26 نوفمبر، 2024 5:38 م
Search
Close this search box.

العراق… بين المرجعية الدينية و المرجعية السياسية

العراق… بين المرجعية الدينية و المرجعية السياسية

استمراراً لعمليات التحليل السياسي لقرار سماحة السيد مقتدى الصدر الذي اعلن فيه اعتزاله العمل السياسي و اغلاق مكاتبه في عموم محافظات العراق و عدم تأييده لاي كتله سياسيه بضمنها كتلة الاحرار التي تمثل الخط الصدري في العمليه السياسيه و الاثار التي ستنتج عن هذا القرار المفاجئ و شكل الحكومه القادمه خصوصا و ان للتيار الصدري ثقله و تأثيره الكفيل بقلب المعادله السياسيه اذا ما وقف مع جانب دون اخر؛ و لكن المفاجئه التي جاء بها هذا القرار جعلت الجميع ينظرون الى الحكومه القادمه و طبيعة الائتلافات السياسيه التي لن تضم حسب قرار السيد الصدر االتيار الصدري دون ان يكون هناك نظره الى طبيعة العمل السياسي نفسه في العراق و الذي اصبح (العمل السياسي) بعد اعلان هذا القرار بعيدا كل البعد عن السياسه و هو في الوقت نفسه سببا مباشرا للوضع الذي يمر به العراق اليوم.

ان موقف سماحة السيد الصدر و قبله المواقف التي صدرت عن العديد من علماء الدين امثال الشيخ العلامه عبدالملك السعدي او السيد عمار الحكيم و غيرهم من المراجع الدينيه يعني ان القرار الذي يفترض ان يكون سياسيا هو بيد مراجع دين لا سياسه و ان الكتل السياسيه التي لم ترتقي بعد الى مرتبة الاحزاب (نظرا لعدم وجود قانون ينظم الاحزاب السياسيه في مخالفه صريحه للدستور) لا تستطيع التحرك دون الرجوع الى هذه المراجع و الشواهد على هذا الامر كثيره منها دعوة العلامه عبدالملك السعدي الى النواب السنه بتقديم الاستقاله احتجاجا على التمييز الذي تمارسه الحكومه ضد السنه او مواقف السيد الحكيم و السيد الصدر من اعضاء البرلمان اللذين مثلوا كتلهم السياسيه (الشيعيه) المصوتوين على قانون التقاعد و فصل من ثبت تصويته من النواب ؛ و ان تاثير المراجع الدينيه على القرار السياسي يفوق التصورات فعندما نقول ان القرار السياسي هو بيد رجال الدين فنحن لا نكون امام عمليه سياسيه تقودها احزاب لها برامج سياسيه بل عمليه يقودها رجال الدين و من المؤكد ان نجد اختلاف الرؤى و الايدولوجيات التي يجب ان يتمتع بها رجل السياسه تمييزا له عن رجل الدين و هو ما يؤكد ان العراق ليس دوله مدنيه الطبيعه بل هو دوله مقسمه دينيا والدليل هو اعتبار البعض ان قرار السيد مقتدى الصدر انما هو اعدام لكتله شيعيه بالمقام الاول و ان ذلك يؤدي الى تراجع التواجد الشيعي في الحكومه المقبله دون النظر الى اهمية هذه الكتله من الناحيه السياسيه و ما الذي يمكن ان تقدمه باعتبارها كتله سياسيه و الفرق بين الحالتين كبير فمن غير الممكن ان تتساوى كتله لها توجه ديني او تمثل طائفه معينه في العراق و كتله سياسيه تعمل بحريه تامه (مع التقيد بالقانون) وفقا لبرنامج سياسي متفق عليه من قبل اعضائها و تسعى جاهده لتطبيقه من اجل الجميع دون تمييز.

ان التأثير الديني في العمل السياسي ليس بالامر الجديد بل نجده قد رافق الى حد كبير التغيير الذي جائت به الولايات المتحده الامريكيه و هو الاساس الذي بنيت عليه الحكومه في العراق و لازلنا نتذكر استخدام الرموز الدينيه في اول انتخابات برلمانيه في العراق و حسب اعتقادي انه كان الدافع الاساسي الذي اعتمد عليه السيد مقتدى الصدر في قراره الاخير لانه اصبح على يقين ان الدين اصبح بمثابة السلم الذي يجب على من يريد الدخول الى عالم السياسه ان يتسلقه و ايضا كان لهذا التأثير سلبيات لا يمكن التخلص منها بسهوله و ابرزها تقسم العراق و ان لم يكن بصوره مباشره الى اقاليم سواء سنيه او شيعيه (بالاضافه الى اقليم الكرد)و هي سببا لمعاناة الشعب العراقي الذي لم يعد يميز بين ما هو سياسي و ما ديني و اصبح ينتظر الامر من المرجع الديني كي يعطي صوته للمشاركين في العمليه التي يعتقد انها سياسيه.

أحدث المقالات