أسرار الحب ما بين الرجل والمرأة (2)
قلنا في المرة السابقة: إن الرجل قد يكون مضطرا الى (القساوة) في التعبير عن الحب – بحسب قناعات المراة – وهو ينافس في ميادين الحياة لتوفير حياة كريمة لاسرته، كانه يقول: أحبك بعدد الأيام والساعات والدقائق التي قضيتها وأنا أصارع الحياة لآتيكم بهذا المنزل الجميل، لكن المراة لاتجد في ذلك البيت إلا مكانا خاويا من المحبة والمشاعر وهي تسأل دائما: ( أين الحب) ؟!.
يقول جون غراي في وصف الرجال: “إنهم يهتمون بالمدركات الحسية والأشياء بدلا من الناس والمشاعر، وبينما تحلم النساء بالحب يحلم الرجال بالسيارات الفارهة والكمبيوترات الأكثر سرعة والآلات والتكنولوجيا الحديثة الأكثر قوة، الرجال مشغولون بالأشياء التي تمكنهم من التعبير عن القوة عن طريق صناعة النتائج وتحقيق أهدافهم”.
تلك القوة بوصفها قمة التعبير عن الحب لدى الرجل ياشهرزاد لاتنكر المرأة أهميتها ، لكنها لا تمثل عندها إلا قطرة صغيرة في بحر الحب، فالإبتسامة والمشاعر الرقيقة، والسويعات الحميمة تساوي لديها كنوز الدنيا بأسرها، ورب هدية صغيرة في ذكرى الزواج العاشرة تعدل في ميزانها قصرا من قصور الملوك، وإنْ إشتكت من بيت صغير تعيش فيه مع الشريك الحبيب.
شهرزاد : أرى في هذا الطرح إجحافا، وكأن الرجال وحدهم يبحثون عن التنافس في الميادين وتحقيق الإنتصارات!.
شهريار : لأ انكر أن من النساء من يخضن الميادين ويحققن الإنتصارات والرفعة في العلم والمعرفة وسوح العمل، لكنك لو إقتربتِ من قلب أي (إمراة منافسة) وسألتها عن سر سعادتها، ستخبرك بدون تردد: بأنه (الإستقرار في بيت يجمعها مع من تحب)، واذا سألتِ الرجل سيعجّل لك بالإجابة: (السعادة أن أحقق النجاح وبقربي زوجة حبيبة تثق بقدراتي وتقدر إنجازي).
شهرزاد : سأوافقك جدلا على ماقلت ولا أظنه قاعدة ، لكن هل من سر مُدرَك لتلك الفطرة في التعبير عن الحب والمشاعر؟.
شهريار : مادمنا نبحث عن سر مُدرَك دعينا نبحر في أسرار المخ البشري، فكما هو معلوم فإن (المخ) يتكون من نصفين، والنصف الأيسر يتميز بوجود مراكز المنطق والتحليل والحسابات التي تتسم بالعقل، ومستخدم هذا الجزء يهتم بالتفاصيل وتحكمه الحقائق والمنطق، ويجيد الحسابات الرياضية وإدراكها بشكل علمي ويستطيع وضع الخطط والوصول إلى نتائج دقيقة.
أمّا النصف الأيمن فيتميز بوجود مراكز التوافق والإبداع والإيقاع والابتكار والتفكير غير المباشر، وهو مايجعل مستخدم هذا الجزء يهتم بالصورة العامة، وينشط في الفلسفة، ويفهم المشاعر بغض النظر عن المنطق، كما إنه طموح وميال للمخاطرة.
وكما هو ظاهر فإن الرجل المنافس الطامح للنجاح والدقة سيكون أكثر ميولا وحاجة الى أستخدام الفص الأيسر، بينما المرأة عاشقة الجمال والإبداع تندفع بلا هوادة الى إستخدام الفص الأيمن، وطالما سألتُ نفسي إنْ كان ذلك هو السر وراء فطرة الرجل والمرأة في التعبير عن المحبة وصور السعادة ؟، أم إن الأمر لا يخلو من تبادل المواقع وتبعا للحاجة؟، لا سيما وإن الفص الأيمن هو مركز إبداع وهو ليس حكرا على أي من الجنسين!، كما إنه مركز التفكير والفلسفة، وغالبية المفكرين والفلاسفة منذ قديم الزمان هم من الرجال.
وقد جاءت البحوث العلمية بالإجابة الوافية، فقد عكف الباحثون في جامعة هارفارد الأميريكة على دراسة الإختلافات بين مخي الرجل والمرأة، ووجدوا فروقا بينهما، كما أكدت الأكاديمية الأميركية للعلوم العصبية وجود فوارق في بنية وآلية عمل مخ المرأة وعمل مخ الرجل، وقد يكون ذلك سببا منطقيا للفوارق في طريقة التفكير والسلوك بينهما.
لكن الأهم بتقديري ما أثبتته تلك التجارب والأبحاث الحديثة، فإن “80% من الرجال يستخدمون الشق الأيسرمن المخ، بينما تستخدم النساء الشق الأيمن من المخ”.
وعلى هذا الأساس ياشهرزاد تكون الفوارق بطريقة التعبير عن الحب والمشاعر، وهي كما تفضلتِ ليست قاعدة مطلقة، فالمبدعون من الرجال (الفلاسفة والرسّامون والناحتون والشعراء والأدباء والمبتكرون) يستخدمون الفص الأيمن (مركز الإبداع والفلسفة) الى جانب الفص الأيسر، والمنافسات من النساء (المهندسات والطبيبات والمصرفيات والعالمات) يستخدمن الفص الأيسر( مركز المنطق والحسابات الدقيقة ) الى جانب الفص الأيمن.
ودعيني أقول هنا : أن الرجل الذي يجمع بين فصي المخ يكون أكثر إسعادا للمرأة ، لذلك نجد أن أعظم العشاق هم من المبدعين، لأن أحدهم يشارك المرأة – بشكل ما – في طريقة التعبير عن المشاعر وأوصاف السعادة، والمرأة التي تستخدم الفصين في تفكيرها تكون أكثر تفهما لتعبير الرجل عن حبه لكنها تفقد بعضا من رقتها التي يعول عليها الرجل في أوقات حالكات، ولو قدر لرجل ذي فصين عاملين أن يعشق إمرأة ذات فصين متناغمين لكانت هي أكثر سعادة، وكان هو أعم شقاءً.
وأصل الحكاية وسر السعادة فيما أرى: أن يعشق رجل ذو حسابات دقيقة تحكمه الحقائق والمنطق في ميادين العمل – وهو في الوقت ذاته مبدع مبتكر أو فيلسوف في ميادين الحب- إمراة فطرية تعشق الجمال والإبداع والتواصل، وحينها يتناغم التعبير كما تمازجت النفوس إبتداءً، وتتلاشى الحيرة، ولا يسأل أحدهما السؤال الأصعب عند معظم الأزواج المتحابين: أين الحب ؟!.
مقتبسات من مؤلفي : شهريار من بغداد وشهرزاد من القاهرة
للتواصل مع الكاتب : [email protected]