“تغير مناخي” لا يستثني أحدًا .. “آسيا” تُعاني تقلبات مناخية تُهدد بقية العالم !

“تغير مناخي” لا يستثني أحدًا .. “آسيا” تُعاني تقلبات مناخية تُهدد بقية العالم !

وكالات – كتابات :

أدت تقلبات المناخ في “آسيا”، التي تراوحت بين درجات الحرارة المرتفعة والجفاف المتكرر والأمطار الغزيرة هذا الصيف، إلى خنق القارة وتعرض اقتصاد العالم للخطر، حيث أجبرت الصناعات على الإغلاق، وأبطأت التجارة العالمية، وعطّلت الإمدادات الغذائية، وقلبت حياة الناس العاديين الذين يعيشون في بعض الدول والمدن الأكثر اكتظاظًا بالسكان.

على مدى أشهر، شهدت بلدان منطقة “آسيا” و”المحيط الهاديء” مزيجًا من الأمطار الغزيرة وارتفاع درجات الحرارة؛ مما أدى إلى ظهور أنماط طقس غير متوقعة، حسبما ورد في تقرير مجلة (فورين بوليسي) الأميركية

ففي “باكستان”، التي لا تُهطل الأمطار عادة فيها كثيرًا، تسببت ثماني دورات من الرياح الموسمية في تشريد الآلاف من الأشخاص، وسقطت الأمطار في مدينة “كراتشي”، ذات المناخ الصحراوي بمعدل يُقارب نحو: 40 ضعف معدل الأمطار المرتفعة، وليست الطبيعية.

أما في بعض المناطق المشهورة بمناخها الموسمي الغزير الأمطار، فإن السماء لم تُعد تتساقط منها المياه على الإطلاق، مما يتسبب في نقص الطاقة؛ لأنَّ الجفاف قيّد بشدة الوصول إلى الطاقة الكهرومائية، وهذا ما يحدث في “الصين”، مصنع العالم.

“الصين” معرضة لجفاف غير مسبوق..

وأدت درجات الحرارة القياسية في “الصين”، إلى اندلاع حرائق غابات شديدة في وسط البلاد وجففت الأنهار التي تعتمد عليها المدن في صناعات الطاقة والمنازل.

وتعني الاضطرابات التي تطرأ على أنماط الطقس العادية أنَّ الأماكن المعرضة لها، إما تغمرها المياه أو تتعرض للحرق.

وتُعاني المدن في جنوب “الصين” – ولا سيما تلك الموجودة في مقاطعة “سيتشوان”، التي تحصل على: 80% من احتياجاتها من الكهرباء من الطاقة الكهرومائية – من جفافٍ شديد.

وتسبَّب مزيج من درجات الحرارة المرتفعة وبطء هطول الأمطار في توقف المسؤولين المحليين عن إمداد بعض الشركات والمصانع بالطاقة الكهرومائية. كما حذر الخبراء من انخفاض إمدادات الكهرباء لفصل الشتاء؛ بحسب مزاعم التقرير الأميركي.

قال “ديفيد فيشمان”، كبير المديرين في (Lantau Group)، وهي شركة استشارات اقتصادية مقرها “شنغهاي”؛ تُركز على صناعة الطاقة في “آسيا”: “أنت تتحدث عن موجة جفاف، وتتحدث عن الأشخاص المُسّنين الذين لا يستطيعون طلب المساعدة”.

ورغم أنَّ هذا العام لم يشهد نقصًا في الطاقة بهذه الحدة، لكن أدت مواسم الأمطار الأقل حدة من العادية إلى انخفاض إمدادات المياه، وتسبب ارتفاع درجات الحرارة في سرعة جفاف مياه الأمطار القليلة في الخزانات.

قال “فيشمان”: “عادة خلال موسم الأمطار هذا، إذا كان المطر بالمستويات الملائمة بالفعل، تكون أسعار الطاقة رخيصة جدًا”.

وأضاف أنَّ الجميع في اتجاه مجرى “نهر سيتشوان”، إلى جانب الساحل الشرقي لـ”الصين”، وهي منطقة تُعد مستهلكًا رئيسًا للطاقة الكهرومائية في “سيتشوان”، قد تضرر. ويُضاف إلى ذلك نقص المياه؛ مما يؤدي – بحسب “فيشمان” – إلى تباطؤ الإنتاج، ويؤثر في السيارات والأسمدة والصلب، ويزيد الطلب على مصادر الطاقة الأخرى، مثل الفحم.

وتابع “فيشمان”: “عندما تتأثر الطاقة الكهرومائية، فلا يحدث هذا لفترة مؤقتة. فقد انخفض الأداء طوال شهري تموز/يوليو، وآب/أغسطس، وهذا يعني أنه مع دخول الخريف والشتاء، سيكون إنتاج الطاقة الكهرومائية قد نفد”.

وهذا يعني العودة إلى الأشياء ذاتها التي تُساهم في الطقس الغريب في المقام الأول. قال عالم المناخ والمياه؛ “بيتر غليك”، إنَّ العودة إلى الفحم وغيره من المصادر غير المائية: “يُساهم في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، ويُزيد من مخاطر تغير المناخ، وهذه من المفارقات”.

“كوريا” و”الفلبين” تغرقان..

ويوم الثلاثاء 23 آب/أغسطس، أجبرت عاصفة إستوائية عاتية في “الفلبين”؛ المدارس، على الإغلاق في اليوم التالي مباشرةً لاستئناف الحضور الشخصي إلى الفصول الدراسية لأول مرة بعد الإغلاق على مستوى البلاد، والتحول إلى التعلم عبر الإنترنت بسبب جائحة (كوفيد-19).

