17 نوفمبر، 2024 1:31 م
Search
Close this search box.

قصة الحضارة (51): أسفار اليوبانشاد أول تجليات الفلسفة الهندية القديمة

قصة الحضارة (51): أسفار اليوبانشاد أول تجليات الفلسفة الهندية القديمة

 

خاص: قراءة- سماح عادل

يحكي الكتاب عن أسفار اليوبانشاد، أول تجليات الفلسفة الهندية، والتي يتوضح فيها حكمة الحضارة الهندية القديمة، وتعاليم يلقنها المعلم لتلميذه، ويعرفه بها فكرة الإله الواحد وفكرة تصور العالم الخارجي. وذلك في الحلقة الواحد والخمسين من قراءة “قصة الحضارة” الكتاب الموسوعي الضخم وهو من تأليف المؤرخ الأمريكي “ويل ديورانت” وزوجته “أريل ديورانت”، ويتكون من أحد عشر جزء.

أسفار يوبانشاد..

يتناول الكتاب مؤلفو هذه الأسفار وموضوعها وفكرة موازنة العقل بالبصيرة البديهية:  “قال شوبنهور: “إنك لن تجد في الدنيا كلها دراسة تفيدك وتعلو بك أكثر مما تفيدك وتعلو دراسة أسفار يوبانشاد، لقد كانت سلواي في حياتي- وستكون سلاوي في موتي” فلو استثنيت النتف التي خلفها لنا “فتاح حوتب” (المصري) في الأخلاق، كانت أسفار اليوبانشاد أقدم أثر فلسفي ونفسي موجود لدى البشر، ففيها مجهود بذله الإنسان دقيق دؤوب، يدهشك بدقته وما اقتضاه من دأب، محاولاً أن يفهم العقل وأن يفهم العالم وما بينهما من علاقة، إن أسفار اليوبانشاد قديمة قدم هومر، ولكنها كذلك حديثة حداثة “كانت””.

وعن معنى كلمة يوبانشاد يواصل: “والكلمة مؤلفة من مقطعين “يوبا” ومعناها “بالقرب” و “شاد” ومعناها “يجلس” ، ومن “الجلوس بالقرب” من المعلم، انتقل معنى الكلمة حتى أصبح يطلق على المذهب الغامض الملغز الذي كان يسره المعلم إلى خيرة تلاميذه واجهتم إليه، وفي الأسفار مائة وثمان محاورات مما جرى بين المعلم وتلاميذه، ألفها كثير من القديسين والحكماء بين عامي 800 و 500 ق.م، وهي لا تحتوي على مذهب فلسفي متسق الأجزاء، بل تحتوي على آراء وأفكار ودروس لرجال عدة، كانت الفلسفة والدين عندهم ما يزالان موضوعا واحدا، وقد حاول هؤلاء الرجال بهذه الآراء أن يفهموا الحقيقة البسيطة الجوهرية التي تكمن وراء كثرة الأشياء الظاهرة، حتى إذا ما فهموا أنفسهم بها توحيداً يحوطه إجلال الورع، وهذه الأسفار كذلك مليئة بالسخافات والمتناقضات، وهي في بعض مواضعها هنا وهناك تتسلف الاتجاه الذي سار فيه “هجل” فيما بعد بكل ما قاله من لغو الحديث، وأحياناً فيها عبارات غريبة غرابة الصيغ التي يستعملها “توم سوير” في معالجته للزوائد الجلدية عند مرضاه، ولكنها أحياناً أخرى تعرض عليك ما قد تظنه أعمق ما ورد في تاريخ الفلسفة من ضروب التفكير”.

مؤلفو الأسفار..

