المثقفون معمّمون (من العمامة) ومعقلون (من العقال) ومقبعون (من القبعة) وبرؤوسهم يتباهون , وعيدهم أن يحشروا أنفسهم بين الآخرين , ويتزيون بزيهم ويتكلمون بلسانهم , فأسهموا بإختلاط حابلها بنابلها.
الفرصة الإعلامية التسويقية المروَّج فيها لمن هب ودب من ذوي المظاهر الخداعة , هدف سمين للمثقف الأصيل , لكي يزيل الأقنعة ويعري أدعياء ما ليس فيهم.
فالمثقف بحاجة لجرأة وتوثب وتحدي وشجاعة مطلقة في التعبير عن رأيه , فيما يطرحه المتوهمون بالدراية والمعرفة , والذين يدّعون بأنهم يمثلون دين أو عقيدة أو مدرسة أو فئة ومذهب ما.
لابد من المواجهة الصريحة لتوعية الناس وإخراجهم من ربقة القطيع , وقيعان التجهيل والتنويم بأساليب إفتراسية إستحواذية تخدم أعداء كل شيئ , وتضر بمصالح المواطنين , وتميتهم في حياتهم , فيتحوّلون إلى روبوتات تحركها إرادة مالكيها , والمجتهدين بتطويعها لخدمة نواياهم الخفية الجائرة.
فالمثقف دوره أن يحي الأرض البوار , لا أن يبوِّر التربة الصالحة للإبذار , ولكي يقوم بهذه المهمة بنزاهة وإخلاص , عليه أن يخلع من فوق رأسه ما يشير إلى حالة ما , ذات توجهات وتفاعلات مقيّدة بمعتقدات وتصورات تحاول أن تفسر بواسطتها كل شيئ قائم في الحياة.
المثقف ينطق بلسان العقل الواعي لما يبدو له قويما , وصالحا لبناء الحياة الحرة الكريمة للمواطن في بيئته , التي عليه أن يجتهد بتنمية الخير فيها.
إن الإستخفاف بالمثقفين يساهمون هم أنفسهم به , فمنهم مَن يرى أنه بضاعة رخيصة في مزادات الكراسي وملحقاتها , وآخرون يتصرفون كالمرتزقة , والبعض يرى أن قلمه يلعب على الصوبين , مما تسببوا في ضياع قيمة الكلمة , وتداعي تأثير المكتوب , وعدم إكتراث الناس لما يُنشر , أضف إلى ذلك سياسات الحرمان من أبسط الحاجات لترتيع الناس وتدويخهم , وإخراجهم عن سكة الصراط السليم.
فهل لنا أن نثور على أنفسنا , وندرك معنى النون؟!!