22 نوفمبر، 2024 6:45 م
Search
Close this search box.

قراءة للآية 79 من سورة الأسراء ( عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا )

قراءة للآية 79 من سورة الأسراء ( عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا )

الموضوع : سنبحث في هذا البحث المختصر ، عن ما هو المقصود ب ” المقام المحمود ” ، الذي سيستقر أليه محمدا بعد موته ! ، أولا سأبدأ ببعض التفاسير ، ومن ثم سأسرد قراءتي الخاصة للآية . ففي موقع https://quran.ksu.edu.sa ، جاء التالي ، أنقله بأختصار ( وقوله ” عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا ” أي : افعل هذا الذي أمرتك به ، لنقيمك يوم القيامة مقاما يحسدك فيه الخلائق كلهم وخالقهم ، تبارك وتعالى . قال ابن جرير : قال أكثر أهل التأويل : ذلك هو المقام الذي يقوم عليه يوم القيامة للشفاعة للناس ، ليريحهم ربهم من عظيم ما هم فيه من شدة ذلك اليوم . وقال أبن عباس : هذا المقام المحمود مقام الشفاعة . وكذا قال ابن أبي نجيح ، عن مجاهد . وقاله الحسن البصري . وقال قتادة : هو أول من تنشق عنه الأرض ، وأول شافع . قلت : لرسول الله تسليما تشريفات ” يوم القيامة ” لا يشركه فيها أحد ، وتشريفات لا يساويه فيها أحد ، وله اللواء الذي آدم فمن دونه تحت لوائه ، وله الشفاعة العظمى عند الله ليأتي لفصل القضاء بين الخلائق ، وذلك بعدما يسأل الناس آدم ثم نوحا ثم إبراهيم ثم موسى ثم عيسى ، فكل يقول : ” لست لها ” حتى يأتوا إلى محمد فيقول : ” أنا لها ، أنا لها .. ) . ومن موقع / الأسلام سؤال وجواب ، أنقل بأختصار التالي ، عن رواية أبن تيمية في جلوس محمد على العرش ( لم يقل أبن تيمية إن الله يجلس نبيه محمدا على العرش ، وإنما نقل أثر مجاهد في ذلك ، ونقل قبول السلف له . وأثر مجاهد في إقعاد النبي على العرش ، رواه أبو بكر الخلال في ” السنة ” عن غير واحد عن محمد بْنُ فُضَيْلٍ ، عَنْ لَيْثٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ قال في قوله تعالى : ” عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا – سورة الإسراء/ 79 ” ، قَالَ : ” يُجْلِسُهُ عَلَى الْعَرْشِ”. وفي رواية : قَالَ : ” يُقْعِدُهُ عَلَى الْعَرْشِ”. وينظر : ” السنة للخلال ” (1/ 213) وما بعدها. ) . ثم يكمل ذات الموقع ( قال شيخ الإسلام ابن تيمية : ” حدث العلماء المرضيون وأولياؤه المقبولون : أن محمدا رسول الله يجلسه ربه على العرش معه ، روى ذلك محمد بن فضيل عن ليث عن مجاهد ؛ في تفسير الآية أعلاه ) .
القراءة : أولا – هناك أشكال لغوي في بنية نص الآية أعلاه ، حيث أن المتكلم في النص ، ليس الله ، وأنما هناك ضمير ثالث يخاطب الله ، بأن يبعث محمدا مقاما محمودا ، ومن الضروري أن نتبين عن معنى الفعل ” عسى ” الوارد بالآية أولا ، حتى نفهم أكثر ما المقصود من نص الآية ، فقد جاء في موقع / المعاجم ، التالي بصددها ( عسى [ كلمة وظيفية ] : فعل ماض جامد من أخوات ( كاد ) يكون ” للترجي ” في الأمر المحبوب ، ويكون للإشفاق في الأمر المكروه .. ) ، أذن من تفسير الآية هناك ضمير ثالث يترجى الله في أمر محمد ، نحن نجهله ! ، وليس من قبول واضح وجلي بنص من قبل الله ، هل سيقبل الله هذا الرجاء أم لا ! . وأعتقد أن سياق الآية جاء لغرض التشبه بالمسيح ، الذي جلس عن يمين الله ، فقد جاء في موقع / الأنبا تيكلا هيمانوت ، التالي بهذا الصدد ( قول السيد المسيح لأعضاء مجمع السنهدريم أثناء محاكمته : ” من الآن تبصرون أبن الأنسان جالسًا عن يمين القوة وآتيا على سحاب السماء ” / أنجيل متى26 : 64 . ) ، وجاء في تفسير قول المسيح ، التالي ( فماذا يفهم من جلوس المسيح عن يمين الآب ! الآب ليس له يمين ولا شمال ، لأنه غير محدود . كما أنه مالئ الكل . لا يوجد فراغ عن يمينه لكي يجلس فيه أحد . فما معنى الجلوس عن يمينه ؟ . والأجابة : إن كلمة اليمين ترمز إلى القوة وإلى البر وإلى العظمة ) .