وعن من ألف تلك الأسفار يضيف: “إننا نعلم أسماء مؤلفي هذه الأسفار لكننا لا نعلم من حياتهم شيئاً إلا ما يكشفون لنا عنه حيناً بعد حين في ثنايا تعاليمهم، وأبرز شخصيتين بين هؤلاء هما: “ياجنافالكيا” الرجل و”جارجي” المرأة التي لها شرف الانخراط في سلك أقدم الفلاسفة، وقد كان “ياجنافالكيا” أحد لساناً من زميلته، ونظر إليه زملاؤه نظرهم إلي مجدد خطر، ثم جاء الخلف فاتخذ مذهبه أساساً للعقيدة السليمة التي لا يأتيها الباطل، وهو يحدثنا كيف حاول أن يترك زوجتيه ليكون حكيماً راهباً، وأننا لنلمس في رجاء زوجته “ميتريى” له أن يأذن لها بصحبته، كم كان شغف الهند مدى قرون طوال بمتابعة التفكير في الفلسفة والدين.

“وبعدئذ كان ياجنافالكيا” على وشك أن يبدأ لوناً جديداً من ألوان الحياة.

قال ياجنافالكيا: “ميتريى! انظري، فأنا على وشك الرحيل من هنا لأجوب أقطار الأرض، فأصغيا إليّ أنت و”كاتيايانى” أقل لكما قولاً أخير”.

وهنا تكلمت ميتريى: إذا ملئت لي هذه الأرض كلها الآن يا مولاي بالغني، أأكون بهذا كله بين الخالدين؟”، فأجابها ياجنافالكيا: “كلا! كلا! يستحيل أن يكون الثراء طريق الخلود”.

وهنا تكلمت ميتريي: “فماذا عساي أن أصنع بمال لا يخلدني؟ اشرح لي يا مولاي كل ما تعلمه””.

موضوع أسفار اليوبانشاد..

وعن ما تناولته تلك الأسفار يتابع: “وموضوع أسفار اليوبانشاد هو كل السر في هذا العالم الذي عز على الإنسان فهمه: “فمن أين جئنا، وأين نقيم، والى أين نحن ذاهبون؟ أيا من يعرف “براهمان” نبئنا من ذا أمر بنا فإذا نحن هاهنا أحياء.. أهو الزمان أم الطبيعة أم الضرورة أم المصادفة أم عناصر الجو، ذلك الذي كان سبباً في وجودنا، أم السبب هو من يسمي “بوروشا”- الروح الأعلى؟، لقد ظفرت الهند بأكثر من نصيبها العادل من الرجال الذين لا يريدون من هذه الحياة “ما لا يعد بألوف الألوف، وإنما يريدون أن يجدوا الجواب عما يسألون”.

فتقرأ في سفر “ميتريى” من أسفار يوبانشاد عن ملك خلف ملكه وضرب في الغابة متقشفاً زاهداً، لعل عقله بذلك أن يصفوا ليفهم، فيجد حلاً للغز هذا الوجود، وبعد أن قضى الملك في كفارته ألف يوم، جاءه حكيم “عالم بالروح”، فقال له الملك: “أنت ممن يعلمون طبيعة الروح الحقيقية، فهلا أنبأتنا عنها؟” فقال الحكيم منذراً: “اختر لنفسك مآرب أخرى” لكن الملك يلح، ويعبر في فقرة- لابد أن تكون قد لاءمت روح شوبنهور وهو يقرؤها- عن ضيقه بالحياة، وخوفه من العودة إليها بعد موته، ذلك الخوف الذي تمتد جذوره في كل ما تطرب به رءوس الهندوس من خواطر وأفكار، وهاك هذه الفقرة:

“سيدي، ما غناء إشباع الرغبات في هذا الجسد النتن المتحلل، الذي يتألف من عظم وجلد وعضل ونخاع ومنيّ ودم ومخاط ودموع ورشح أنفي وبراز وبول وفساء وصفراء وبلغم؟ ما غناء إشباع الرغبات في هذا الجسد الذي تملؤه الشهوة والغضب والجشع والوهم والخوف واليأس والحسد والنفور مما تنبغي الرغبة فيه والإقبال على ما يجب النفور منه، والجوع والظمأ والعقم والموت والمرض والحزن وما إليها؟ وكذلك نرى هذا العالم كله يتحلل بالفساد كما تتحلل هذه الحشرات الضئيلة وهذا البعوض وهذه الحشائش وهذه الأشجار التي تنمو ثم تذوي.. وإني لأذكر من كوارث جفاف المحيطات الكبرى وسقوط قمم الجبال وانحراف النجم القطبي رغم ثباته..

