الحرب لا تبدأ بغتة , إنها ذروة التعبير عن النفس العدوانية , التي تنمو شيئا فشيئا , وما يحصل في العالم أن العدوانية تتنامى , والعديد من الدول تتخندق في هوسها العدواني المتأجج , وهناك دول تصب الزيت على النار , ولا توجد دول لديها القدرة على إبطال فتيل الحرب.
الحرب العالمية الأولى إنتشرت فيها الأوبئة فأججت العدوانية , وأبخست قيمة الحياة , فكانت الواقعة التي قتل فيها 20 مليون شخص , وجرح 21 مليون شخص.
وكذلك الحرب العالمية الثانية التي كان عدد سكان الأرض حينها أكثر من مليارين بقليل (2.3) و القتلى (70 – 85) مليون , بنسبة (3%) من عدد سكان الأرض.
وإذا أخذنا هذه النسبة بالحسبان فالقتلى سيكونون (240) مليون , أما إذا إستحضرنا نوعية الأسلحة الفتاكة المعاصرة فالأعداد أكثر من ذلك بعشرات الأضعاف.
والواقع البشري إنتشر فيه وباء كورونا الذي قضى على أكثر من 3.6 مليون شخص في العالم , وتنامت العدوانية وتفجرت في أوكرانيا , التي صارت البؤرة الملتهبة الجذابة لمنطلقات الويل والوعيد.
وما يجري من تطورات متشابه مع ما حصل قبل الخربين العالميتين في القرن العشرين , فالمسير نحو الهاوية يمضي بحذر لأن النتائج مروعة , ولهذا كل قوة تريد أن تكون صاحبة الضربة الإستباقية.
ويبدو أن أوربا قد توحلت في أوكرانيا , والقوة التي توجهها ستتدخل في نهاية المطاف لتجني ثمار الويلات , وتعزو الحسم لإرادتها , والقراءة الموضوعية تشير إلى أن هذه المواجهة غير مسبوقة في التأريخ , لوجود عدد من الدول القابضة على أفدح الأسلحة وأخطرها , مما يعني أن الفناء المتبادل سيكون في أحسن الأحوال , وكأن الإنتحار الجماعي بوصلة السلوكيات العدوانية المتنامية.
فهل ستتحول المدنية المعاصرة إلى عصف مأكول؟
التأريخ يؤكد بأن لكل حالة عمر معين , وما وصل موجود فوق التراب إلى ذروة ما يستطيع , إلا وإنحدر إلى حيث إبتدأ , فالقوى والدول والحضارات , لا تحتلف عن مسيرة البشر الذي يبدأ طفلا وينتهي كهلا , وأعجز من طفل.
وبموجب هذا القانون الدوراني القابض على الموجودات في وعاء الجاذبية والغثيان والدوران , لا تدوم القوى وتتبادل الأدوار جميع الموجودات.
وعليه فأن القدرات السائدة فوق التراب , ستؤول إلى عهن منفوش!!
فقد غاب الحلم وتسيد المألوس!!