ذات يوم كان ولدي الصغير يشتكي من تسلط الطلاب الكبار في المدرسة ووصل الامر بهم الى ضربه هو واصدقاؤه الصغار فقرر ان يبلغني بذلك ويعلن عن مدى استيائه، ولأني مؤمن بالعدالة والقانون اخبرته بأن يقص على مرشدة الصف مايحصل معه عسى ولعل ان تنتهي هذه المهزله. وبعد اخباره لها تكرر الفعل دون وجود رادع مما دعاني لمفاتحة المرشدة بنفسي اشكو اليها هذا الامر الذي بات يزعجني حقًا، حيث قالت ان الادارة تستخدم الطلاب الكبار في ذلك ، ولما شرحت لها خطورة هذا الفعل واستياء الاهالي واعدتني مرشدة الصف باجراء حوار مع الادارة والطلاب.
في احد الايام وعند خروج الصغير من المدرسة بادرته بسؤال ماذا تحب ان تكون عندما تكبر؟
فاجئني بجوابه وقال : ( ارغب ان اكون مجرمًا).
فزعت من هول الاجابة وحاولت ان اتمالك نفسي وسألته لماذا؟ فقال:
حتى اأخذ حقي من الطلاب الكبار
فعرفت ان العدالة التي كنت ارجوها لم تتحقق بالوعود والحوار ، وان الحوار لم يثمر للوصول لنتيجة مرضّية. وصدق من قال : من أمن العقاب اساء الادب.
قد يكون ضعف تطبيق القانون دافعًا للخروج عن القانون لاستحصال الحقوق المسلوبة، وهذه ليست دعوى للعنف الذي نرفضه جميعا ولكنه جرس انذار علينا ان نستشعر خطورته الكبرى. ولن اتطرق لفلسفة الحقوق المسلوبة وطرق انتزاعها على طريقة ( الحگوگ تريد حلوگ) او ( المايحوف مو زلمه) وغيرها من الاقوال المتداولة في ايامنا هذه ولكني أبحث صدقًا عن العقاب أو كما يروج له انهاء الافلات من العقاب.
ما قالته السيدة بلاسخارت في مجلس الامن الدولي ومعرفتها بحجم الفساد وحجم الرفض الشعبي وتؤكده مرارًا الا انها في ذات الوقت تشيد باجراء الحوار بين الاطراف التي عُرفت بفسادها فماذا تريد السيدة ومجلس الامن من هكذا حوار هل يريدون ان يصنعوا منا مجرمين؟ بنظرهم طبعًا، وما تفضلت به مبعوثة الامم المتحدة هو تشخيص صحيح ولكن كيف السبيل الى القضاء على الفساد وأين العقاب؟
رغبة السيدة في اجراء حوار وتشكيل حكومة من ذات الاطراف السياسية التي وصفتهم بالفاسدين ضمنًا هي رغبة دولية سببها ازمة الوقود التي تتعرض لها دول العالم بعد الحرب الروسيه الاوكرانية، وهذه الورقة تعتبر ورقة رابحة وقوية يستند عليها اغلب السياسيين واحزابهم للتمكن من فرض سلطتهم للفوز بالمكاسب المعهودة، الا ان الامور قد تتطور وتكون ذات الورقة هي وسيلة ضغط وتهديد بالانقطاع اذا ما لم يثمر حوار المتخاصمين واذا اثمر سنشهد عملية اعادة تدوير بائسة كسابقاتها.