وطغيان البحر على الأرض. في هذا الضرب من تعاقب أوجه الوجود. ما غناء إشباع الرغبات، مادام بعد إشباع الإنسان لها، سيعود إلى هذه الأرض من جديد مرة بعد مرة”؟”.

قصور العقل..

وعن أول درس في الأسفار يذكر: “وأول درس سيعلمه حكماء اليوبانشاد لتلاميذهم المخلصين هو قصور العقل، إذ كيف يستطيع هذا المخ الضعيف الذي تتعبه عملية حسابية صغيرة أن يطمع في أن يدرك يوماً هذا العالم الفسيح المعقد، الذي ليس مخ الإنسان إلا ذرة عابرة من ذراته؟ وليس معنى ذلك أن العقل لا خير فيه، بل إن له لمكانه متواضعة، وهو يؤدي لنا أكبر النفع إذا ما عالج الأشياء المحسوسة وما بينها من علاقات، أما إذا ما حاول فهم الحقيقة الخالدة، اللانهائية، أو الحقيقة في ذاتها، فما أعجزه من أداة! فإزاء هذه الحقيقة الصامتة التي تكمن وراء الظواهر كلها دعامة لها، والتي تتجلى أمام الإنسان في وعيه، لابد لنا من عضو آخر ندرك به ونفهم، غير هذه الحواس وهذا العقل.

“فلسنا ندرك “أتمان” (أي روح العالم) بالتحصيل، لسنا نبلغه بالنبوغ وبالاطلاع الواسع على الكتب. فليطرح البرهمي العلم ليجعل من نفسه طفلاً.. لا يبحثن البرهمي عن كلمات كثيرة، لأنها ليست سوى عناء يشق به اللسان”، فأعلى درجات الفهم- كما كان سبينوزا يقول- هو الإدراك المباشر، أو نفاذ الرأي إلى صميم الأمر بغير درجات وسطى، إنه- كما كان الرأي عند برجسون- هو البصيرة، التي هي بصر باطني للعقل الذي أغلق- متعمداً- كل أبواب الحس الخارجي ما استطاع إلى ذلك من سبيل أن “براهمان” الواضح بذاته، قد تخلل فتحات الحواس من داخل حتى لقد استدارت هذه الفتحات إلى الخارج، ومن ثم كان الإنسان ينظر في الخارج، ولا ينظر إلى نفسه في داخل نفسه، أما الحكيم الذي يغلق عينيه ويلتمس لنفسه الخلود، فيرى النفس في دخيلته”.

فإذا ما نظر الإنسان إلى طوية نفسه ولم يجد شيئاً على الإطلاق، فذلك لا يقوم إلا على دقة استبطانه، لأنه لا يجوز لإنسان أن يتوقع مشاهدة الأبدي في نفسه إذا كان غارقاً في الظواهر وفي الجزئيات، فقبل أن يحس الإنسان هذه الحقيقة الباطنية، ينبغي له أولاً أن يطهر نفسه تطهيراً تاماً من أدران العمل والتفكير، ومن كل ما يضطرب به الجسد والروح، يجب أن يصوم الإنسان أربعة عشر يوماً، لا يشرب إلا الماء، وعندئذ يتضور العقل جوعاً- إذا صح هذا التعبير- فيخلد إلى سكينة وهدوء، وتتطهر الحواس وتسكن.

وكذلك تهدأ الروح هدوءا يمكنها من الشعور بنفسها وبهذا المحيط الخصم من الأرواح، التي ليست هي إلا جزء منه، وبعدئذ لا يعود الفرد موجودا باعتباره فردا، ويظهر “الاتحاد وتظهر الحقيقة الذاتية” لأن الرائي لا يرى في هذه الرؤية الداخلية النفس الفردية الجزئية، فتلك النفس الجزئية إن هي إلا سلسلة من حالات مخية أو عقلية، إن هي إلا الجسم منظور من الداخل، إنما يبحث الباحث عن “أتمان” نفس النفوس كلها، وروح الأرواح كلها، والمطلق الذي لا مادة له ولا صورة، والذي ننغمس فيه بأنفسنا جميعاً إذا نسينا أنفسنا كل النسيان”.

