نفث دخان سيكارته وهو يشرب قدح الشاي مع صمونه يأكلها لتسد جوعه كما يبدو ثم اخذ يتحدث للواقفين معه عن الظلم الذي يتعرض له المواطن مستهزأ بالدعوة لاجراء انتخابات مجالس المحافظات قائلا اتمنى ان لايحصلون على هذه الرواتب والمخصصات والامتيازات لنرى بعدها كم شخص سيرشح لها .. حديث المواطن حفزني الى كتابة هذا الموضوع الذي اعترف بانه مكرر .فمع تزايد الدعوات لانتخاب مجالس المحافظات تنفتح شهية الاحزاب ومريديهم للترشيح لعضوية هذه المجالس ويتسابقون لا طلاق الكلمات المنمقه والوعود للمواطنين وهو نهج دأب عليه كل مرشح لعضوية مجلس النواب فصار سياقاً يتكرر عند كل دورة انتخابية سواء لمجلس النواب او مجالس المحافظات او سواها من المواقع .. وعلى النقيض من كل دول العالم التي تعد مواقع المسؤولية تكليف وفرصة للمسؤول لاثبات اخلاصه لشعبه ، فانها في عراق ما بعد الاحتلال صارت مجالا خصباً للاثراء غير المشروع والمنافع الشخصية سواء بالرواتب والمخصصات الخياليه او بعقد صفقات مشبوهة تدر ارباحاُ فاحشه للمسؤول !! ولن نأتي بجديد اذا قلنا ان ما يتقاضاه اعضاء مجالس النواب او مجالس المحافظات في كل دول العالم مع اختلاف التسميات من بلد الى اخر طبيعية جداُ وتتوقف الرواتب والخدمات المقدمة له ويعود الى وظيفته السابقة عند انتهاء الدورة الانتخابية والمرشح لها يعد ها فرصة تطوعية ليس الا، في حين ان ما شرع من قوانين في عراق ما بعد الاحتلال حولت مجلس النواب ومجالس المحافظات الى مؤسسات نفعية بامتياز ..وهذا ما افقدها دورها وواجباتها الحقيقية لخدمة المواطن . وقد شجعت الادارة الاميركية هذا النهج السيء منذ ان شكلت مجلس الحكم السيء بصيغته المحاصصاتية وخصصت لاعضائه رواتب ومخصصات ومنافع ما انزل الله بها من سلطان من اجل تكريس وجود طبقة سياسية انانية وظيفتها النهب ونشر الفساد والخراب في العراق .. ومن هنا عمل سياسيو الصدفة باحزابهم وكتلهم على محاولة قتل روح المواطنة وتحويل مجلس النواب ومعه مجالس المحافظات الى ضيعات خاصة لهم .. ولم تلق دعوات الشخصيات والاحزاب الوطنية الحقيقية بضرورة اعادة النظر برواتب المسؤولين ومنهم اعضاء مجالس النواب والمحافظات اي استجابة برغم الرفض الشعبي الكبير لها الذي ترجم الى غضب عبرت عنه الجماهير بتظاهرات واحتجاجات سلمية في بغداد والمحافظات توجت بانتفاضة تشرين الباسلة .. وبالتأكيد ان محافظات العراق ستشهد تكالباً للترشيح لمجالسها من قبل عناصر احزاب السلطة الفاسدة والنفعية اذا ما تحدد موعد ها او اقر القانون الخاص بهذه الانتخابات ليس لخدمة المواطن بل للتربح والمنافع الشخصية .. لن نتطرق هنا الى طبيعة المنافع والامتيازات للنواب او لاعضاء مجالس المحافظات ويمكن الاطلاع عليها من خلال الضغط على زر غوغل ليتبين لنا مستوى الظلم الذي نحن فيه وطبعا نفس الامر ينطبق على الوزراء واصحاب الدرجات الخاصة .. ومن هنا فان الدعوات لانتخاب مجالس المحافظات وتعديل قانونها هي فرصة للشخصيات والاحزاب الوطنية والى تنسيقيات انتفاضة تشرين من اجل تنظيم حملة واسعة تدعو الى اعادة النظر برواتب ومخصصات وامتيازات المسؤولين سواء الوزراء او اعضاء مجلس النواب وايقاف هذا النهب للمال العام المشرعن بقانون والا فسيبقى مجلس النواب ومعه مجالس المحافظات مؤسسات نفعية للربح غير المشروع وليست تطوعيه لخدمة المواطنين ..