قبل عقود او سنوات كان العرب والمسلمون يبتهجون حينما يشاهدون عملية ( فدائية) مثل عملية “آيات الاخرس” ضد الاسرائيلين في فلسطين المحتلة , اذ كان الفلسطيني او العربي او المسلم يفجّر نفسه او يفجر قنبلة في جمع من الجنود او حتى المستوطنين الاسرائيلين . يومها كانت اسرائيل تعيش ذعرا وخوفا ورعبا يوميا , تسبب بولود فكرة الهجرة المعاكسة لدى اسرائيليين بعودة المستوطنين الى الدول الامهات التي وفدوا منها , هذه الحال درسها الاسرائيليون وبحثوها بعمق طوال سنوات , وكانت نتيجة الدرس والبحث ان خرجوا برؤية وخطة ستراتيجية ويرامج لتحويل سلاح (الفداء) والتفجيرات في فلسطين الى سلاح (الانتحار) والمفخخات واخراجه من فلسطين المحتلة ( اسرائيل) الى الدول العربية والاسلامية , لا بل استخدمو هذا السلاح وفق الرؤية والخطط والاهداف التي رسموها ليكون ضد كل شعوب العالم . نجح الاسرائليون بتحقيق رؤيتهم وخططهم واهدافهم بنقل معركة استهدافهم بالتفجيرات الفدائية والعادية الى العالم كافة وامريكا واوروبا خاصة , كان ذلك عندما استطاعوا اختراق المجتمع العربي والاسلامي المتخلف , وخلقوا له عدوا آخر , عدوا غير محصن او في غفلة من امره , مما سهل على الارهاب الاسلامي العربي الوصول الى اهدافه في امريكا واوروبا وبقية العالم , الامر الذي حقق هدفين في وقت واحد , الهدف الاول تخفيف الضغط (الفدائي) عن اسرائيل وكيانها الذي بدأ يتحصّن بشكل افضل , والهدف الثاني ان كسبت اسرائيل حلفاء لها ضد العرب المسلمين . بعد ان ذاق هؤلاء الحلفاء هول وقسوة الارهاب عليهم . فصار العالم ينظر الى اي عمل ( فدائي) في فلسطين المحتلة بعين وشعور الاسرائيلين وليس بعين الفلسطيني الذي سُلبت ارضه وهُجّر وقُتل واعتقل . لم يكتفِ الاسرائيليون بهذا النتائج , والاهداف التي حقوقها , بل كانت رؤيتهم وخططهم واهدافهم قد نجحت نجاحا باهرا ومثيرا . حين نقلت ” الفداء” الذي حولته الى “انتحار” الى عقر دار العرب والمسلمين . اليوم يتحدث العرب والمسلمون بمرارة والم شديدين عن الارهاب الذي يضرب الشعوب العربية . ففي العراق كان الاشد والاقسى وقد تحول الى ابادة جماعية ضد العراقيين والحال لا يختلف كثيرا في سوريا ولبنان ومصر تونس واليمن . بعد نجاح الاسرائيلسن بتحويل الفداء في فلسطين المحتلة الى انتحار باحزمة ناسفة وسيارات مفخخة وعبوات ناسفة داخل الدول العربية والاسلامية , اصبحنا نرى مئات الآلاف من الابرياء يحصدهم الارهاب ومستمر بحصد المزيد منهم , بينما المستوطنون والجنود الاسرائيليون ينعمون بالامن والامان . وبينما كان العرب والمسلمون يتحدثون عن حرب ضد اسرائيل لاستعادة فلسطين نراهم اليوم يعيشون بخوف وحذر ورعب من الارهاب الذي كان قبل سنوات خلت ( فداء) بل ويحشدون ويستخدمون كل طاقاتهم المادية والسياسية والاقتصادية والامنية والاجتماعية والدينية في سبيل مواجهة هذا الارهاب . بينما الاسرائليون يقضمون فلسطين بشهية وهم آمنين , يضربون كائن من يكون من العرب والمسلمين وفي اي مكان يُريدون . اليوم ردّ الاسرائيليون سلاح العرب الى نحور العرب , وهو ينحرهم بشكل فضيع ومرعب . لا اعتقد ان بمقدور العرب استرجاع سلاحهم ( الفداء) لانه تحول الى ارهاب وقد اغرقهم بدماء الابرياء من الرجال والنساء والاطفال . ولا اعتقد ان العرب قادرون على قلب الطاولة على الاسرائيليين , لانهم هم انفسهم صاروا يرون ” الفداء, الارهاب, ” بعيون الاسرائليين ناهيك عن بقية شعوب العالم . فحزب الله ” مثلا” العدو اللدود لاسرائيل بات اليوم عدوا لدودا للعرب قبل الاسرائليين , ولا يملك العرب قوة سياسية ترغم اسرائيل على اعادة حق الشعب الفلسطيني . العرب اليوم وبفعل العقل الصهيوني الخبيث الوفي لمعتقده اصبحوا ليس اكثر من اعراب همج بدائيين , يتوجب على العالم ان يضعهم في محمية طبيعية ليعشوا كقطعان جواميس تقتات عليها المفترسات من الضباع الاسرائيلية .