بالرغم من المخاوف بشأن تجدد الصراع الداخلي في البلاد،إلا إن الجميع مقتنع تماماً بأن الجميع خاسر في هذا الصراع،وذلك لعدم وجود طرف أقوى من الطرف الآخر،ولا يملك القوة بما يكفي للقضاء على منافسه،كما أن المثبط الآخر هو ارتفاع أسعار النفط، حيث يريد الجميع الاستفادة من تدفق الإيرادات إلى خزائن الدولة،إلى جانب أن القوى الإقليمية تبحث عن عراق مستقر.
تنبع الصعوبات التي تواجهها النخب السياسية في عدم قدرتها على التفاهم السياسي فيما بينها،إضافة إلى التأثير السلبي الخارجي والذي انعكس على هذه العلاقة بين القوى عموماً،لذلك نجد أن القادة السياسيون يقفون لوحدهم في مواجهة الخلاف فيما بينهم،والذي بالتأكيد يعد ضرورياً في رفاهية النظام السياسي على المدى البعيد، ولكن في الوقت نفسه فان هذا الخلاف قد يحمل بين ثناياه مخاطر العنف على المدى القصير عندما لايجد القادة السياسيون أي وسائل للتفاهم فيما بينهم .
من الضروري على الدول الإقليمية والمجتمع الدولي أن تشجع الدعوات الداعية للحوار،من مختلف القوى السياسية،وبما ان تشكيل حكومة توافقية جديدة ربما يكون بعيداً،ولكن من المفيد السعي إلى أيجاد أرضية جيدة لمثل هذا الحوار،بعيداً عن التفرد بالقرار ومحاولة “كسرالارادات”،وفي نفس الوقت ينبغي التركيز على إجراء انتخابات جديدة،على أساس تغيير القانون الانتخابي وإيجاد مفوضية عليا جديدة،وكل هذا لايمكن إلا بوجود برلمان قادر على إيجاد مثل هذه المتغيرات ومن ثم حل نفسه ، وإجراء انتخابات مبكرة في وقت مداه السنة ونصف .
أغلب استطلاعات الرأي تشير وبصورة واضحة إلى وجود أحتمالية حل الجمود،لان الكتل السياسية ستسعى إلى تغيير القانون الانتخابي، أو على الأقل تعيد رسم حدود الدوائر الانتخابية لتضييق الفجوة بين “التيار الصدري والإطار التنسيقي”، كما أن على المدى البعيد سيحتاج العراق إلى مساعدة دولية في إيجاد التعديلات الضرورية على بعض بنود الدستور،وهو السيناريو الذي نوقش بعد تظاهرات تشرين الماضي،ولكن أمام هذه المطالب ينبغي أن يكون هناك أرضية مهيأة قبل النظر بأي تغيير في النظام السياسي العراقي،لذلك فان إجراء حوار وطني يعد من مقدمات إجراء أي تغيير محتمل.
أصبح واضحاً لدى القوى السياسية جميعاً أن الصراع السياسي لن يجدي، ولن يصب في مصلحة أحد وان أي صراع سيكون الخاسر هو الجميع دون استثناء،لذلك الطريق الأسلم هو الحوار والذهاب نحو إجراء انتخابات مبكرة وبما يحقق التوازن السياسي المطلوب.