ما يبعث على السعادة والتفاؤل بالغد الافضل هو التصميم والارادة الموجودة لدى رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، واجراءاته لتحقيق الاصلاح والتغيير النابع من الايمان باهمية وضرورة ازاحة بعض المآسي والعثرات وقرارات الفشل واعوام الخوف والحزن والفزع لدى العراقيين على اوضاعهم التي يرتبط بها حاضرهم الانساني والاجتماعي والحياتي ومستقبل اجيالهم.
نعم، السوداني يحمل شمعته ليزيح الظلام من امام حكومته التي ولدت بعملية محاصصة تقليدية لا تفرق عن مثيلاتها من الحكومات بالمطلق وعليه ان يتحمل ميراثها الثقيل والمقترن ببيئة سياسية واجتماعية واقتصادية مركبة ومعقدة شاعت فيها ثقافة الفساد الاداري والمالي وحتى القيمي خاصة بعد ان تصدعت وضاعت هوية العراق الوطنية بين الهويات الفرعية للطوائف والمذاهب والاعراق التي تعتبر من اهم قواعد ومنطلقات واسس بناء الوحدة الوطنية والعلاقات الانسانية بين ابناء الوطن الواحد بعد ان ضاعت هذه الهوية بسبب تنمر الهويات الفرعية عليها لابتلاعها.
ولدت حكومة السوداني في بيئة الخصومات و الصراعات والتناحرات والاهواء والولاءات وفي ظل غياب واحدة من اكبر الكتل السياسية ناهيك عن غياب المشاريع الوطنية للدولة،واستلم منصبه ومهامه وطرح برنامجه الحكومي بهمة وثقة عالية امام كل هذه التحديات وحقول الالغام وهو يعوم بين حيتان الفساد والمحاصصة حاملا امله وارادته وتصميمه على التغير والنجاح وهي امنيات كل وطني شريف وغيور ينشد الاصلاح والتغير، والسوداني يدرك ما يواجهه من تحديات ليست بالعابرة او التقليدية وانما تحديات بلغ عمرها عقدين من الزمان ومخلفات حكومات هربت الى الامام تاركة هذا الكم من الازمات والمطبات امام بناء الوطن وهو في مدار فوضى سياسية عارمة، فيما المتربصين ينتظرون صراعات اكثر واكبر لمنع مرور العراق وعبوره الى الطرف الامن، كل هذه الاحداث صادرت حقوق العراقيين وضيعت عليهم الكثير من الفرص التي طالما حلموا بها بعد سقوط النظام الدكتاتوري خاصة بعد ان تعامل بعض القادة والسياسيين مع المسيرة الوطنية الجديدة بشكل غير صالح وغير صحيح وضعت العراقيين وبلادهم في مستنقع الازمات.
والسؤال المطروح الان، اي نوع من القواعد يتوجب على السوداني اعتمادها ليعبر الى الضفة الامنة التي خطط لها وطرحها في برنامجه الحكومي؟؟
اقولها للسيد السوداني بأن عليه ان يخوض بحر الفشل والتحديات بحكومة كفاءات عالية الخبرة والتجربة واستثنائية في تعاطيها مع كل الملفات المعروضة امهامها ليتمكن من التفوق والانتصار على ما ينتظره من واقع مشبوه بالفساد وتحديات و ابواب موصدة في السياسة والاقتصاد والحياة الاجتماعية وعليه ان يجد مفاتيحها المركزيه ليقوم بفتحها
وهنا لابد من تاكيد حقيقة ان السوداني يعرف كل هذه الظروف وبدقة وبالتفصيل بل يعرف الاكثر منها و هو ليس بغريب على الواقع العراقي بل ولد من رحمه، فكل هذه العمليات السياسية وحكومتها التي شارك فيها وخبر اليات عملها وتصريف اعمالها وما رافقها وعمل في جميع سلالمها الادارية بدءا من منصب قائم مقام وصولا لتسلمه عدد من الوزارات.. والمقصود هنا بأن السيد السوداني كان احد المسؤولين التنفيذيين والتشريعيين والاداريين والقياديين ومن اوسع ابواب العملية السياسية، والبصمة والحصيلة لتلك المناصب التي شغلها كانت بيضاء وبسمعة طيبة عرف بها لدى العراقيين، واقدم على استلام منصبه بهدوء عال وكياسه تليق برئيس وزراء..
