18 ديسمبر، 2024 10:20 م

عبارة دارجة معروفة عند البنائين “الخلفات أو الخلفة” , فالبنّاء يبني وفقا لقاعدة “حل وشد” , أي أن الحواجز ما بين الطابوقات المتراصفات يجب أن لا تتطابق , بل تتخالف , وبهذا يكون البناء قويا وراسخا , أما إذا صار “الحل على الحل” و “الشد على الشد ” , فالبناء سيكون واهيا والجدار سيؤول للسقوط السريع حتما.
وهذه فطرة بقائية , فاعلة قي الكائنات ومن ضرورات ديمومتها السرمدية فوق التراب , وخلاصتها التنوع , فبدونه لا تتواصل الحياة وتنتهي المسيرة الكائنية.
فتنوع المخلوقات بصورها وما تحويه من أفكار , وما يبدر منها , سر كبير من أسرار قوة الوجود , وسلامة التواصل الفاعل المتجدد المعطاء اللازم لإقامة أعمدة الحياة المتواشجة.
وإنطلاقا من الأرض إلى باقي الأجرام والمجاميع الشمسية المطلقة الأعداد , فقانون الحل والشد يؤمّن خلودها البعيد في غياهب المجهول السحيق.
وعليه فوعي ضرورة التنوع وأهميته وتنميته , وإحتضان عناصره ومفرداته يساهم بالقوة والإقتدار.
وبموجب ذلك فالمجتمعات المتنوعة أقوى من المجتمعات الأقل تنوعا , وأهم لبنة في عمارة الإقتدار هي الأفكار , التي عليها أن تتنوع وتتعدد لصناعة السبيكة الفكرية الصلدة , الكفيلة بالحفاظ على الوجود الفولاذي العتيد , والرؤية المستنيرة المشرقة.
فكل حالة بلا تنوع ضعيفة , ولكي تستمر العقائد والأحزاب والأديان وغيرها من الكيانات , عليها أن تتعدد وتنطلق فيها مسيرات التنوع الفكري والإدراك المعرفي المتجدد.
فكثرة المذاهب والمدارس في أي دين دليل على قوته وتواصله مع مكانه وزمانه , ولا يجوز تحويل ينابيع القوة إلى مستنقعات آسنة للدمار والإتلاف.
وهذا ما تستثمر فيه القوى المعادية لأية صيرورة ذات طاقات تعددية , فتمدها بما يحيلها إلى موجودات عدوانية ذات طبائع بلياردية.
فهل إستوعبنا معنى الواحد؟!!