أُمْنِيَة كُلِّ سَجِينٍ مَظْلُومٍ هِيَ اَلْحُرِّيَّةُ وَالْعَيْشُ بِسَلَامً وَفِي دَاخِلِ سِجْنِهِ تَرَاهُ يَنْظُرُ دَائِمًا لِلشِّبَاكِ اَلْمُرْتَفِعِ لَعَلَّهُ يَرْتَقِي إِلَيْهِ وَيَنْظُرُ مَاذَا يَحْدُثُ خَارِجًا أَوْ يَتَّخِذُ مِنْهُ مُتَنَفَّسًا لَعَلَّ نَسَمَةَ هَوَاءٍ طَارِئَةٍ تَمُرُّ مِنْ أَمَامِ أَنْفِهِ وَيُغَيِّرُ رَائِحَةَ اَلسِّجْنِ اَلْمُتَمَرْكِزَةِ فِي جَوْفِهِ . لَقَدْ ضَاقَ اَلْأَمْرُ عَلَى اَلنَّاسِ حَتَّى أَصْبَحُوا سُجَنَاءَ لَا يُمَيِّزُونَ بَيْنُ اَللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ، اَلْكُلَّ تَسْعَى جَاهِدَةً مِنْ أَجْلِ اَلْحُصُولِ عَلَى مَايعِيلْهَا وَسَدُّ رَمَقِ أَطْفَالِهَا وَتَأْمِينُ مُتَطَلَّبَاتِ حَيَاتِهِمْ . سِجْنٌ كَبِيرٌ يَضُمُّ اَلْمُوَظَّفُ وَالْعَامِلُ وَالْعَسْكَرِيُّ وَاَلَّذِي لَا مُعِيلُ لَهُ غَيْرُ اَلرَّحْمَنِ تَعَالَى وَكُلّهَا تَتَطَلَّعُ إِلَى شُبَّاكٍ وَاحِدٍ يَعْلُو سَقْفَ سَجْنِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَنْظُرُونَ عَنْ كَثَبِ مَاذَا يَحْدُثُ وَمَاذَا هُنَاكَ خَلْفَ اَلْكَوَالِيسِ أَتْعَبَهُمْ اَلسَّعْيُ وَرَاءَ رِزْقِ أَطْفَالِهِمْ ومَايْحَصَلْوَا عَلَيْهِ لَا يَتَبَقَّى مِنْهُ شَيْءٍ لِلْقَادِمِ مِنْ اَلْأَيَّامِ ، تَعُدْ أَيَّامَ اَلشَّهْرِ وَخِتَامِ اَلْمِسْكِ عَشَرَةَ آلَافِ أَوْ أَكْثَرَ بِقَلِيلٍ يَتَبَقَّى فِي جَيْبِهِ أَمَّا مَا تَمَّ قَبْضُهُ فَمَصِيرَهُ بَائِعُ اَلْخُضَارِ وَالْمَوَادِّ اَلْغِذَائِيَّةِ وَبَائِعِ اَلْمَلَابِسِ وَجِزَارَةِ اَلْأَطِبَّاءِ . وَالْعَامِلُ أَسْمَرَة بَشَرَتَهُ وَاحْدَوْدَبَ ظَهْرُهُ وَكُلُّ سَاعِدِهِ وَخِتَامُ مَسْكِهِ يَنَامُ مُبَكِّرًا فَاتِحَ فَآهْ مِنْ شِدَّةِ اَلتَّعَبِ لِيَسْتَيْقِظَ مُبَكِّرًا وَكَأَنَّهُ عَادَ بِخُفَّيْ حُنَيْنْ . وَالْفَقِيرُ لَهُ اَللَّهُ لَا غَيْرٌ . أُكْذُوبَاتٌ كَثِيرَةٌ تَطْرَحُ فِي سَاحَةِ اَلسِّجْنِ اَلْكَبِيرِ ، اَلْقَادِمَ أَفْضَلَ ، هَذَا مَا يَتَدَاوَلُهُ اَلسُّجَنَاءُ وَالْكُلَّ تَنْتَظِر اَلْخُرُوجَ ، لَكِنْ لِأَجْلٍ غَيْرِ مُعْلَنٍ . إِنَّ سِيَاسَةَ اَلتَّدْوِيرِ لِلْأَمْوَالِ اَلْمُتَّبَعَةِ هِيَ سِيَاسَةٌ قَذِرَةٌ فَأَشْغَالَ اَلنَّاسِ بِمَصَادِرِ رِزْقِهِمْ اَلْهَدَفُ مِنْهَا أَشْغَالُهُم حتى لم يعودوا يُمَيِّزُوا بَيْنُ صَالِحٍ وَطَالِحٍ فيتناسوا قضية الوطن ، اَلْكُلَّ مُجْرِمُونَ وَجَرَمَهُمْ أَنَّهُمْ وُلِدُوا بِكَوْكَبِ اَلْمُشْتَرِي وَحَمَلُوا هُوِيَّتَهُ وَانْتَمَوْا إِلَيْهِ وَتَحَمَّلُوا وِزْرَ مِنْ أَنْجَبُوهُ وَظَموه إِلَى قَائِمَةِ اَلظُّلْمِ اَلْقَائِمَةِ مُنْذُ عَشَرَاتِ اَلسِّنِينَ . اَللَّهُمَّ فَرَجّكَ اَلْقَرِيبُ فَقَدْ طَالَ سِجْنُ اَلنَّاسِ دُونَ ذَنْبٍ اِرْتَكَبُوهُ وَلْأَسْبِيلْ لِخُرُوجِهِمْ إِلَّا سَبِيلَكَ . دُمْتُمْ بِخَيْر