والسوداني يلوح باستحضار ارادته الوطنية والمهنية وبكل ما يمتلكه من خبرات وتجارب وامكانيات لتحقيق النجاح في بيئة اقتصادية واجتماعية وامنية وسياسة حكومية جديدة وهذا يحتم عليه ويلزمه بمحاصرة جميع الاسباب والعوامل التي ادت الى الانهيارات والتراجع في اداء مؤسسات الدولة.
وهنا يبرز دوره المهني وثقافته وخبرته في القدرة على اختيار مستشاريه ليخوض بهم حربه على الفساد وبدء عمليات البناء والاصلاح الاقتصادي والمالي والاجتماعي والاستثماري واعادة هيكلة العديد من المؤسسات التي بامس الحاجة لهذه الهيكلة وهذا ايضا يرتبط بالمساحات الواسعة وفضاءات الحرية الممنوحة له من قبل الكتل الاحزاب السياسية لتنفيذ برنامجه الحكومي، ودعمه والدفاع عنه امام مصالح رؤوس الفساد وقياداتهم التي تحاصصت سلطات الدولة.
كل هذا التحديات تجبر السوداني على اعتماد الدقة والتروي في ختيار مستشاريه الذين يشكلون مجاذيفه الحقيقية والقوية لسير مركب الحكومة بامان وبأنسيابية مهنية وطنية وحسب ما وضع من برنامج بتروي وبدقه تحسب فيها جميع الخطى ليتوازن الاصلاح ونجاح الحكومة في تطبيق الانظمة والقوانين وحمايتها من اجل تحقيق العدل والانصاف بين الناس وتقديم الخدمات واعادة تعزيز الثقة بين الحكومة والمواطنين وهذا بامس الحاجة الى تطبيق اليات العمل الميداني التي تمارس من قبل اعلى المستويات في الحكومة لمعايشة هموم المواطنيين ينطلق من قاعدة الزيارات الميدانية المستمرة من قبل الوزراء والقادة لمؤسساتهم والوقوف على ادائها وفاعليتها وانتاجها واحتياجاتها وفي مقدمتها زيارات رئيس الحكومة لوزارات الدولة ومؤسساتها والمناطق والمواقع والمراكز التجارية للتسوق والاشراف على مواد ونوعية البطاقة التموينية والحصول على الاجوبة من المواطنيين في الميدان .
والحقيقه ان ما يواجهه السوداني ليست المعضلات الاقتصادية والسياسية والامنية فقط، بل هناك ازمات اكثر خطورة وقسوة ومصاعب، والحديث يدور عن الاجيال التي ترعرعت ونشأت في ظل دولة ضعيفة وحكومات واجهزة يلفها الفساد والسطو على اموال الدولة والثروات الوطنية.. هذه الاجيال التي عاشت وفتحت عقولها وعيونها في بيئة رديئة تراجع فيها دور الدولة بكل مؤسساتها امام بناء صرح الثقافة والاداب والفنون ومراكز الشباب بعد ان شاعت تجارة المخدرات والانحرافات والشذوذ التي تتقاطع مع منظومتنا القيمية والروحية ، هي بحاجة للاهتمام الحقيقي والاحتضان ،وهذه احد اهم المعظلات التي سوف تواجه حكومة السوداني للحفاظ على هذه الشريحة واستيعابهم وحمايتهم من خلال اعتماد البرامج والمناهج التي تتبناها المؤسسات التعليمية والتربوية والشبابية والمنتديات الثقافية لتصحيح المسار.