المذهب السري..

وعن ما اطلق عليه الكتاب “المذهب السري”: “تلك إذن هي الخطوة الأولى في “المذهب السري”: وهي أن جوهر النفس فينا ليس هو الجسم، ولا هو العقل، ولا هو الذات الفردية، ولكنه الوجود العميق الصامت الذي لا صورة له، الكامن في دخيله أنفسنا، هو “أتمان” وأما الخطوة الثانية فهي “براهمان” وهو جوهر العالم الواحد الشامل الذي لا هو بالذكر ولا هو بالأنثى غير المشخص في صفاته، المحتوي لكل شيء والكامن في كل شيء، الذي لا تدركه الحواس، هو “حقيقة الحقيقة” هو الروح الذي لم يولد ولا يتحلل ولا يموت، أن “أتمان” الذي هو روح الأشياء كلها، هو روح الأرواح كلها، هو القوة الواحدة التي هي وراء جميع القوى وجميع الآلهة، وتحت جميع القوى وجميع الآلهة، وفوق جميع القوى وجميع الآلهة.

ثم سأله فيداجاداساكايلا قائلاً: كم عدد الآلهة ياجنافالكيا؟

فأجابه: “عددهم هو المذكور في “الترنيمة للآلهة جميعاً” فهم ثلاثمائة وثلاثة، وهم ثلاثة آلاف وثلاثة”.

نعم، ولكن كم عدد الآلهة على وجه اليقين ياجنافالكيا؟

عددهم ستة.

نعم، ولكن كم عدد الآلهة على وجه اليقين ياجنافالكيا؟

هما اثنان.

نعم ولكن كم عدد الآلهة على وجه اليقين ياجنافالكيا؟

إله ونصف إله.

نعم ولكن كم عدد الآلهة على وجه اليقين ياجنافالكيا؟

إنه إله واحد”.

القوة الكائنة فينا..

ويكمل الكتاب: “والخطوة الثالثة من أهم الخطوات جميعاً: “أتمان” و”براهمان” إن هما إلا إله واحد بعينه، إن الروح (اللافردية) أو القوة الكائنة فينا هي بعينها روح العالم غير المشخص، إن أسفار يوبانشاد لا تدخر وسعاً في تركيز هذا المذهب في عقل طالب العقيدة، فما تزال تكرره وتعيده لا تمل له تكراراً وإعادة وإن قل ذلك السامعون، فعلى الرغم من كل هذه الصور الكثيرة وهذه الأقنعة الكثيرة، فإن هو ذاتي وموضوعي شئ واحد، الإنسان في حقيقته التي تتجرد من الفردية، هو هو بعينه الله باعتباره جوهراً للكائنات جميعاً، يوضح ذلك معلم في تشبيه مشهور:

هات لي تينة من ذلك التين

هذه هي يا مولاي

اقسمها نصفين

هاأنذا قد قسمتها يا مولاي

ماذا ترى هناك؟

أرى هذه الحبيبات الدِقّاق يا مولاي

تفضل فاقسم حُبيبة منها نصفين

هاأنذا قد قسمتها يا مولاي

ماذا ترى هناك؟

لست أرى شيئا على الإطلاق يا مولاي

حقاً يا ولدي العزيز، إن هذا الجوهر الذي هو أدق الجواهر والذي لا تستطيع رؤيته.

حقاً إنه من هذا الجوهر الذي هو أدق الجواهر قد نبتت هذه الشجرة العظيمة.

فصدقني يا ولدي العزيز، إن روح العالم هو هذا الجوهر الذي ليس في دقته جوهر سواه.

هذا هو الحق في ذاته.

هذا هو “أتمان”، هذا هو أنت يا شاوناكيتو.

هل لك أن تزيدني بالأمر علماً يا مولاي؟

ليكن لك يا ولدي العزيز.

التقابل بين “أتمان” و”براهمان” .. 

