(( بما أن الإنسان حي خاضع للتطور الجسدي والفكري فان أمامه اكتشافات علمية مادية ملموسة تمهد له الطريق للمعرفة لكن الكون ومما فيه يحتم على الإنسان عقليا أن يخشع ويمجد ويقدس خالق هذا الموجود على شرط أن يحرر عقله ويجعله حرا طليقا في التفكير والتمعن خالصا له منقادا للمعرفة الواقعية النقية والفطرة السليمة بعيدا عن تدخلات الغير والانقياد للتفكير السطحي المنكر للفضائل والنعم الممنوحة له ولغيره من المخلوقات التي ذللت وزينت له فمن المنطق كلما زادت المواهب والمنح شُكر الواهب وكلما أنتفع المخلوق تمجد الخالق المطلق هذه هي فلسفة الحياة الواقعية المنطقية الناصعة .
فلو أردنا أن نشكر أو نقدس أو نعبد كل هذه الموجودات الحسية على كوكبنا أو غيره ضمن الإدراك علينا أن ندرك عظمة منظم وخالق وواجد الموجودات في حدود الإمكان وضمن المعروف أو غير المعروف والغير مكتشفة بعد للإنسان فإذا كان هذا الصانع أو الخالق لها مُدرك حسيا وظاهريا لنا لكان أقل شئنا مما هو خارج الإدراك والوعي الإنساني مصداقا إذا أردنا أن نُصف شيء عظيم أو جميل أو عطاء ممنوح ونمجد به صاحبه نقول أن المعطي والواهب فوق ما تدركه الأبصار والأفكار والعقول فعليه أن نسلم ونُقر ونعترف ونتيقن بعقل سليم النقي بالفطرة الممنوحة لنا أن الواهب لكل الموجودات هو خارج نطاق الوعي والإدراك الممكن وساحة الإمكان لتكون له العظمة والكبرياء والجبروت والقوة والجمال فوق الصفات المتحصلة من العقل والفعل البشري وأن هذه الحقيقة العادلة توصلنا صراحة إلى أخراج واجد الأكوان والموجودات من نطاق الحسيات كالحجارة أو البشرية أو أي ظاهرة من الظواهر الكونية فكلما كان الموهوب والمعطى والمصنوع عظيما لزاما عليه أن يكون الصانع والخالق خارج الإدراك والوعي البشري .
أن كل من يتمعن ويتفكر من حوله وما سيكتشفه مستقبلا من جمال وعظمة الخلق يُدرك حقيقة عظمة ومكانة الخالق الواحد الصمد الذي ليس مثله شيء ولا فوقه شيء ولا يحيط بعلمه عالم غيره ولا بصفات يناظره بها غيره من خلقه المحتاج للغير في حياته فهو الواحد المتفرد في كل شيء والقدرة المطلقة في التدبير والتسيير المنظم وهو الله تعالى سبحانه بتجليه وعظمته ))