ثانيا – ولكن هناك تساؤل بيولوجي ومنطقي في ذات الوقت ، بأن محمدا قد مات ودفن / والميت تتحلل جثته ! ، فكيف سيجلس على العرش مع الله ! ، كما أني أرى أن الميت ليس له من دور له بعد وفاته / سوى الذكرى والعمل الصالح ! ، لا دورا له بالشفاعة العظمى عند الله ولا بغير ذلك . أما المسيح ، ووفق القرآن ذاته أنه حي ( وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا / سورة مريم :33 ) . وهو الأولى بالقضاء بين الخلائق لأنه ” كلمة الله ” ، وفق النص القرآني ( إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَىٰ مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ / سورة النساء ، آية 171) .
ثالثا – أما بالنسبة لشطحات المفسرين ، فهم كالعادة ينحون جانبا بأبعاد ومضامين هلامية لهذه الآية ، فوفق قول” قتادة ” وأخرين – وذلك عن محمد ودوره بالشفاعة ( وله الشفاعة العظمى عند الله ليأتي لفصل القضاء بين الخلائق ، وذلك بعدما يسأل الناس آدم ثم نوحا ثم إبراهيم ثم موسى ثم عيسى ، فكل يقول : ” لست لها ” حتى يأتوا إلى محمد فيقول : ” أنا لها ، أنا لها ) ، أرى أنه هناك تضخيما وتعظيما للمفسرين بدور محمد في الفصل بين الخلائق ، هذا التمييز بدور محمد عن الأخرين ليس منطقيا ، وذلك لأن محمدا بشر ، حاله حال باقي البشر ، وفق النص القرآني ( قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۖ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا / 110 سورة الكهف ) . وأذا سلمنا جدلا بأن محمدا هو الذي يفصل بين الخلائق ، فماذا أذن سيكون دور الله يوم القيامة ! .
خاتمة : لو تركنا قضية الفصل بين الخلائق جانبا / يوم القيامة ، التي هي حكما ألهيا ، لله وحده الأمر والنهي بها . فالمهم عندنا كمجتمع ، هو أن نقييم حقبة كل رسول أو نبي ، والتي تنبع من دوره وفعله في الحراك الأنساني ، وهذا يتأتى من أنعكاس سيرته وأحاديثه وسننه وكتابه الذي بعث به للأنسانية جمعاء ، فهل هذا التراث النبوي والعقائدي ، ساهم في رفع القيم العليا للمجتمعات ! / كالتعايش الأنساني وقبول الأخر ، أم أنه حطم كل العلائق الأنسانية بنهجه وفعله ! / ففكك المجتمع وكفر الأخرين .. من هنا يكون التساؤل والحكم على علاقة الرسل والأنبياء مع الخلائق ! .
أضاءة : ولكي نضع النقاط على الحروف ، سوف أورد حديثين ، (( دون أي تعليق )) والعاقل يفهم : الأول – لمحمد بن عبدالله رسول الأسلام ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ، ويقيموا الصلاة ، ويؤتوا الزكاة ، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله عز وجل . / هذا الحديث الصحيح قد رواه الشيخان : البخاري ومسلم في الصحيحين من حديث ابن عمر / نقل من موقع الأمام أبن باز ) . والثاني – حديث للمسيح / من أنجيل متى 5 : 4 ( وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ : أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ . بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ . أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ ، وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ .. ) .

 

أحدث المقالات