لايزال العراق يرزح تحت حكم الجبابرة .. فقد مر ربع قرن وشعب العراق يدفع اثمان باهضة جراء حقبة زمنية تمثلت بنظام البعث الممقبور .
جر العراق لويلات الحروب والدمار خلال فترة الحكم المنصرمة ، نتيجتها الخاسر الاول والوحيد فيها هو الشعب .
وسوف ينتهي ربع قرن اخر لفتره حكام التوافق والمحاصصة الجدد ، حيث اوصلوا الشعب لحاله من البوس والشتات والفساد والسرقة وهدر المال العام . وايضا الخاسر هو الشعب العراقي .
فكل هذه الصولات والجولات للحكومات المتعاقبة من البعث المقبور الى التوافق والمحاصصة المقيته ، انتهجت نفس النهج في الادارة والحكم وفق المبدأ الميكافيلي ، دون النظر والاهتمام بالشعب .
فيا ترى اختلف الحكومات وكل حكومة تلعن سابقتها الا انهم يسيرون وفق المعيار بالمخرجات ، وعليه استطيع ان اقول هذا ناتج بعدم التمييز وصحة الاختيار من قبل افراد الشعب .
واذا اردنا ان نصنف الشعوب بالمطلق فأن هنالك نوعين من الشعوب .
النوع الاول :- الشعوب الميتة
هذا النوع من الشعوب ما يمكن الحاكم من ان يستبيح كل شيء فيه ولاقدسية الا للحاكم ، نتيجة عدم قدرة الشعب من مواجهة اي فساد يصدر من الحاكم ، ومصداق على ذلك قوم فرعون فقد استخف بهم وجعلهم شيعا فأخذ يذبح ابنائهم ويستحي نسائهم من اجل استعبادهم ، وفعلا حصل ذلك نتيجة الاستخفاف ، اي التجهيل للشعب . فأن مدار السيطرة يكمن بتجهيل الحاكم للشعب من اجل اقتيادة بسهولة وعدم قدرته على الاعتراض على الحاكم .
فأن حال هذه الشعوب التي يسودها الخوف والجهل والفقر والفاقة والحرمان تعتبر من الناحية المنطقية شعوب ميته كونها لاتستطيع تقرير مصيرها بيدها ، وتكون اداة بيد الحاكم والحكومة ، لذا يمكن القول ان الشعوب الميته هي من تصنع الطاغوت .
النوع الثاني :- الشعوب الحية
هي الشعوب التي رسمت مستقبلها وخطته وفق معاير الحقوق تمنح ولاتستجدى من قبل الحكومات ، وان حصل غير ذلك نرى نضالها المستمر من اجل بقائها شعوبا لايمكن كسر ارادتها ، لما تملكة من الوعي والادراك والمسؤولية العامة الجماعية التي تحفظ روح المواطن والمواطنة .
بلحاظ ان هذا البلد هو ملك للشعب وما الحكومة الا عامل اجير عند الشعب ، فلا ينبغي ان يكون هنالك تبجيل واحترام وقداسة لاتستحق لمن يؤدي خدمة لللشعب مقبوضه الثمن . فهكذا نوع من الشعوب ما يصدق عليهم بأنه شعب حي كون قراره بيده .. والشعوب الحية هي من تصنع كرامتها بسلام .
تعمل الشعوب الحية دائما لرفع سقف تمنياتها لتجعله واقع امام من يريد الادارة والحكم ، وهذا المقدار هو ناتج لما تريده الشعوب بمطلبها العيش الكريم والشعب هو مصدر السلطة والقرار .
تنال الشعوب الحية جميع حقوقها وفق المتغيرات واحتياجات العيش الكريم بما يتناسب مع احتياج الفرد وتطور الحياة ويحصل ذلك بسبب الوعي العالي والادارك والايمان بأن حقوق الشعب ليس منحة من الحكومة ، بل انه استحقاق يستحة الشعب بما عليه من واجباب فأن لدية حقوق ، في حال قصرت الحكومة في اعطاء الحقوق نرى الشعب يقف وقفة واحدة يطالب بمحاسبتها .
وفي نفس الوقت تسعى جميع الحكومات وتستخدم شتى السبل من اجل السيطرة والهيمنة على شعوبها ، من اجل سلبة قوته وهيمنته وشرعيته ليكون التسيد والتحكم بيد الحكومة المتمثلة بالحاكم .
وبما ان الشعوب تم تصنيفهم لنوعان ، ايضا توجد الحكومات على شكلين .
الشكل الاول :- الحكومة المنتخبة
وهي الحكومة التي يتم انتخابها وفق اراده الشعب وعبر الطرق الشرعية وحسب المعاير والميثاق الذي اتخذه الشعب ليكون وجود هذه الحكومة هو قرار شعبي يمنحها الصلاحية والشرعية لممارسة خدمتها لجميع مكونات وافراد الشعب دون تمييز ، من اجل تنظيم شكل العلاقة بينهم والعليا تبقى للشعب بأعتبارة مصدر السلطة والقرار .
