المقدمة
الكهنوت مصطلح مرجعيته هما العقائد اليهودية والمسيحية ( وهو التقليد المتوارث منذ أيام العهد الجديد . ولقد نصّت التوراة صراحة على نظام كهنوتي دقيق ، غير أن المسيح وفق العقائد المسيحية قد ألغاه ، وكما ينصّ العهد الجديد فإن المسيح قد غدا “الكاهن الوحيد” أي الوسيط الوحيد بين الله والبشر . وقد أقام المسيح اثني عشر “مساعدًا له” وأوصاهم أعمال التدبير والإدارة والتقديس والتعليم والوعظ .. غير أن هذه الإقامة ليست بقوتهم الشخصية بل بتفويض المسيح ، وهو أساس سر الكهنوت إلى اليوم / نقل من موقعي الويكيبديا وكنيسة يسوع المسيح ) . بمعنى ان المسيح هو الوسيط الوحيد بين الله والبشر – لا غيره ، والنقطة المركزية هو أن خلفاء تلامذة المسيح الأثنى عشر/ رجال الدين ، أوغلوا أضافة لواجباتهم الدينية – بتدخلات سياسية دنيوية ، وهو ما حدث في القرون الوسطى .. أما الأن فرجال الدين المسيحي ، رجعوا للأهتمام بالشؤون الدينية الأخروية دون السياسية ، مؤسسين لحديث المسيح لتلامذته بموقعة صلبه ( مَمْلَكَتِي لَيْسَتْ مِنْ هذَا الْعَالَمِ / أنجيل يوحنا ) ، والمسيح أيضا ، بذات الوقت ، قد فرق بين الدين والحكم والسلطة ، بقوله ( أَعْطُوا مَا لِقَيْصَرَ لِقَيْصَرَ وَمَا لِلّهِ لِلّهِ .. / أنجيل مرقس ) ، لذا أتبع رجال الدين المسيحي ما نهجه المسيح ، في ترك مغريات الحياة الدنيا ، بما في ذلك التدخلات السياسية .. خلاصة الأمر : ووفق ما جاء بانجيل يوحنا بأن المسيح هو ” الطريق والحق والحياة ” .
الموضوع : رجال الأسلام / من أئمة و فقهاء ومفسرين وشيوخ ودعاة ومفتون / جمع مفتي ، و .. ، الأن قد أتخذوا مقام كهنة المسيحية في القرون الوسطى ، دورا ومهاما وسلطة ، دون أي تفويض ، بل أنهم منحوا لأنفسهم سلطة الرسول والله معا ، فهم الآمر والناهي دنيويا وأخرويا معا ، وعقائديا وسياسيا أيضا ! ويمكن تسمية شيوخ الأسلام ، نتيجة لتدخلاتهم ب ” الكهنة ” ، كما أنهم أختلقوا أحاديث وفتاوى بما يخدم أستمرارهم النفعي بمهام الكهانة . 1. قد تمادت المؤسسة الدينية للأسلام ، بكهنتها / رجال الأسلام ، كل الأفق وكل التوقعات في تملكها لحياة المسلمين ، فهم يحددون مقتربات وتقاطعات حياتهم ، من قبل الولادة الى الممات ، بل والى بعد الممات ، فيتدخلون مثلا : بكيفية دخول العريس لغرفة عروسه – وبأي رجل يبدأ ، وحتى بطريقة ممارسته للعملية الجنسية / معتمدين على أحاديث نبوية ( أمرنا النبي ألا نأتي النساء كالبهائم ، وقال : اجعلوا بينكم وبينهن رسولاً .. كالقُبلة . هذا الهدي النبوي يعلمنا أن العلاقة الزوجية يجب أن تكون منظمة وقائمة على المودة والهدوء والتمهيد للجماع . / نقل من موقع أسرار الأعجاز العلمي ) . وقد تمادى رجال الدين أكثر من ذلك ، بعرض تفاصيل العملية الحميمية ، فالداعية السعودي : بن العثيمين / 1929 – 2001 ، عالم فقيه ومفسّر ، وخطيب وأستاذ جامعي ، عضو سابق في هيئة كبار العلماء ، يقول ( وقد أباحت الشّريعة الإسلاميّة للزّوج أن يستمتع بكافّة الوسائل المُمكنة بزوجته .. وقد نهت الشّريعة عن : الوطء ، وهو الجماع في الدُّبُر ، وكذلك نهت أن يُجامع الرّجل زوجته وهي في حال الحيض، ومصّ الأعضاء أو تقبيلها لم يرد في تحريمه شيء/ نقل من موقع محتويات) .
