دعونا نعود قليلا الى الوراء ، لنقرأ مبادره الحكيم الخاصة بالأنبار ، بعد الحمله العسكرية التي قام بها الجيش الباسل ، وهو يدك معاقل الإرهاب ، بعد دخول الإرهابيون من داعش الفلوجه والتحصن بها ، مع حلفاءهم من بقايا النظام المباد من بعثيين وفدائيي صدام وضباط المخابرات والأمن القومي ، هذا الدخول الغريب للإرهابيين الى مدينته الفلوجه بعد ان كانوا في الصحراء الانباريه ؟!
هذه المبادرة التي سميت باسم “أنبارنا الصامدة” لتطويق الازمة في الانبار وهي من عشر نقاط اهمها تخصيص اربعة مليارات دولار تصرف على مدى اربع سنوات لإعمار المحافظة، وتشكيل مجلس اعيان الانبار وانشاء قوات الدفاع الذاتي من عشائر المحافظة ، والتي جاءت لنزع فتيل الأزمة في العراق الذي يتعرض لهجمة شرسة من قبل قوى الظلام، مبادرة لحقن الدماء العراقية ومحاربة الارهاب الذي يسفك الدماء يوميا بدون ذنب واستغل الوضع غير المستقر للبلد .
مبادره الحكيم جاءت لوضع الجميع أمام مسؤولياتهم للحفاظ على الدم العراقي، ولا يريد ان يكون مرشحا، او يسعى لتحقيق مصلحة شخصيه على حساب دماء الشعب العراقي ، لذلك من يعترض على المبادرة فهو واهم، لايمكن الطرق على الجانب الطائفي من اجل مصالح ذاتية لا تصل بالبلاد الى بر الأمان.
فليس مستغربا هذه الأفعال من تاريخ طويل من الفهم والوعي الكامل بالوضع السياسي العراقي ، فكان الحكيم سابقا لكل المواقف وأثبت انسيابيه وصله عاليه مع أولي الامر ( المراجع العظام ) فقال قوله وفعل ، ليس رغبه في مكان او منصب إنما هو ايمان ودين مطلق بالمرجعيه الدينيه ، وبضروره التأسيس لمشروع وطني رصين قائم على المصداقية واحترام الانسان .
اليوم جاء السيد المالكي لينفذ هذه المبادرة مشكورا ، بعد رفضها ابتداءً ، ويبدو انها رفضت ليس بمضمونها ، الا انها رفضت لأسباب سياسية بلا جدال ، لانها نفذت جميعها اليوم ولكن بصيغه اخرى ، وباستثناء اختلاف في عوده الضباط الكبار من الجيش العراقي السابق ، ودون المرور بهيئه المسائلة والعدالة ، ومن تلطخت أياديهم بدماء الأبرياء من الشعب العراقي ، إبان حكم الطاغية المقبور ، والذي خلف المئات من المقابر الجماعيه ؟
لا نعلم ما هو السر وراء رفض المبادرة ابتداءً ، وحقن دماء أبناءنا من القوات المسلحة ، والذين ذهبوا ضحيه التصرفات الهوجاء للقيادات والاجتهادات الشخصية ، والتي أودت بحياه الأبرياء من جنودنا البواسل ، وهل هناك خطط عسكريه تدار بها المعركة مع الإرهاب، والذي يتميز بالتدريب العالي ، والتقنية الحديثة للسلاح ، والدعم المالي .
هذه المبادرة لم تأتي لتنصب أهل الأنبار فحسب ، بل جاءت لتحقق مكسبا سياسيا للسيد المالكي وحكومته ، بل انها قطعت الطريق امام المتقيدين بمستنقع الطائفية والاقتتال الطائفي ، والتدخل الإقليمي في شؤون العراق الداخلية .
كان الاولى بالآخرين قراءة هذه المبادرة على انها ترطيب للأجواء السياسية ، وتهدئة للأوضاع المحتقنة ، والتي يستغلها الإرهاب ليكشر عن أنيابه ضد الأبرياء العزل ، وتقرا هذه المبادرة بروح وطنية بعيداً عن الخلافات السياسيه ، والتعنت بالمواقف ، والذي أوصل العراق الى حافه الهاوية ،وادخل العراق في نفق لايمكن الخروج منه أبدا، اذ كان من المفترض ان لا توضع المبادرة في قالب السياسة ، بل نجردها من أهدافها ومحتواها لنجد أنها جاءت لتخفيف حدة الاحتقان السياسي والذي ينعكس بالسلب على الشارع العراقي ، والذي ينتظر من السياسيين أن يسعوا إلى تعزيز الثقة فيما بينهم ، خصوصاً ونحن مقبلون على حالة من التغيير في المشهد السياسي في انتخابات مصيرية تحدد معالم الوضع السياسي القادم .
يبقى علينا ان نشكر السيد المالكي على تنفيذه لمبادره وطنيه جاءت في توقيت صحيح ، وانطلقت من رجل وطني ،يشهد له الجميع بذلك الا وهو السيد الحكيم ، ولكننا كان نتساءل ، ونرفع تساولنا للسيد المالكي ،،، أليس الاولى اولا تعويض أبناءنا الشهداء من الجيش العراقي ، الذين سقطوا في مستنقع الأنبار ، وان يتم تعويضهم بما يليق بوقوفهم امام الإرهاب الأسود ، وهل ستكتمل مسيره القضاء على الإرهاب في العراق ، ام ان الملف أغلق ؟!
نبقى علينا ان ننتظر ماذا يعد لنا من خلف الكواليس من أزمات اخرى ، تدخلنا في متاهات يكون الضحية فيها المواطن العراقي ، الذي اصبح العوبه السياسيين وأهدافهم ، ويبقى على شعبنا الجريح ان يعي حجم المؤامرة عليه ، وان يتحمل المسووليه كامله في التغيير لبناء غد اجمل لعراق أفضل .