وأعلن الرئيس الفلبيني؛ “فرديناند ماركوس جونيور”، في بيان أنَّ المباني الحكومية في بعض المناطق الحضرية الأكثر تصنيعًا أغلقت أيضًا؛ يومي الثلاثاء والأربعاء. وفي وقتٍ سابق من هذا الشهر، غمرت الأمطار الغزيرة في “كوريا الجنوبية”؛ الطرق في “سيول”؛ مما تسبب في إنهيارات أرضية ومقتل ما لا يقل عن: 08 أشخاص، بما في ذلك أسرة واحدة تعيش في نصف قبو – وهو نوع من المساكن ذات الدخل المنخفض، التي تُشكل حوالي: 5% من منازل المدينة.

وقال “بيتر غليك”، عالم المناخ والمياه والمؤسس المشارك لمعهد “باسيفيك” غير الربحي: “تمثّلت  المشكلة دومًا في أنَّ الفئات الأضعف في المجتمع هي الأفقر والمجتمعات المهمشة، والمجتمعات التي ليس لديها القدرة على الصمود”.

أمطار لم تشهدها “باكستان” من قبل..

في “باكستان”، تسبّبت الرياح الموسمية الغزيرة والفيضانات الشديدة في مقتل ما لا يقل عن: 900 شخص وتدمير ما لا يقل عن: 95350 منزلاً؛ منذ منتصف حزيران/يونيو، وفقًا لـ”مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية”.

صرّحت الوزيرة الفيدرالية الباكستانية للتغير المناخي؛ “شيري رحمان”، لشبكة (سي. إن. إن) الأميركية؛ يوم الأربعاء 24 آب/أغسطس: “إنها كارثة إنسانية خطيرة. تهب لدينا رياح موسمية كل عام… لكن لم نشهد شيئًا مثل هذا من قبل. نسبة غزارة الأمطار هذه هائلة”.

وقالت الوزيرة إنَّ “كراتشي”، أكبر مدن “باكستان”، شهدت في وقت من الأوقات ما يقرب من: 16 بوصة؛ (40.6 سنتيمتر)، من الأمطار تتجمع في غضون ساعات قليلة. بينما يُعتبر هطول الأمطار الذي يزيد على: 1/3 بوصة؛ (0.8 سنتيمتر)، في الساعة أمطارًا غزيرة جدًا، أي إن كميات الأمطار تُعادل: 50 أو 40 ضعف المعدلات المرتفعة.

وأضافت الوزيرة “شيري”: “لا توجد مدينة منظمة أو مجهزة أو قادرة على التكيف مع المناخ لدرجة تُمكِّنها من التعامل مع هذه الكمية من المياه في مثل هذا الوقت القصير”.

لكن العواصف الأصغر حجمًا تُثير القلق أيضًا، لا سيما في “جنوب شرق آسيا”؛ حيث تضررت المناطق الريفية في “إندونيسيا” بشدة.

قال “آدي سوكاديس”، المدير التنفيذي في منظمة (Mercy Corps Indonesia) غير الربحية: “المواد الغذائية الأساسية – الأرز والذرة والخضراوات – هي الأكثر تضررًا من الفيضانات. فهي تنمو بالقرب من ضفاف الأنهار، التي يرتفع منسوبها خلال فترات هطول الأمطار الغزيرة؛ لذا فإنَّ المواسم المطيرة يمكن أن تُدمر في الواقع المحاصيل الأهم لأنظمة الغذاء والصادرات”.

وفي حين توقع خبراء المناخ في “إندونيسيا”، رابع أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان، زيادة حرائق الغابات هذا العام، شهدت البلاد بدلاً من ذلك زيادة في الفيضانات المفاجئة خلال أشهر الصيف المُطيّرة. ورغم أنَّ موسم الأمطار الأطول سمح للمزارعين بإنتاج مزيد من دورات المحاصيل، تزداد صعوبة التنبؤ بالمحاصيل.

لماذا يُعد تغير المناخ في “آسيا” أشد ضررًا من المناطق الأخرى ؟

لا يمكن اعتبار أزمة المناخ في “آسيا” فريدة من نوعها بأي حال من الأحوال؛ إذ تستعد “أوروبا” لشتاء أشد برودة من المعتاد، وشهدت دول “البحر المتوسط”؛ ​​في الأشهر الأخيرة، مزيجًا مُدمرًا من الحرارة والجفاف.

لكن “آسيا” تتميز بتنوع شديد، ولديها قدرات مختلفة للاستجابة لتحديات تغير المناخ، وهي مليئة بالسكان. قال عالم المناخ والمياه؛ “بيتر غليك”: “الهند والصين لديهما عدد كبير جدًا من السكان. ولهذا السبب، لديهما أعداد كبيرة من الأشخاص المُعّرضين لهذه الأحداث”.

كما أن دور “آسيا” في سلاسل إنتاج وتوريد المنتجات الصناعية أو الغذائية أكثر أهمية من أي منطقة أخرى في العالم، والأهم أن دول “آسيا” كبيرة السكان بشكلٍ يجعل مساعدتها في أي كارثة أمرًا صعبًا، كما أن أي هجرات جراء تغير المناخ في “آسيا”؛ التي يعيش بها مليارات البشر سوف تكون لها نتائج مُزلزلة على بقية العالم، أكبر بكثير من الهجرات الناجمة عن التغيرات المناخية في “إفريقيا” و”الشرق الأوسط”.

وإلى جانب زيادة وتيرة الطقس المتطرف والطبيعة، التي لا يمكن التنبؤ بها لتغير المناخ، من المستبعد أن يسلم أي مكان – من الريف إلى المدن – من هذه الاضطرابات.

وقال “آدي سوكاديس”: “لا أعتقد أنَّ الحكومات جاهزة للتعامل مع نقاط الضعف التي يُسببها تغير المناخ”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة