القصة بدأها الحاكم المدني للعراق عمنا بول بريمر والتي وردت في مذكراته التي وسمها ” النضال لتحقيق غد مرجو” حين قال عندما غادرت الولايات المتحدة اهداني ولدي حذاء رياضة فسألته عن سبب اختياره لهذه الهدية قال لي ” لتركل فيه قفاهم هناك” ويعرف القراء معنى العبارة باللهجة العراقية وأعتذر عن ذكرها ،ويعرفون ايضا ان الغد المرجو لم يكن للعراق بل لأمريكا و(إسرائيل) والجارتين غير العربيتين .. يقول ، دخلت غرفتي وفتحت حقيبتي وأخرجت منها الأمر رقم (1) والأمر رقم (2) .. ابتدأت القصة هنا ونسجت في واشنطن ووقعت هناك وجاء بها بريمر وكانت فعلا اول ما نفذه قبل ان يتعرف بأي سياسي عراقي ، وتجدر الاشارة الى ان الأول كان حل حزب البعث ، والثاني حل الجيش العراقي ، والهدف تحقيق الغد المرجو اعلاه .. نعم تحقق الهدف الصعب ، واوصلونا الى الحال التي نحن فيها ، والتي لا أريد توصيفها ، فما يهمني منها اخطرها وهو ان قسما من العراقيين صار حلمهم ان يدخل الجيش الامريكي مرة اخرى ، فضلا عن التطبيع مع (اسرائيل) .
وصرح الحاكم المدني كثيرا على شاشات التلفاز بعد خروجه ان العراقيين تعسفوا في تنفيذ الامر رقم واحد الى حد انهم طردوا (32) الف معلم دفعة واحدة ، وكادت العملية التعليمية ان تتوقف فتداركت ذلك ، وبالطبع فأنه لم يتدارك مخرجات تلك المدخلات ومنها الفرهود الذي تدلله بتسميته فساد ، والذي تحدث السيد عامر عبدالجبار بقوله ان احد اسبابه هو الجهل حيث ان هناك عشرة وزراء زائد احد رؤساء الوزراء كانوا حاصلين على المتوسطة والاعدادية فقط .
استمرت القصة وسن نواب الشعب قانون المساءلة الرقم (10) لسنة 2008 والذي هو برمته يبعد الف سنة ضوئية عن ثوابت احكام الاسلام ، والدستور ، والنظام القانوني العراقي ، والإعلان العالمي لحقوق الانسان ، ووثيقة العهد الدولي ، ويعد جريمة ابادة جماعية بموجب اتفاقية منع الابادة الجماعية ومحاسبة مرتكبيها الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1948 ، ولمن يريد او يتمكن من الرد على اي فقرة فأنا مستعد لنشر رده في الصحف مع الاعتذار .
اراد بعض سياسيو السنة ان يلمعوا صورتهم ولا داعي لذكر الاسماء فطالبو الكتلة الاكبر مقابل تحالفهم معها ان تحل هيئة المساءلة والعدالة فكان لهم ما يريدون ، ودخل الأمر ضمن البرنامج الحكومي للسيد السوداني ، وانهالت علي الاستفسارات ، فكنت اجيب ( الموضوع لا قيمة له ، ولا يرتب أي اثر ايجابي لأن هيئة المساءلة ليست الا جهة منفذة لقانون لا زال نافذا ، والمعضلة تكمن فيه .. صحيح انه كان ينبغي عدم تشكيل الهيئة اصلا ، ولا هيئة النزاهة ، ولا لجنة الامر الديواني (129س) ولا لجنة الامر الديواني (60) لأن مهامهم جميعا هي مهام القضاء بلا جدال ، وتجدر الاشارة ان كلفة تلك التشكيلات الزائدة كانت تكفي لبناء برجي خليفة في كل محافظة عراقية ، وفيلق مدرع وقاعدة جوية ، كون رواتبهم الشهرية لا تقل عن 3 مليار دينار شهريا .
صحيح ان القضاء سيحيل الامر الى جهات متخصصة على الاقل ، ولكن ماذا عن هيئة التمييز للمساءلة والعدالة ؟؟ وماذا عن القرارات السابقة التي باتت قطعية ؟؟ وماذا عن الشمول بقانون المساءلة والعدالة ؟؟ وماذا عن الشمول بقانون الحجز والمصادرة والذي اكدت هيئة المساءلة فيه ان هناك (500) مشمول من جهاز المخابرات السابق معظمهم اعدو مدراء اقسام تحقيقية كما نص القانون ، بينما فيهم رئيس قسم السودان ، ورئيس قسم طب الاسنان ، ورئيسة قسم الحاسبة ، واكتسبت قراراتهم البتات ، وفي الجانب الآخر يوجد اعضاء فرق صاروا اعضاء فروع بقدرة قادر ، واحدهم كان معي عضو فرقة واحلنا الى التقاعد (المحاربين) بهذه الدرجة ، وأنا اناضل منذ سنين امام القضاء لإثبات ذلك دون جدوى ، لأن المساءلة قالت انه عضو فرع ، ولم تقدم اي دليل مفيد للقضاء ، وكل ذلك ناقشته مع الاخوة في الهيئة بزيارات كثيرة ، وكان الأخ رئيس الهيئة يستدعيني للتوضيح امام الجهات المختصة في الهيئة بحضوره ، الا ان الامر لم يفض الى شيء ،عدا موقفهم المشرف من موقف الخارجية غير الدستوري بمنع المشمولين من الحصول على الوكالات وشهادة الحياة ، هذا مع العرض اني لم اكلف الهيئة بأية قضية شخصية .
كيف سيتعامل القضاء مع هذه الامور ؟؟ اذا رجعنا الى الفصل الثالث (مهام الهيئة) في قانون المساءلة سنجد ان البند (اولا) منه يقول ((تطبيق احكام هذا القانون)) وهذا البند بالضرورة سيكون هو مهمة مجلس القضاء الاعلى ، هل من سؤال ؟؟ الجواب نعم لم يتغير من الواقع شيئ .