الشكل الثاني :- حكومة الظل
هي حكومة تقف خلف الحكومة المنتخبة من الشعب ، حيث يقف خلف كل وزير شخصا اخر سمسار يتحكم به ويديره كيف ما يشاء ولمصالح الحزب ، واخر مليشياوي وقح يتحكم بالجيش و بيده مركز القرار العسكري لوزارة الدفاع، وملياردير فاسد يرسم سياسة الاقتصاد في البلد ، وصحفي بوق يتحكم بمخرجات الإعلام وفق مايريد ، ومحامي مزور يتحكم بدائرة القضاء ويسيرها حسب ما يشاء دون رادع او خوف من اطلاق سراح واعتقال اي شخص لايتوافق مع متبنياتهم .
نظام سياسي محكم يسير وفق قوانين وضوابط مرتبه . عملهم في الخفاء والظل يمكن تسميتهم ايضا بالدولة العميقة . هي من ترسم وتحدد اليات وسن القوانين وكسر القرارات القظائية لصالح من يريدون . من اجل كسر الشعب وتركيعة وسحب سلطته وشرعيته بطرق تجعل منه شعب بائس فقيرا فاقد للاهلية في تقرير مصيره نتيجة تفشي الجهل والجوع فيه .
فبعد تحديد الشعوب والحكومات ، يمكن توجيه سؤالين منطقيين ونحاول الاجابة عليهما بمنطق فرض السؤال .
السؤال الاول :- ما هو شكل الحكومات التي حكمت العراق منذ زوال حقبة البعث وليومنا هذه ؟ .
جواب السؤال وبدون ادنى شك ان المتنفذ وصاحب السيطرة والقرار هي حكومة الظل ، فأن لها الحاكمية المطلقة على جميع مفاصل الحكومة المنتخبة ، فأن حجم هذا الفساد المقنن و الخراب والدمار والجهل المتفشي في اوساط الشعب الذي يعاني الحرمان من العيش الكريم الذي يشهده العراق ، ما هو الا نتيجة حتمية لممارسات الحكم من قبل حكومة الظل . وبعبارة ادق ، شخوص الدولة العميقة .
السؤال الثاني :- شعب العراق من اي نوع هم ؟.
جواب السؤال :- يمكن القول جزما ان شعب العراق يعد من الشعوب الحية والميته بذات الوقت . وهذا يعود لعده اسباب منها .
السبب الاول :- عدم وجود رؤية موحده للشعب مما جعله شعبا مشتت دون رؤية واضحة بتحديد لم المسار الذي يسلكة لتحقيق اماله وكرامته ، ولائاته الخارجة لدول اخرى اضعفت هيبته وضيعت حقوقة .
السبب الثاني :- الشعب العراق متقلب المزاج في التعاطي مع الحكام ، فأنه تواق لامزجة الحكام وهذا ما يفقده قيمته الشخصية فأستغلها جميع الحكام .
السبب الثالث :- صعوبة الانصياع تحت قيادة موحده جماهيرايا ، لان كل عراقي يجد بنفسه قائدا ، مما افقدهم قوة التوحد ، فأن توحد شعب العراق لهزم كل حاكم يفكر بسرقته او ظلمة بما يملك من روح تضحية وفداء وشجاعة .
السبب الرابع :- العاطفة سمه غالبة على الشعب العراقي فأن جميع متبنياته الحقوقية يبنيها بهذا الاتجاه ، ما جعل الحكام تطمع بحقوق الشعب وتسلبهم مكانتهم .
السبب الخامس :- مضحي بلا هدف ، او جالس ينتظر الفرج ، الشعب العراقي مندفع نتيجة انفعالات معينة اما تفريط او افراط . هذا ما جعلت منه شعب لايمكن ان يقوم بعمل ويتمه للنهاية مهما تكن نهاية العمل . وهذا ما افقده مسك زمام المبادره بيده .
اعتقد ان هذه الاسباب بتناقضاتها المتداخلة في مابينها يمكن ان تشكل لنا لون رمادي لايمكن ادراجة ووصفه انه ابيض وكذلك الحال بعدم نعته بالاسود . لذا قلنا ان شعب العراق يعد من الشعوب الحية الميته بنفس الوقت ، لعدم وضوح معالم صورته.
ولكن في اعتقادي ان الجيل الجديد من الشعب العراقي يمكن ان يقلب موازين الحكم في العراق ، ويكون صاحب السلطة والقرار اذا عمل على اصلاح ذاته من خلال ايمانه بمشروع ان الدولة هي الشعب ، والشعب هو الدولة .
حينها سوف يتحقق المطلب ويكون شعب العراق في مصاف الشعوب الحية التي تسن القوانين التي تحفظ كرامته وعيشه الرغيد دون منه من احد .
وهذا الشعب سوف يحطم كل قيد يضع امامه فلا صبات تمنعه وتحاصره ، ولاقوة مدججة بالسلاح تخيفة وتمنعه ، وكل حاكم فاسد سوف يهاب سطوته نفوذه وجبروته ، وان الحكومة ما هي الا اداة بيد الشعب الحي .
ان تحقق ذلك وانتفض شعب العراق واعلنها صرخة مدوية بوجة الحاكم الظالم الفاسد بأنه شعب حي يطالب بحرية الكرامة وكرامة العيش الرغيد ، يمكن القول ان الشعب يحاصر الحكومة . وليس الحكومة تحاصر الشعب .
وان لم يكن ذلك وبقى شعب العراق على ما هو عليه فأن الحاكم الفاسد سوف يزيد بفساده وفجوره وسيكون مصير الشعب محاصر من قبل الحكومة .