استبشر العراقيون خيرا بزوال طغمه الفساد والترويع والتقتيل عصابات البعث المقبور متأملين ان يكون القادم افضل مما سبق ، الا ان واقع الحال لم يكن كما تمنى الشعب فهنالك اشمأزاز ونكوص واستهجان من غالبية افراد الشعب العراقي بكل اطيافهم وتوجهاتهم وقومياتهم ومتبنياتهم الفكرية ، بسبب اداء الاحزاب السياسية ولا استثني منهم احدا هنالك نقمه على العملية السياسية وعلى افرادها .
وهذا يعود نتيجة غياب الرؤية في ادارة الحكم فأن جميع المكونات تمركزت حول مفهوم السيطرة والاستحواذ على السلطة من اجل ممسارسة الحكم وليس بناء دولة .
وهذا ما جعل الصراع يشتد بين الفاعلين السياسيين حتى وصل الحال الى النتاحر والتباغظ وتعطيل المصالح العامة للبلد ، بل اكثر من هذا الامر شاهدنا المراهقه السياسية في كيفية السيطرة على البلد ، مما تسببت هذه المراهقات الى هدر مليارات الدولارات من ميزانية البلد وذهبت للمنافع الشخصية تاركين الشعب يرزح تحت انين خط الفقر والعوز والحرمان والجهل ، و محورية هذه المراهقة اوصلت الحال الى ان نصل لمرحلة التعري السياسي بطبيعة الحال ان هذا الانحدار نتيجته العقلية الحاكمة في منهجية سيطرة النفوذ واقصاء الاخر ، ادى بالمحصلة بأن تسلك احزاب السلطة غيات تبرر مخرجاتها مما دفعها الى عدم الورع من استخدام اي فواعل دون ريبة او تحفظ من اجل بقاء سيطرة النفوذ حتى وصل الحال بالساسة من ممارسة السياسة بعهرها .
والعهر السياسي يمكن وصفه بأنه نهاية المطاف للمسار السياسي فلا شرعية للعملية وكذلك للسياسي نفسة ، بلحاظ ان فاقد الشيء لايعطيه بما ان العملية السياسية بمخرجاتها غير شرعية تكون لاشرعية للحكومة المخرجة منها على الشعب .
وجل الساسة عارف لهذه الحقيقة وما وصلنا له الان من انسداد للعملية السياسية نتيجة حتمية ومصداقا للممارسات التي انتهجها السياسيون بجميع احزابهم .
وهذا الانسداد لم يأتي من فراغ فهو محصلة ملزمة وليست الزامية لما تم السعي له من جميع الاحزاب بطلب تبني شعار الاصلاح حقيقة او زيفا .
وهنا لابد لنا من وقفة من اجل ايضاح هذا المطلب ، حيث ان جميع الاحزاب يقر ويطلب ويناشد بالاصلاح ، وهذا اعتراف حقيقي بأن جميع الاحزاب قد اقرت بالفساد شكلا ومضمونا ، مما يؤكد بفشل المرحلة السابقة للعملية السياسية بفواعلها وفاعليها .
وهذا ما يتطلب ان كانت النوايا حقه بالمطلب لابد من تغير السلوك والمنهج في كيفية الادارة والحكم وقوانين ونصوص الدستور الحاكم للعملية السياسية .
ونتيجة مطلب الاحزاب بأجمعها بالتغير والاصلاح تمخض هذا المطلب لخروج جهتين متخندقتين متصارعتين على تطبيق شعار الاصلاح .
كل طرف يدعي هو للاصلاح اهلا و هو الحق ومصيب بمطلبة دون غيرة ، وهذا ما ادى بالخصوم الى ان تقطع بهم سبل السياسة وتنتهي لغة الحوار في تثبيت احقية النهج وتتحول العملية السياسية الى صدامات مسلحة بين المتصارعيين من اجل الهيمنة بالنفوذ والحكم .
فأن الصراع القائم بين الفرقاء تسوده لغة حوار الرصاص والقذائف ، بدل الاحرف والكلمات ، وهذا ان دل انما يدل ويثبت بأن الاحزاب المتكالبة على السلطة لممارسة الحكم لاتملك عقلانية الفواعل التي تمكنها من مزاولة العمل السياسي ولاتملك مشروعا تستطيع من خلاله ان تغير الواقع المزري الفاسد في العراق ، فأنتهجت مسلك السلاح لفرض ارادة لغة الرصاص .