2 . بالنسبة لموضوعة الزكاة ، والتي وثقت بنص قرآني ( خذ من أموالهم صدقة تطهّرهم وتزكيهم بها .. / 103 سورة التوبة ) ، ولكن كهنة الأسلام ربطوا تقبل الصلاة بأعطاء الزكاة – لأغراضهم المادية / وفق حديث الرسول ( أيّها المسلمون زكّوا أموالكم تقبل صلاتكم ) ! ، وذلك حتى يجبروا المسلمين على دفع الزكاة .. ولكن المعلومة الأهم ، أين تذهب أموال الزكاة ! ، أتذهب هذه الأموال للفقراء والأيتام والمساكين وللأعمال الخيرية للمسلمين ! ، أم تذهب معظمها لكهنة الأسلام ولمصالحهم الخاصة ! .
3 . وكان لكهنة الأسلام دورا كبيرا في السياسة أيضا ، وأكبر مثال على ذلك : دور الأخوان المسلمين ومؤسسها حسن البنا في تقويض الحكومة المصرية بواسطة الأغتيالات السياسية ، الدور التكفيري للمجتمع وأسقاط الدولة المصرية لسيد قطب ، الدور السلفي في مساندة الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي العياط – وبرز من هولاء محمد حسان ومحمد يعقوب وأسحق الحويني ، كذلك تدخلات المرجعية الشيعية في النجف / العراق ، بالعملية السياسية ، ودور الكثير من رجال الدين العراقيين في العملية السياسية – كالسيد مقتدى الصدر وجلال الدين الصغير ، أما الدور الأبرز والمحوري ، والذي أسس لنظرية عقائدية شيعية جديدة هو أية الله الخميني ، وذلك في تبنيه لولاية الفقيه ، ودوره في تصدير الثورة الأيرانية للعالم ، والتي في تداعياتها المستقبلية تمثل في سيطرة النخب الأيرانية للسياسيين و العملية السياسية ككل في العراق ..
خاتمة : ليس بجديد أن قلنا أن رجال الأسلام / كهنة الأسلام ، مكانهم ودورهم يجب أن يكون في الجامع أو الحسينية فقط ، وليس دورهم في أروقة السياسة بخدعها ولعبها ، حيث أن رجل الدين المفروض به أن يكون مستقيما صادقا ، ولكن عند دخوله معترك السياسة ، الوضع يتطلب منه أن يكون لعوبا ومراوغا .. ومن جانب أخر ، على رجل الدين أن يكون خادما لربه ، عونا لرعيته ، في الشدة والعوز ، أمينا في خدمته الدينية لأتباعه – في حدود العبادات ، وأن لا يكون وصيا على العباد ، بل أن يكون واعظا وناصحا لهم ، وأن لا يكون مصادرا لحريتهم أو مستعبدا لهم ، وأن لا يسطح أو يجهل عقولهم . أخيرا : رجل الدين يجب أن يكون القدوة لرعيته في الحياة الدنيا ، ومن الضروري أيضا أن يحجم دور كهنة الأسلام العقائدي ، كذلك أن لا يلعبوا دورا سياسيا مشبوها طمعا بالمنافع المادية أو المالية ، وأن لا يزكوا أدوار الأخرين ، من رجال السلطة والحكم .. أي أن يكونوا رجال دين ، رجال دين فقط !! .