتفنيد لفقه الغنيمة؟!!