فبعد الوصل لهذه النتيجة اعتقد ان الحوار سوف لايجدي نفعا ، وان حصل الحوار فسوف لايصمد ابدا . وهذا ناتج بتمسك كل طرف بما يعتقده بتبنياته انه محق .
وعلى هذا الاساس يمكن ان نستعرض بشكل موجز المباني الكلامية و المتبنيات الفكرية لكل طرف من الاطراف المتصارعة .
الطرف الاول :- التيار الصدري
تيار جماهيري عقائدي مذهبي الاعتقاد للامة الشيعية لدية مركزية في القيادة متمثله بالزعيم السيد مقتدى الصدر ، نشأ في داخل العراق وخرج من رحم المعاناة كان ولايزال لاعبا اساسيا في العملية السياسية في العراق . يعرف بأنه تيار غير مستقر وفق رؤية واحدة بل متجدد في المتبنيات الفكرية التي من شأنها تثبت ركائز الوطنية والمواطنة ، رفع شعار الاصلاح لمحاربة الفساد ، وسعى لايجاد المصاديق لهذا المفوهم عبر حكومة اغلبية سياسية وكان ولايزال ثابت على متبنياته في تغيير الواقع السياسي ، مؤمن بهذه الحقيقة وغير معاند او جاحد لها بأن الفساد نخر اركان الحكومة ويريد اصلاحها ويعترف انه جزء من هذا الفساد ويريد ان يغير ويصلح ويحاسب حتى من ينتمي اليه ان ثبت فساده ، هذه الرؤية الجادة يقرها الخصم ويعرف ان طبقت سوف لايسلم منها لهذا وقف بطريق تطبيقها .
الطرف الثاني :- مجموعة الاطار التنسيقي
مجموعة احزاب منها العقائدية للامة الشيعية ومنها الوطنية البراغماتية التي جمعتهما رؤية واحدة وهي المشاركة في سلطة الحكم للحفاظ على الذات والتمسك بالمكتسب الحصانتي ، والمشاركة بحكومة ائتلافية من اجل اصلاح العملية السياسية ومحاربة الفساد وكانت متبنياتهم حكومة الخدمة وطنية . لايوجد لديهم وحده قيادة موحده نتيجة الاختلاف بالمسميات والمتبنيات الفكرية ، وغير ذلك هذه الاحزاب منها من كانت معارضة خارج العراق ومنها من ولد داخلة نتيجة المتغيرات ، الا ان ما جمعهم هو مشروع المنافس لهم من اجل حفظ البقاء ، عارف حق المعرفة لمشروع المنافس ، ومعاند وجاحد له .
وهنا يمكن القول بأن قيادة الاطار التنسيقي عارفة عقلا بمشروع الصدر وتنكره ضمنا ، ويمكن ان يكونوا عارفين ضمنا وينكرونه عقلا .
وهذا مما ادى الى الاختلاف كما قلنا الى ان يتحول الى صراع وصل الى ان تستعمل فية مختلف الاسلحة وسقط بين الفريقين عدد من الضحايا بين قتيل وجريح ، وتحول البلد الى ساحة قتال لتصفية الحسابات من اجل اثبات وجود النفوذ والسطوه ، لم يكن هنالك فائزا في هذا الصراع ولم يستطع اي طرف ان يلغي وجود الاخر بلغة الرصاص ، والخاسر الوحيد هو الشعب .
فكان لابد من ايجاد طريق اخر لردم الهوه بين المتحاربين من خلال ايجاد قنوات حوار مشتركة بينهم برعاية طرف وسيط او لاعب مؤثر .
ويمكننا هنا ان نظرح هذا التساؤل ، هل يمكن للحوار بين الفرقاء ان يصلح ما تم افساده ؟
اعتقد ان الحوار هو عبارة عن جسور تمد بين فرقاء اختلفوا بوجهات نظر من اجل ايجاد سبل الوصول الى مبتغى الحقيقة المنشوده المختلف عليها .
وتعبيرا لهذا التعريف للحوار اعتقد انه لاينطبق على الفرقاء نتيجة عدم تطابق مفردة الحوار عليهم و على مصداقهم ، لان هنالك جحود وانكار وعناد .
والحوار لايتبنى هذه الرؤى ، وان تحقق الحوار فسوف يتحول الى نقدا ليس بناء بل هو للهادم اقرب وادق وهذا ما سوف يزيد الطين بله .
وكلا الفريقين يعي هذه الحقيقة بأن التيار والاطار سوف لايحتكمهم حوار بينهم فسرعان ما سوف يخرج الحوار عن مفاهيمه .