البراميل الفارغة تصدر أصواتا عالية عند ضربها , وعندما تمتلئ تكون أصواتها خافتة.
والمشكلة الفاعلة فينا أن معظمنا براميل فارغة , عامتنا ونخبنا , والبراميل (المتروسة) , لا تُسمع أصواتها من شدة الضجيج السائد , وهذا ينطبق على جميع الحالات والمستويات , مهما تنوعت وتوهمت بأنها غير ذلك.
فلو نظرتم لما تحقق تداوله منذ (2003) , لتبين بأننا كتبنا وخطبنا وقلنا , أكثر من معظم المجتمعات , أما إنجازاتنا فصفر على الشمال.
أصحاب الأقلام وبلا إستثناء ما أجادوا غير الأقوال الفارغة , شعرا ونثرا , حتى كره الناس الإقتراب الجاد من المكتوب , ومع هذا , تجدمَن نشر كلمة صار يتبجح بأنه أمير الإبداع وسيد اليراع , وهم يعمهون في دياجير البهتان , والعدوان على الذات والموضوع.
وتجدنا بلا إنجازات عملية , وأكثرنا يعيش في تصورات وهمية , ويحسب أنه يسبح في بحر من الثقافة وما هو كذلك.
هذه الفراغية ذات الأصوات العالية , تضخ مشاعر الكبرياء المزيفة , وتمنع آليات التفاعل والحوار الجاد والإعتزاز المتبادل ببعضنا , وتملي علينا إرادة التماحق والإستلاب.
ومنا الذين يتوهمون القراءة ويسقطون ما فيهم على ما يقرأون , ويستنفرون طاقاتهم السلبية لمهاجمة الآخر, لأنه لا يتفق وما يرونه ويحسبونه فصل المقال.
فكبرياؤنا مزيفة خاوية , خالية من قدرات التفاعل الجماعي الإيجابي وتدفع للتنافر والتعادي , وواحدنا طاووس زمانه , وإمبراطور مستبد , يصنع له كرسيا من الأوهام , ليتربع على عرشه ويغفل ما حوله.
تلك مأساتنا ومنبع ويلاتنا , ومهماز وجيعنا , وإنطلاق ما فينا من السيئات.
فلماذا لا نرى بعضنا؟
لماذا لا نكون أصحاب عقول متواضعة متلاقحة؟
ولماذا التأسد العدواني على بعضنا؟
إنها طبيعتنا السلوكية التي ننكرها , ولا نريد الإقرار بوجودها , وهي بوصلة أيامنا وعنوان هواننا!!