يمكن القول ان موقف الانسان من الظلم الذي تعرضت له بضعة النبي الاكرم (فاطمة بنت محمد) يعتمد على زاوية النظر التي ينظر بها للتاريخ والنتائج.
ويمكن توضيح ذلك كالتالي:
1️⃣ مثلا، اذا فكرت بالطريقة التي تفكر فيها الزهراء، بلحاظ معنويتها العالية، انها ادت ما عليها من تكليف.
اي انها (عليها الصلاة والسلام) قد تكون سعيدة بما انجزته من تصدي ضد الانحراف. لكونها رفعت صوتها عاليا وقالت:
“ويحهم أنى زعزعوها عن رواسي الرسالة، وقواعد النبوة والدلالة، ومهبط الروح الأمين، والطبين بأمور الدنيا والدين، ألا ذلك هو الخسران المبين”
▪️وكلامها يؤكد حصول انحراف عن الرسالة المحمدية، وابتعاد عن ما جاء به النبي الاكرم، والبعد عن الوحي، وعن القيادة التي اعدها الرسول الاكرم. ثم تحذر من خسارة الامة بسبب ذلك.
▪️وخطبتها موجود ومتواترة، بشكل معتد به. فضلا عن مستواها اللغوي والمعرفي العالي، الذي لا يصدر الا عن بضعة ابيها.
▪️وبالتالي، تكون هي حذرت الامة، وفازت ببراءة الذمة تجاه المرسل والرسول والرسالة. وهذا غاية الفخر لها.
هكذا، هي الصورة الوردية لما حصل، اذا نظرنا لها من زاوية الربح والخسارة المعنوية.
2️⃣ اما اذا نظرنا الى الاحداث التي حصلت، من زاوية عاطفية واخلاقية، تكون الصورة مختلفة تماما ومؤلمة.
لقد كان موقف الانقلابين غير اخلاقيا، سواءا كانت هي (الزهراء) او غيرها. فان الظلم مؤلم، ايا كان ذلك المظلوم. وقد تعرضت فاطمة بنت محمد الى ظلم حكومي واضح، كونها مواطنة فضلا عن كونها بنت المؤسس للدولة وللامة.
▪️يمكن القول ان البشر، اجمالا، يشتركون برفض الظلم نفسيا. فاذا نظرنا من هذه الزاوية، يمكن الاتفاق على موقف رافض لما حصل تجاه الزهراء.
3️⃣ الزاوية الاهم، هي نظرتنا لما حدث، بكونه يفتح باب الغضب.
وبالتالي، اذا كان الانسان يخاف على نفسه او اسرته او مجتمعه، او يخاف على مستقبل البشرية. فانه يستشرف خطرا قادما، ويتوقع عقوبة جماعية، قد يصيبه منها الشرر.
وحتى الحسابات الشخصية والانانية للفرد العاقل، والمؤمن بوجود ادارة الهية. تلك الحسابات تنذر باستحقاق العقاب.
▪️▪️ لذلك، اتخاذ موقف رافض لما حصل، ضد الزهراء، هو اجراء احترازي، فضلا عن كونه عقلائي.. لان التقادم الزمني لم يلغي النتائج. بل ان واقع الامة اليوم هو عامل اضافي واساس، يلفت نظر اللبيب الى ذلك الموقف العظيم للزهراء، وقد حاولت انقاذ الرسالة واتباعها من الوقوع في الهاوية الحالية …
وللحديث بقية.