وعن صميم أسفار اليوبانشاد: “هذا التقابل بين “أتمان” و”براهمان” وما ينشأ عن تلاقيهما في حقيقة واحدة- الذي يكاد يكون تطبيقاً للتقابل الديالكتيكي عند هجل- هو صميم أسفار اليوبانشاد، وكثير غير هذا من الدروس نصادفه في هذه الأسفار، لكنها دروس فرعية بالقياس إلى ذلك، ففي هذه المحادثات نرى عقيدة تناسخ الأرواح قد تم تكوينها، كما نرى الشقوق إلى الخلاص من هذه الدورات التناسخية الفادحة، فهذا هو “جاناكا” ملك “الفيديها” يتوسل إلى “ياجنافالكيا” أن ينبئه كيف يمكن التخلص من العودة إلى الولادة من جديد، ويجيب “ياجنافالكيا” بشرح “اليوجا” (أي رياضة النفس) فيقول: إذا اقتلع الإنسان بالتزهد كل شهوات نفسه، لم يعد هذا الإنسان فرداً جزئياً قائماً بذاته، وأمكنه أن يتحد في نعيم أسمي مع روح العالم، وبهذا الاتحاد يخلص من العودة إلى الولادة من جديد، وهنا قال له الملك الذي غلبته حكمه الحكيم على أمره، قال “أي سيدي الكريم، إني سأعطيك شعب الفيديها وسأعطيك نفسي، لنكون لك عبيداً”، وإنها لجنّة صارمة تلك التي يعدها “ياجنافالكيا” ذلك الملك المتبتل، لأن الفرد هناك لن يشعر بفرديته، بل كل ما سيتم هنالك هو امتصاص الفرد في الوجود، هو عودة الجزء إلى الاتحاد بالكل الذي انفصل عنه حيناً من الدهر.

“فكما تتلاشى الأنهار المتدفقة في البحر، وتفقد أسماءها وأشكالها، فكذلك الرجل الحكيم إذا ما تحرر من اسمه وشكله، يفنى في الشخص القدسي الذي هو فوق الجميع”. مثل هذا الرأي في الحياة والموت لن يصادف قبولاً عند الغربي الذي تتغلغل الفردية في عقيدته الدينية كما تتغلغل في أنظمته السياسية والاقتصادية، لكنه رأي اقتنع به الهندوسي الفيلسوف اقتناعاً يدهشك باستمراره واتصاله.

اللاهوت التوحيدي..

ويصف الكتاب الفلسفة التي وردت في اليوبانشاد  بأنها لاهوت توحيدي: “فسنجد هذه الفلسفة التي وردت في اليوبانشاد- هذا اللاهوت التوحيدي، هذا الخلود الهندي من بوذا إلى غاندي، ومن ياجنافالكيا إلى طاغور، فأسفار اليوبانشاد قد ظلت للهند إلى يومنا هذا بمنزلة العهد الجديد للأقطار المسيحية- مذهباً دينياً سامياً- يمارسه الناس أحياناً، لكنهم يجلّونه بصفة عامة، بل إن هذه الفلسفة اللاهوتية الطموحة لتجد حتى في أوربا وأمريكا ملايين بعد ملايين من الأتباع، من نساء مللن العزلة ورجال أرهقهم التعب، إلى شوبنهور وإمرسن، فمن ذا كان يظن أن الفيلسوف الأمريكي العظيم الذي دعا إلى الفردية سيجري قلمه بتعبير كامل للعقيدة الهندية بأن الفردية وهم من الأوهام؟

براهما

إذا ظن القاتل المخضب بدماء قتيله أنه القاتل

أو إذا ظن القتيل أنه قتيل

فليسا يدريان ما اصطنع من خفي الأساليب

فأحفظها لدي، ثم أنشرها، ثم أعيدها

البعيد والمنسي هو إليّ قريب

والظل والضوء عندي سواء

والآلهة الخفية تظهر لي

وشهرة الإنسان بخيره أو بشره عندي سواء

إنهم يخطئون الحساب من يخرجونني من الحساب

إنهم إذا طيروني عن نفوسهم فأنا الجناحان

إنهم إن شكوا في وجودي فأنا الشك والشاك معاً

وأنا الترنيمة التي بها البراهمي يتغنى”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة