العلة الجوهرية الفاعلة بالتداعيات العراقية , تتلخص بفقدان المنطق الوطني وسيادة المنطق الطائفي , ولهذا لن يحصل أي تقدم وإنفراج في الحالة القائمة , وقد تجري بعض الترقيعات , لكنها لن تكون شافية وقادرة على بناء وطن , وإستتباب الأمن والسلام , وتحقيق تطورات إقتصادية وعمرانية ومعرفية متوافقة مع حقوق الإنسان الطبيعية.
فالكثير من المتفاعلين مع الواقع المضطرب , يقتربون منه بمنظار طائفي , ويحسبون أنهم سيأخذون البلاد إلى بر الأمان , وهذا إنحراف في التقدير والتحليل , وترسيخ لما هو قائم بما هو قادم.
فالإقترابات الطائفية ضد الحياة الحرة الكريمة , والإقترابات الوطنية هي التي أوجدت الأوطان الحرة المتقدمة السعيدة.
فأوطان الدنيا فيها عشرات الطوائف , وتجمعها طائفة الوطن , تأملوا الهند واليابان والصين والدول الغربية كافة , فستجدونها تزدحم بالطوائف المذابة في وعاء وطني يحافظ على مصالحها أجمعين.
فلماذا في مجتمع فيه بضعة طوائف , ينتفي الوطن ويسود النفس الطائفي؟!!
هل يجد أصحاب الأقلام الطائفية أن فيما يرونه الحل الناجع؟
ولماذا التركيز على النَفس الطائفي في معظم النشاطات؟
الطائفية تتقاطع مع الوطنية , لأنها ستكون مرتعا للتبعية والتقليدية , والإنقضاض على الوطنية , فلا يوجد طائفي وطني , ولا وطني طائفي , فالمساران لا يلتقيان , ولا يتمازجان , فالطائفي يحسب الطائفة وطنه , والوطني يرى أن الوطن لجيمع الطوائف , والقيمة العليا وكل قيمة دونه.
إن السبيل الأصوب للخروج من النفق المأساوي الطويل , يكون بتغليب الوطني على الطائفي , ومن غير ذلك , فكل حديث عن حاضر زاهر ومستقبل سريع , ثريد حول صحون الويلات والتداعيات المريرة , التي بموجبها يتحول الناس إلى عبيد لهذا وذاك من العمائم الطائفية.
فالإيمان بالوطن وقيمة المواطنة عزة وكرامة!!